كيف يرضى الله عني ويستجيب دعائي

رضى الله

(رضى الناس غاية لا تدرك، ورضى الله غاية لا تترك)؛ لأنّ حياتنا ومماتنا بيده سبحانه، نعيش في ضل رحمته وقدرته .. وهو خالقنا بأحسن صورة وأنعم علينا من فضلة، وجب علينا أن نشكره بما يليق بجلالة قدره وعظيم سلطانه، وأن نتبع كل ما أمرنا به ولا نعصي له أمراً ونجتنب ما نهانا عنه، لنيل رضى الله سبحانه وتعالى وهو الطريق ليُسر الحياة واستجابة الدعاء.

في الطريق لله تعالى ونيل رضاه يجب أن نرتكز على بعض الركائز الا وهي أن نعبده سبحانه ولا نشرك به شيئا، وأن نتمسك بكتابه وسنة نبيه، ولا نحيد عنهما ما حيينا، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إن الله يرضى لكم ويكره لكم ثلاثاً: فيرضى لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال).

نيل رضى الله

بيّن لنا رسول الله أن العبد يتوصّل لرضى الله تعالى بقيامه بأعمال كثيرة، من ذلك اتّباع أوامره سبحانه والالتزام بالصلاة، والتقرب لله بالصوم، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، قال: قال ربكم -عز وجل-: عبدي ترك شهوته وطعامه وشرابه ابتغاء مرضاتي، والصوم لي وأنا أجزي به)، ومن ذلك أيضاً ذكر الله تعالى في كل وقت وحين، فعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأرضاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟) قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: (ذكر الله).

إنّ من أهم أسباب رضى الله تعالى، الجهاد في سبيل الله، فعن ابن عمر-رضي الله عنهما- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يحكيه عن ربه -عزّ وجلّ-: (قال أيما عبد من عبادي خرج مجاهداً في سبيل الله ابتغاء مرضاتي ضمنت له أن أرجعه إن أرجعته بما أصاب من أجر أو غنيمة، وإن قبضته غفرت له ورحمته)، وكذلك اتّباع سنته صلّى الله عليه وسلّم لنيل رضى الله وشفاعته عليه السلام، قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) سورة الأحزاب آية (21). وعن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد) وفي هذا الحديث دليل على أن رضى الله من رضى الوالدين، فالاحسان لهما ومعاملتها بود وأحترام وعدم نهرهما وإطاعتهما من أهم أسباب رضى الله .

إنّ كل هذه الاعمال والتقرب لله تؤدّي الى أعمال تنبع من القلب تظهر على اللسان والجوارح وحسن التعامل مع الناس، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم).

ما بعد رضى الله

بعد رضى الله عنك سيرضيك بقضاءه ويستجيب لدعائك فكن عبدا شكوراً لحوحاً في طلبك متضرعا لربك، كن مع الله في السراء والضراء ليستجيب لك، ثم استغلّ أوقات استجابة الدعاء مثل ليلة القدر وآخر الليل، ويوم الجمعة وبين الأذان والإقامة، وعند نزول المطر، وعند التقاء الصفين في الحرب، وعند الكعبة، وفي السفر ودعاء الصائم والمظلوم وفي السحور، ولا تكن أنانياً في دعائك بل أدعو لأخيك المسلم عن ظهر غيب، روى أبو داود وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إذ دعا الغائب لغائب قال له الملك: ولك مثل ذلك”. كما أن هناك أشخاصاً يعطيهم الله نعمة استجابة الدعاء، وكان ذلك لبعض الصحابة كما حصل لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

أخيراً عليك الالتزام بأداب الدعاء وهي افتتاحه بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وختمه بذلك، ورفع اليدين، وعدم التردد، بل ينبغي للداعي أن يعزم على الله ويلح عليه. صلّى الله وسلّم وبارك على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.