طريقة غسل الميت

الموت عند المسلمين

يُعَرَّف الموت بأنّه: زوال الحياة عن الكائنات الحيّة،[١] فالإنسان الميّت هو: من خرجت روحه من بَدنه، فظلَّ من بعد خروجها جثَّةً هامدةً، لا نبضَ فيها، ولا نَفَس يجري؛ أمّا في الإسلام فإنّ المسلم يعتقد أنّ الموت مرحلة تفصل بين حياتين، هما: الحياة الدنيا، والحياة الآخرة، فلا وصول إلى الآخرة دون أن يموت الإنسان وينقطع عن الحياة الدنيا، وقد أكَّدَ الله -تعالى- في كتابه العزيز ذلك، فقال: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)،[٢] حيثُ قدّم الله -تعالى- الموت على الحياة في الآيّة الكريمة؛ لأنّ الموت يفتح الباب؛ للوصول إلى الحياة الحقيقيّة في الآخرة.

يدْرِكُ المسلم الفَطن هذه الحقيقة التي أرادها ربّه -عزَّ وجَّل-، فيبادر إلى فعل الطاعات، والإكثار منها، واجتناب المُحرّمات، والنواهي؛ حتى يكون من الفائزين يوم القيامة، ويُعينُه على ذلك يَقِينُه بأنّ الموت لا محالة مُلاقيهِ، لا فرار منه، ولا انفكاك، قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)،[٣] كما حثَّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم- المسلمين على استذكار لحظات الموت في حياتهم؛ حتى يُعينَهم على التحضير والاستعداد لها على الوجه الذي يُرْضي الله، وقد أسماه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- هادم اللذَّات؛ إذ قال: (أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اللذَّاتِ. يَعْنِي الموْتَ).[٤][٥] ومن الجدير بالذكر أنّ الإسلام أولى اهتماماً بالميّت منذ لحظة وفاته، وورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ذِكر مُفصَّل للطريقة الإسلاميّة في تغسيله، وتكفينه، وفي هذا المقال توضيح ذلك.

طريقة غسل الميت

تأتي خطوات تغسيل الميّت في السنة النبوية على النحو الآتي:[٦]

  • يَمُدّ المُغسِّلُ الميِّتَ على السرير، ويستُرعورته ما بين السرَّة والركبة عن الأعين، ويُجرّده من ثيابه، وقِيل: إنّ ستر العورة واجبٌ على المُغسِّل.
  • يَلْبس المغسِّل قفّازاً؛ فينجي الميت، ويغسل عورته، ويطهِّرها بالماء، ويُنقِّيها، ولا يَحِلُّ له أن يلمس عورته دون حائل إذا كان الميّت فوق سبع سنوات.
  • يستحضر المغسِّلُ نيَّة تغسيل الميِّت، فيُسَمِّي باسم الله، ثمّ يُوَضِّئ الميّت كوضوء الصلاة، وقد ورد ذلك عن النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- في قوله لأمّ عطيَّة، ومن معها، عندما غَسَّلْنَ زينب بنت الرسول -رضي الله عنها-: (ابدأْنَ بمَيَامِنِها ومواضعَ الوضوءِ منها).[٧] ويتجنَّبُ المغسِّل أن يضع شيئاً من ماءٍ في فَمِ، أو أنف الميّت، حتى لا يُحَرِّك شيئاً من نجاسة في جسمه، أو يَخْرُج شيء منها وقت التكفين، بل يكتفي بأن يضع قماشاً مُبلَّلاً يمرِّره في فمه، وفي أنفه، ثم يتابع الوضوء كما هو وارد.
  • يبدأ خطوات الغسل الأخرى، وذلك على التوالي بغسل الرأس برغوة الصابون، أو بماء السدر، كما ورد في السنة النبوية، ثمَّ غسل شِقِّه الأيمن، ثمّ شقّه الأيسر، ثم نَضْح الماء على سائر البدن.
  • يَجِبُ الغسل مرةً واحدةً، ثمّ ما تلا ذلك فإنَّه من السُّنَن؛ فقد يغسل المُغسِّل الميّت ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، ويُفضَّل أن يكون العدد وتريّاً يُكرَّر حسب الحاجة، ويجعل المغسِّل حينها الغسلة الأخيرة بالكافور، والكافور: نوع من الطِّيب أبيض يُدَقُّ ويُجْعَل في الإناء الذي يُغْسَلُ به آخر غسلة، وذلك واردٌ في السنة كذلك في قول النبي -عليه السلام-: (واجعلنَ في الآخرةِ كافورًا، أو شيئًا من كافورٍ).[٨]
  • يُنَشِّفُ المُغَسِّل الميت بثوب أو نحو ذلك، ثم يحفّ شاربه، ويَقُصّ أظافره، ويأخذ من شعر إبطه إن كان طويلاً طولاً ظاهراً، وإنْ كان الميّت امرأة فيُظَفَّرُ شعرها ثلاث ظفائر، بإدخال الشعر بعضه ببعض، ثمّ تُوضَع الظفائر خلف رأسها.

طريقة تكفين الميت

يلي غسل الميّت تكفينه؛ استعداداً للصلاة عليه، ويُسْتَحَبُّ تكفين الرجل الميِّت بثلاث لفائف بيضاء، علماً بأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كُفِّن بثلاث لفائف ليس فيها عمامة، ولا قميص. والواجب في التكفين أن يستر بدن الميّت، ولو بلفافة واحدة، أمّا ما يُستحَبّ من تفاصيل، فهو مُلخَّص بخطوات تكفين الميّت الآتية:[٩]

  • تجمير اللفائف، والتجمير: هو التبخير، وقد يكون التبخير برشّ اللفائف بالماء، وماء الورد، والبخور قبل لفِّها؛ حتى تثبت فيها الرائحة أكثر، وممّا ورد في التجمير قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا أَجمرتُم الميتَ فأوترُوا. وفي روايةِ: فأجمروهُ ثلاثًا).[١٠] ويستثنى الميِّت المُحرم من ذلك.
  • بَسْط اللفائف مُرتَّبة فوق بعضها، ووضع الحنوط: وهو عطر يُصْنَع من مجموعة عطورٍ خِصّيصاً للميِّت، حيث يوضع الحنوط بين اللفائف، ثم يوضَع الميّت على اللفائف، ثم تُؤخَذ كمّية من الحنوط، ويوضَع بين إليتيّ الميّت، وذلك باستخدام قطعة من القطن؛ حتى لا يخرج أيُّ شيء من الميِّت عندما يتمُّ تحريكه، وليُبْعِدُ عنه أيَّة رائحة كريهة، ثمَّ تُوضَعُ كمّية من الحنوط في باقي منافذ الجسم، كالعينيْن، والفم، والأنف، والأذنين، وقِيل تحت الإبطين، وتحت الركبة، والسرَّة، ثم يُوضَع منه على مواضع السجود عند الإنسان؛ إظهاراً لها، وتكريماً لصاحبها.
  • ردّ أطراف اللفائف على شِقَّيّ الميّت: الأيمن، والأيسر بالترتيب، ويكون ما زاد منها من جهة الرأس؛ تشريفاً وتكريماً له.
  • جعل العَقْد على أطراف اللفائف؛ حتى لا تتفتَّح اللفائف عندما تُحمَل الجنازة، فتُعْقَدُ عليه عُقدتان على الأقلّ: عند رأسه، وعند قدميه، وإن احتاج عَقْداً آخر في المنتصف، فلا بأس.
  • لفّ الميّت إذا كانت امرأة بخمسة أثواب، هي: خمار، وإزار، وقميص، ولفافتان.

المراجع

  1. “معنى كلمة الموت”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-10. بتصرّف.
  2. سورة الملك، آية: 2.
  3. سورة الجمعة، آية: 8.
  4. رواه النووي، في الخلاصة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/891 ، إسناده صحيح.
  5. “الموت وعظاته”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-10. بتصرّف.
  6. “صِفة غسل الميت باختصار”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-10. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن نسيبة الأنصارية، الصفحة أو الرقم: 167 ، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن نسيبة الأنصارية، الصفحة أو الرقم: 1258 ، صحيح.
  9. “صفة تكفين الميت باختصار”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-10. بتصرّف.
  10. رواه النووي، في الخلاصة، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2/956، إسناده صحيح.