كيفية صلاة الحاجة ودعائها

تعريف صلاة الحاجة

تعرّف الحاجة في اصطلاح علماء أصول الفقه بأنّها ما يحتاج إليه المرء، من حيث التوسعة عليه، ودفع الضيق عنه، ورفع الحرج الذي يؤدي عادةً إلى إلحاق المشقة والشدّة والضّنك به، بسبب ضياع مصلحةٍ ما، وبفواتها يلحق المكلّف حرجاً وضيقاً،[١] وتُشرع صلاة الحاجة في حال تعرّض شخصٍ لضيقٍ ما، في أمرٍ من أمور دينه ودنياه، وتعذّر عليه تحقيقه.[٢]

كيفية صلاة الحاجة ودعاؤها

تصلّى صلاة الحاجة بأداء ركعتين بتسليمةٍ واحدةٍ، وبعد الانتهاء من الركعتين والتسليم، يتم التوجّه إلى الله -تعالى- بالثناء عليه، والصلاة على النبي محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ يسأل العبد حاجته من الله عز وجل ولها دعاء مخصوص سيأتي،[٣] وقد جاء بالحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين بتمامهما أعطاه الله ما سأل معجلاً ومؤخراً).[٤][٥]

عدد ركعات صلاة الحاجة

تعدّدت آراء العلماء في عدد ركعات صلاة الحاجة، وذهبوا في ذلك إلى عدة أقوالٍ لاختلاف الروايات الواردة في ذلك، وبيانها هذه الأقوال فيما يأتي:

  • الرأي الأول (جمهور الفقهاء): قال المالكية والحنابلة والشافعية إنّ صلاة الحاجة ركعتان، لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ فَلْيُحْسِنِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ لْيُصَل رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لْيُثْنِ عَلَى اللَّهِ، وَلْيُصَل عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).[٦][٧]
  • الرأي الثاني (الحنفية): تؤدّى صلاة الحاجة أربع ركعاتٍ، وتؤدى الأربع ركعات عندهم بتسليمة واحدة.[٨][٩]
  • الرأي الثالث: قال الغزالي إنّ صلاة الحاجة اثنتا عشرة ركعةً.[١٠]

دعاء صلاة الحاجة

وردت العديد من الروايات المتعلّقة بدعاء صلاة الحاجة، ويرجع ذلك إلى تعدّد الروايات،[١١] يُذكر منها:[١٢]

  • (اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ وأتوجَّهُ إليكَ بنبيِّكَ محمَّدٍ نبيِّ الرَّحمةِ، إنِّي توجَّهتُ بِكَ إلى ربِّي في حاجَتي هذِهِ لتقضى ليَ، اللَّهمَّ فشفِّعهُ فيَّ)،[١٣] فالعبد يطلب ويسأل الله -تعالى- بشفاعة النبي محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- ووسيلته، المتّصف بصفة الرحمة أن يقضي الله حاجته، أي أنّ تكون شفاعة النبي سبباً للعبد في تحقيق حاجته.[١٤]
  • (اللَّهمَّ آتِنا في الدُّنيا حَسنةً وفي الآخرةِ حَسنةً وقِنا عذابَ النَّارِ).[١٥]
  • الصيغة المشهورة: (لا إلهَ إلَّا اللهُ الحَليمُ الكريمُ، سُبحانَ اللهِ ربِّ العَرشِ العظيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أسألُكَ موجِباتِ رَحمتِك*، وعزائمَ مَغفرتِكَ*، والغَنيمةَ* مِن كلِّ بِرٍّ، والسَّلامةَ* مِن كلِّ إثمٍ لا تدَعْ لِي ذَنبًا إلَّا غفرتَه ولا همًّا إلَّا فَرجتَه*، ولا حاجةً هيَ لكَ رضًا إلَّا قضيتَها يا أَرحمَ الرَّاحِمينَ).[٦][١٦]

حكم صلاة الحاجة

اتفق الفقهاء على أنّ حكم صلاة الحاجة الاستحباب، استدلالاً بقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ فَلْيُحْسِنِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ لْيُصَل رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لْيُثْنِ عَلَى اللَّهِ، وَلْيُصَل عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).[٦][١٧]

أحكام متعلقة بكيفية صلاة الحاجة

تتعلّق بصلاة الحاجة العديد من الأحكام التي بيّنها العلماء، فيما يأتي بيان لبعضها:

  • لا يشترط القيام للمصلّي في صلاة الحاجة، ويجوز له أن يصلي جالساً، وإن كان قادراً على القيام؛ إلّا أنّه ينال نصف أجر القائم، إلّا إن كان من أصحاب الأعذار، والدليل على ما سبق ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن صَلَّى قَائِمًا فَهو أفْضَلُ، ومَن صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أجْرِ القَائِمِ، ومَن صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أجْرِ القَاعِدِ)،[١٨] أمّا صلاة النافلة للمضطجع؛ فاختلف العلماء فيها؛ فمنعها جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلّا لعذرٍ ما، وأجازها الشافعية مطلقاً.[١٩]
  • لا تؤدّى صلاة الحاجة جماعةً،[٢٠] وورد رأي آخرٌ يدلّ على جواز أدائها جماعةً، إذ ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه تطوّع في صلاته منفرداً وجماعةً، ولكنّ أكثر تطوّعه كان بشكلٍ منفردٍ.[٢١]
  • لا يجوز أداء صلاة الحاجة حين شروق الشمس، واستوائها*، وميلانها إلى الغروب، وبعد صلاتي العصر والفجر؛ لأنّه قد ثبت شرعاً أنّ هذه الأوقات لا يصح للعبد أنْ يتنفّل فيه.[٢٢]

أمورٌ تُعين على قضاء الحاجة وإجابة الدعاء

من الأمور التي تُعين على استجابة الدعاء وقضاء الحاجة:[٢٣]

  • إخلاص النية لله -عزّ وجلّ-، والصدق معه فيها، قال ابن كثير: “فأخلِصوا لله وحده العبادة والدعاء”، فالله ينجّي عباده بأعمالهم الصالحة التي تقرّبوا إليه وأخلصوا له فيها.
  • الظن الحسن بالله -سبحانه- دائماً.
  • الاستجابة لكلّ ما أمر به الله -تعالى-، وما أمر به رسوله -عليه الصلاة والسلام-، مع الحرص على تحقيق الإيمان في القلب.
  • أداء الفرائض التي أمر بها الله، والتقرّب منه بالنوافل.
  • الابتعاد عمّا حرّمه الله من الأمور، وتحرّي ما هو حلالٌ طيبٌ.
  • الإكثار من الدعاء في اليُسر والرخاء، قال الإمام ابن رجب رحمه الله: “إنَّ العبدَ إذا اتَّقى الله، وحَفِظَ حدودَه، وراعى حقوقه في حال رخائه، فقد تعرَّف بذلك إلى الله، وصار بينه وبينَ ربه معرفةٌ خاصة، فعرفه ربَّه في الشدَّة، وروعي له تَعَرُّفَهُ إليه في الرَّخاء، فنجَّاه من الشدائد بهذه المعرفة، وهذه معرفة خاصة تقتضي قربَ العبدِ من ربِّه، ومحبته له، وإجابته لدعائه”.
  • المواظبة على ذكر الله.
  • الدعاء بأسماء الله الحسنى، وصفاته.
  • التوسل إلى الله -تعالى- والتقرب منه بالطرق المشروعة؛ كالإيمان به، وبرسوله -عليه الصلاة والسلام-، وباليوم الآخر، وبأسمائه، وصفاته، والحرص على طاعته، وعبادته.

للمزيد من التفاصيل عن ما يعين على استجابة الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش
*يُثنِ: يحمد الله، ويسبّحه، ويكبّره.[١٦]
*مُوجبات رحمتك: الأعمال المؤدّية إلى الجنة.[١٦]
*عزائم مغفرتك: الأمور التي يُعزم بها لتحقيق المغفرة من الله.[١٦]
*الغنيمة: الفوز والفلاح.[١٦]
*السلامة: النجاة من الذنوب.[١٦]
*فرّجته: دثرته وأزلته.[١٦]
*استواء الشمس: وقوعها في وسط السماء، ذلك حين يصبح ظلّ كلّ شيءٍ مثله.[٢٤]

المراجع

  1. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 211، جزء 27. بتصرّف.
  2. محمد بن محمد الغزالي، إحياء علوم الدين، بيروت: دار المعرفة، صفحة 206، جزء 1. بتصرّف.
  3. سعيد باعشن الحضرمي (2004)، شرح المقدمة الحضرمية (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة 320، جزء الأول. بتصرّف.
  4. رواه ابن حجر العسقلاني، في الفتوحات الربانية، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 4/299، حسن.
  5. “الصحيح في صلاة الحاجة”، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-1-2019. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت رواه الألباني، في ضعيف الترغيب، عن عبد الله بن أوفى، الصفحة أو الرقم: 416، ضعيف جداً.
  7. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404-1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 212، جزء 27. بتصرّف.
  8. نجاح الحلبي، فقه العبادات على المذهب الحنفي، صفحة 108. بتصرّف.
  9. محمد أمين الحنفي (1992)، رد المحتار على الدر المختار (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الفكر، صفحة 28، جزء 2. بتصرّف.
  10. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404-1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 212، جزء 27. بتصرّف.
  11. وزارة الأوقاف والشؤون الكويتية (1404-1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 212، جزء 27. بتصرّف.
  12. محيي الدين النووي (1994)، الأذكار، بيروت: دار الفكر، صفحة 184. بتصرّف.
  13. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عثمان بن حنيف، الصفحة أو الرقم: 3578، صحيح.
  14. محمد بن علان المكي، الفتوحات الربانية على الأذكار النووية، مصر: جمعية النشر والتأليف الأزهرية، صفحة 303، جزء 4. بتصرّف.
  15. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 938، أخرجه في صحيحه.
  16. ^ أ ب ت ث ج ح خ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1066-1067، جزء 2. بتصرّف.
  17. وزارة الأوقاف والشؤون الكويتية (1404-1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 211-212، جزء 27. بتصرّف.
  18. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن حصين، الصفحة أو الرقم: 1116، صحيح.
  19. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1069، جزء 2. بتصرّف.
  20. شمس الدين محمد الشربيني (2004)، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 276-277، جزء 1. بتصرّف.
  21. “حكم أداء صلاة الحاجة والتسابيح في جماعة”، www.islamweb.net، 15-6-2013، اطّلع عليه بتاريخ 11-1-2020. بتصرّف.
  22. “الأوقات المنهي عن الصلاة فيها”، islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
  23. “من أسباب استجابة الدعاء”، ar.islamway.net، 1-1-2014، اطّلع عليه بتاريخ 11-1-2020. بتصرّف.
  24. “تعريف ومعنى استواء الشمس في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-1-2019. بتصرّف.