كيفية صلاة ليلة القدر بالتفصيل

ليلة القَدْر

أنعم الله -تعالى- على عباده بليلةٍ مُباركةٍ؛ وقد وُصفت بأنّها مباركةٌ؛ لِما فيها من خيرٍ، وبركةٍ، وفَضْلٍ، وهي ليلة القَدْر، وسُميّت بذلك لقَدْرها العظيم، فقد حازت أعظم شرفٍ وأجرٍ، لذلك يجدر بالمسلم الحرص على الدُّعاء، والصلاة في تلك الليلة، والاجتهاد بالعبادات على اختلافها، لتميّز ليلة القَدْر عن غيرها من ليالي الدَّهر،[١] وقد اتّفق العلماء على أنّ إحياء ليلة القَدْر مندوبٌ، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه، عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).[٢][٣]

كيفيّة صلاة ليلة القدر بالتفصيل

يُسنّ أداء صلاة التراويح إحدى عشرة ركعةً، ويجوز أداء التراويح ثلاث عشرة ركعةً، مع التسليم بعد أداء كلّ ركعتَين، كما يجوز أحياناً أداء كلّ أربع ركعاتٍ بسلامٍ، وقد سُئلت عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- عن كيفيّة صلاة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في رمضان، فقالت: (ما كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ، وَلَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا)،[٤] ويُستحسن اختصاص آخر رمضان؛ أي العشر الأواخر منه بإطالة الصلاة؛ من قيامٍ، وركوعٍ، وسجودٍ؛ اقتداءً بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-،[٥] وقد بيّن العلماء كيفيّة أداء صلاة التراويح، وعدد ركعاتها، وبيان ما ذهبوا إليه آتياً:

  • الحنفيّة: قالوا إنّ عدد ركعات التراويح عشرون ركعةً، بعَشْر تسليماتٍ، ويُكره وَصْل كلّ الرّكعات مع بعضها، والجلوس بين كل ركعَتين، والجلوس الواحد بين الرّكعات يجعلها ركعَتين، ويُستحبّ الجلوس والاستراحة بعد كلّ أربع ركعات؛ للتسبيح والدُّعاء.[٦]
  • المالكيّة: قالوا إنّ عدد ركعات صلاة التراويح ست وثلاثون ركعةً، ثمّ الوتْر بثلاث ركعاتٍ،[٧] ويُندب التسليم بعد كلّ ركعتَين، ويُكره الجلوس بين كلّ ركعَتين دون التسليم، أي بأداء الرّكعات جميعها مرّة واحدةٍ، والجلوس بين كلّ ركعَتين، والتسليم بعدها جميعها.[٨]
  • الشافعيّة: قالوا إنّ صلاة التراويح عشرون ركعةً، وذلك في كلّ ليلةٍ من ليالي شهر رمضان، وتؤدّى كلّ ركعتَين بتسليمةٍ، ولا يصحّ أداء أربع ركعاتٍ بسلام واحدٍ، أمّا وقتها فهو ما بين صلاة العشاء وصلاة الفجر، على أن تؤدّى قبل صلاة الوتْر، ولا بدّ من تحديد النيّة في أداء الصلاة، ولا تصحّ نيّة النافلة المُطلقة.[٩]
  • الحنابلة: قالوا إنّ صلاة التراويح عشرون ركعةً، ولا بأس من الزيادة عليها، وتعدّ سنّةً مؤكّدةً، ويُسنّ الوتْر بعد التراويح جماعةً، يجهر الإمام فيهما بالقراءة، ويُسلّم بعد كلّ ركعتَين.[١٠]

تحرّي ليلة القَدْر للاجتهاد بالقيام

ليلة القَدْر ما زالت باقيةً في شهر رمضان، ولم تُرفع، أو تُنسخ،[١١] ولم يرد نصٌّ ثابتٌ صريحٌ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يدلّ على أنّ ليلة القَدْر ليلةٌ محدّدةٌ في كلّ سنةٍ، وما ورد من الأحاديث التي تحدّدها بليلةٍ معيّنةٍ؛ يُقصد بها أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أخبر عنها في تلك السنة، وحثّ المسلمين على قيامها بذاتها،[١٢] طَمْعاً في نَيْل الأجر الذي أعدّه الله -سُبحانه- لمَن قام ليلة القَدْر، كما ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).[١٣][١٤]

المراجع

  1. جماز الجماز، “ليلة القدر فضائل وأحكام”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-7-2020. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1174، صحيح.
  3. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 362، جزء 35. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 738، صحيح.
  5. محمد التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 540-541. بتصرّف.
  6. نجاح الحلبي، فقه العبادات على المذهب الحنفي، صفحة 108. بتصرّف.
  7. عبد الوهاب المالكي (2009)، عيون المسائل (الطبعة الولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 160. بتصرّف.
  8. كوكب عبيد (1986)، فقه العبادات على المذهب المالكي (الطبعة الأولى)، دمشق: مطبعة الإنشاء، صفحة 196. بتصرّف.
  9. مصطفى الخن، مصطفى البغا، علي الشربجي (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم، صفحة 237، جزء 1. بتصرّف.
  10. عبد الرحمن الحنبلي (2002)، كشف المخدرات والرياض المزهرات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار البشائر الإسلامية، صفحة 154، جزء 1. بتصرّف.
  11. يحيى العمراني (2000)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة 565، جزء 3. بتصرّف.
  12. عبدالله القصير (1421)، تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام (الطبعة الثانية)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، صفحة 61. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1901، صحيح.
  14. عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 28. بتصرّف.