ما اجر صيام عاشوراء
فرض الله سبحانه وتعالى على المسلمين صيام شهر رمضان، وهو أحد أركان الإسلام التي لا يصحّ إسلام المسلم إلّا بصيامه وقيامه. وقد سنّ رسولنا الكريم “صلّى الله عليه وسلّم” أيّاماً أخرى يحبّب فيها الصيام، لتكون نوافل يتقرّب فيها العبد لربّه، كصيام يوم العرفة لغير الحاج، وصيام الإثنين والخميس من كل أسبوع، وصيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كلّ شهر قمري، وصيام يوم عاشوراء، وغيرها الكثير. وفي مقالنا هذا سنتحدّث أكثر عن صيام يوم عاشوراء، وعن فضل صيام هذا اليوم.
يوم عاشوراء هو اليوم الذي يوافق اليوم العاشر من شهر محرّم أحد أشهر السنة الهجريّة، ويسمّى عند المسلمين لهذا السبب “اليوم العاشر”. وهو يوم مهمّ للمسلمين أجمع، ويعتبر عند المسلمين الشيعة من أهم أيامهم، حيث يصادف في هذا اليوم مقتل “الحسين بن علي” حفيد رسولنا الكريم محمّد “صلّى الله عليه وسلّم” وقد قتل في معركة كربلاء، ولهذا فإنّ الشيعة المسلمين يعتبرون هذا اليوم يوم حزن، ويقومون بشعارهم الخاصّة بهم في هذا اليوم. ويعتبر هذا اليوم يوم عطلية رسمية في إيران، والعراق، والبحرين، والهند، وباكستان، ولبنان.
هذا اليوم العظيم من أيّام التقويم الهجريّ حدثت فيه أحداث كثيرة على مدى آلاف السنين والأيام، ففي هذا اليوم تاب الله على سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام، وهو الذي رست فيه سفينة سيدنا نوح وأنجاه الله من الطوفان فصامه نبينا الكريم. وهو اليوم أيضاً الذي أنقد الله سيدنا إبراهيم من النمرود، وردّ فيه سيدنا يوسف إلى سيدنا يعقوب أبيه، وهو اليوم الذي أخرج الله فيه نبيّه يونس من بطن الحوت. وهو اليوم ذاته الذي أهلك الله فيه فرعون وطواغيته، وفيه نجى سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام من ظلمه وتجبره، وقد كان اليهود في مكة يصومون هذا اليوم قبل المسلمون، وعندما جاء رسولنا ونبينا محمّد “صلّى الله عليه وسلّم” رأى أنّنا نحن المسلمون أحقّ بأنّ نصومه؛ حيث قال: ” أنا أحقّ بموسى منكم”. وقد اختلفت الروايات في قبول هذه الأحداث أو عدم قبولها بالنسبة للشيوخ المسلمين.
لكن مع ذلك لم يختلف العلماء المسلمون أبداً في فضل صيام يوم عاشوراء هذا في كلّ عام، وأنّ الرسول محمّد “صلّى الله عليه وسلّم” قد حثنا على صيامه لما فيه من أجر عظيم. فالرسول “صلّى الله عليه وسلّم” كان يتحرّى صيام هذا اليوم، فعن ابن عباس يقول: ” قَالَ : مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ”. وقد كان أجر من يصوم هذا اليوم تكفير ذنوبه لسنة كاملة “السنة التي تسبق هذا اليوم، وذلك لما ورد عن أَبِي قَتَادَةَ – رضي الله عنه – ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ “صلّى الله عليه وسلّم”: “صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ”