ما هي مكروهات الصلاة
الصلاة
الصّلاة هي صِلة الإنسان بربّه، لذا يحرص المسلم أن تكون على أكمل وجه، وقد ذكر الفُقهاء في هذا الباب بعض المكروهات التي تمّ استنباطها من الكِتاب والسُنّة، ويتم الإشارة إليها ليتجنَّبها المُصلّي ويجتهد في الابتعاد عنها لتكون صلاته على أتمّ وجه مُمكن، وكما يرتضيها الله سبحانه وتعالى.
مكروهات الصلاة
يَذكر الفقهاء الكثير من المَكروهات المُتعلّقة بالصّلاة، والمكروه هو ما طَلَب الشّارع ترك فعله طَلباً غير جازماً، ولا يأثم فاعله ولكن تاركه يُثاب لو تركه امتثالاً لأوامر الله عز وجل. ومن بعض مكروهات الصّلاة ما يأتي:
- العَبَث بالبَدَن، كتشبيك الأصابع وفرقعتها، يقول شُعبة مولى بن عبّاس: (صلَّيْتُ إلى جنبِ ابنِ عباسٍ ففقعتُ أصابعي فلمَّا قضيتُ الصلاةَ قال لا أُمَّ لكَ تفقعُ أصابعَكَ وأنتَ في الصلاةِ)،[١] فإنّ هذا ممّا قد يُفقِد الخشوع المَطلوب في الصّلاة، ومن أمثلة ذلك أيضاً العبث باللّحية أثناء الصّلاة، ويُستثنَى من ذلك الحاجة إلى أمرٍ من هذا مثل الحكّة.
- رفع البصر إلى السّماء، وقد استثنى الحنابلة حال التَجشّي لمن يُصلّي جماعةً، فيرفع بصره كي لا يؤذِهِم في صلاته، وقد ورد النّهي عن هذا الأمر في قوله صلّى الله عليه وسلّم: (لينتهين أقوامٌ يرفعون أبصارهم إلى السّماء في الصّلاة، أو لا ترجع إليهم).[٢]
- تغميض العينين في الصّلاة،[٣] حيث إنّ السُنّة إبقاء العينين مفتوحتين؛ لأن إغماضهما مَظنّة للنّوم، والسُنّة أن يُلقي المُصلّي بهما إلى مَوضع سجوده، ولكن يَخرج من الكراهة حاجة المُصلّي للإغماض خوفاً من عدم الخشوع لِما يُمكن أن يكون هناك من مُشتِّتات يَراها تخلّ بخشوعه فيُغمِض.[٤]
- التَخَصُّر في الصّلاة مَنهيٌّ عنه بالاتّفاق لقوله -صلّى الله عليه وسلّم: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ نَهى أن يُصلِّي الرجلُ مُتخَصرًا).[٥] والتَخصُّر هو أن يضع الرّجل يده على خاصرته، وقال الشَافعيّة بجوازه لحاجةٍ أو ضَرورة.[٦]
- يكره أن يُصلّي المُسلم وهو يُدافع الأخبثين، والأخبثان: هما البول والغائط، حيث قال -صلّى الله عليه وسلّم- : (لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان)،[٧] ويُستَنبط من هذا الحديث كراهة الصّلاة في حضور الطّعام، وقاس الشَافعيّة والحنابلة عليه من اشتهى طعاماً أو شراباً لأنّه في بابه، وممّا يدلّ أيضاً على كراهة الصّلاة في حضور الطّعام قوله -صلى الله عليه وسلم- : (إذا وُضعَ العَشاءُ وأقيمتِ الصلاةُ فابدءوا بالعَشاءِ).[٨]“
- كراهة استقبال النّار أو شيء منها في الصّلاة؛ لأنّ في هذا شيء من التشبُّه بعُبّاد النّيران، وهذا القول عند المالكيّة والحنابلة.
- كراهة وجود كتابة في اتّجاه القبلة، كزخرفة المَساجد، إلا إن كان مَكاناً اعتياديّاً للشّيء.
- ذهب جمهور الفقهاء من المالكيّة والحنفيّة والحنابلة إلى كراهة تنكيس السُّوَر، والتنكيس يعني أن تقرأ في الرّكعة الثّانية سورة أعلى ممّا قرأته في الرّكعة الأولى.
- تُكره الصّلاة عند النّعس ومُغالبة النّوم، ودليل هذا قوله صلّى الله عليه وسلّم: (أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: إذا نَعَسَ أحدُكم وهو يُصلّي فلْيرقُدْ، حتى يذهبَ عنه النّومُ، فإنّ أحدَكم إذا صلّى وهو ناعِسٌ لا يدري لعلَّه يَستغفِرُ فيسُبَّ نفسَه).[٩]
- يرى فُقهاء الشَافعيّة والحنفيّة والحنابلة كراهة التّثاؤب في الصّلاة، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (…وأمَّا التّثاؤبُ فإنَّما هوَ مِن الشّيطانِ، فإذا تثاءَب أحدُكم فليرُدَّه ما استطاع…).[١٠]
- يُكرَه أن يبسط المُصلّي ذراعيه في السّجود، بل ينبغي له أن يرفعهما عن الأرض، وأن يُجافي ويُباعد بينهما، حيث قال صلّى الله عليه وسلّم: (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب).[١١]
- ويُكره التلثّم في الصلاة، قال الشّافعيّة: أنّه تغطية الفم، وقال المالكيّة: أنّه تغطية الفم مع الأنف، والمرأة كالرجل في هذا.[١٢]
- كراهة تكرير السور في الركعتين عند المالكية.[١٢]
- ويُكره النظر إلى ما يلهي عن الصلاة.[١٢]
مُبطلات الصلاة
وتبطل الصَّلاة بالقيام بأحد أمرين اثنين هما:[١٣]
- فعل ما يحرم فيها: كالأكل والشُّرب عمداً إلا إذا كان ناسياً فلا تبطل صلاته على الرَّاجح من أقوال أهل العلم، كذلك لا تبطل لو ابتلع ما بين الأسنان لو كان دون الحُمُّصة، والكلام عمداً يبطل الصلاة أيضاً إلا إذا كان جاهلاً بالحكم أو ناسياً فصلاته صحيحة، والعمل الكثير عمداً يبطلها أيضاً، فقد قال النَّووي: (إنَّ الفعل الذي ليس من جنس الصَّلاة، إن كان كثيراً أبطلها بلا خلاف، وإن كان قليلاً لم يبطلها بلا خلاف)، أمّا الحركات الخفيفة كتحريك الأصابع أو حكّة للجسم، فالصَّحيح أنَّ الصَّلاة لا تبطل به إن كانت متوالية إلا انها تُكره، و الضحك في الصلاة يبطلها وقال أكثر العلماء لا بأس بالتبسم.
- ترك ما يجب فيها: من ترك ركناً أو واجباً عمداً و بغير عذر بطلت صلاته، وكذلك تبطل الصلاة بترك شرط من شروط الصلاة، وأما الشك فلا يبطل الصلاة .
أماكن تُمنع فيها الصلاة
الأصل في الأرض أنّها كلّها مكانٌ للصّلاة وذاك وجه الدّلالة من قوله -صلّى الله عليه وسلّم- :(جُعِلَت لي الأرض طهوراً ومسجداً)[١٤]، لكن هناك نصوص وردت تُبيّن أماكنَ لا تجوز فيها الصّلاة منها:
- أيّ مَوضع نجس.
- المقبرة: فقد قال -صلّى الله عليه وسلّم- : (لعنَ اللَّهُ اليَهودَ والنَّصارى اتَّخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجدَ ألا فلا تتَّخذوا القبورَ مساجدَ فإنِّي أنْهاكم عن ذلِكَ).[١٥]”
- معاطن الإبل ومَباركها حتّى وإن كانت طاهرة.
- الكنيسة: تُكرَه الصّلاة فيها، وهذا ما ذهب إليه المالكيّة والحنفيّة والشَافعيّة.
- الحمّامات: وهذه من باب الأماكن النّجسة، ودليل ذلك قوله -صلّى الله عليه وسّلم- : (الأرض كلها مَسجد إلا الحمّام والمِقبرة).[١٦]
وعن ابن عمر -رضي الله عنه – قال : (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى أن يُصَلَّى في سَبْعَةِ مَوَاطِنَ في الْمَزْبَلَةِ والمَجْزَرَةِ والمَقْبَرَةِ وقارِعةِ الطريقِ وفي الحَمَّامِ وفي مَعَاطِنِ الإبِلِ وفوقَ ظَهْرِ بيتِ اللهِ).[١٧]
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن شعبة بن دينار مولى ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 99/2.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جابر بن سمرة، الصفحة أو الرقم: 5481.
- ↑ مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية لكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 105، جزء 27.
- ↑ مجموعة مؤلفين (2004)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، صفحة 105، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ رواه النسائي، في السنن الكبرى، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 966.
- ↑ مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 106، جزء 27.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 7509.
- ↑ رواه لبخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5463.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 212.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6226.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 22388.
- ^ أ ب ت مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 103-106، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ “مبطلات الصلاة ، وهل الشك مما يبطلها ؟”، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6-11-2016. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 489.
- ↑ رواه ابن تيمية، في مجموع الفتاوي، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 34/27.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 492.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 346.