ما معنى يوم التروية
ما هو يوم التروية
لفظ تروية؛ مصدرٌ من الفعل روّى، ويُقصد به: التزوّد بالماء، يُقال: تروية النباتات؛ أيّ سِقايتُها، والتروية في أمرٍ ما؛ أي التمهّل، والنظر، والتفكير فيه،[١] أمّا يوم التروية، فهو: اليوم الثامن من أيّام شهر ذي الحِجّة؛ أي أنّه اليوم السابق ليوم عرفة، وسُمِّي بيوم التروية؛ لأنّ الحجّاج كانوا يتجهّزون فيه بالماء؛ استعداداً للأيام التي تليه كما بيّن ذلك الجوهريّ -رحمه الله-،[٢][٣] كما أنّه سُمِّي بيوم التروية؛ لأنّ نبيّ الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- تمهّل وتفكّر حينما رأى في منامه ليلة ذلك اليوم أنّه يذبح ابنه إسماعيل -عليه السلام-،[٤] بالإضافة إلى أنّ النّاس كانوا ينادون على بعضهم البعض بقولهم: “تروَّوا من الماء”،[٥] وسُمِّي يوم التروية بيوم النُّقلة؛ لأنّ الحجّاج كانوا ينتقلون في ذلك اليوم من مكّة، ويُقيمون في مِنى.[٦]
أعمال الحاجّ يوم التروية
يؤدّي الحاجّ عدّة أعمالٍ يوم التروية؛ إذ يُحرم مَن كان متمتّعاً بالعُمرة إلى الحجّ، أمّا القارن بين الحجّ والعُمرة، والمُفرد في الحجّ، فيكونان على إحرامهما الأوّل، ثمّ ينطلق الحاجّ متوجّهاً إلى مِنى، فيؤدّي فيها خمس صلواتٍ، هي: الظُّهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفجر يوم عرفة؛ إذ إنّه يبيت في مِنى ليلة عرفة؛ اقتداءً بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-،[٧] وتجدر الإشارة إلى أنّ الحاجّ لا يجمع بين الصلوات في مِنى، إلّا أنّه يقصر الرباعيّة منها،[٨] ومن الأعمال المشروعة يوم التروية: الإحرام بالحجّ في حقّ أهل مكّة، ومَن في حُكمهم، والاغتسال، والتطيُّب قبل الإحرام، وذلك ضُحى يوم التروية،[٩] ومن الأدلّة على ما سبق:
- عَمَل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ ورد أنّه سار من مكّة إلى مِنى يوم التروية، ومكث فيها منذ ظُهر ذلك اليوم، إلى فجر يوم عرفة.[١٠]
- ما أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه في بيان صفة الحجّ، عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-، أنّه قال: (فَلَمَّا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إلى مِنًى، فأهَلُّوا بالحَجِّ).[١١][١٢]
- ما ثبت في الصحيح عن جابر بن عبدالله أنّه قال: (أَهْلَلْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بالحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ وَنَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَكَبُرَ ذلكَ عَلَيْنَا، وَضَاقَتْ به صُدُورُنَا، فَبَلَغَ ذلكَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَما نَدْرِي أَشيءٌ بَلَغَهُ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ شيءٌ مِن قِبَلِ النَّاسِ، فَقالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَحِلُّوا، فَلَوْلَا الهَدْيُ الذي مَعِي، فَعَلْتُ كما فَعَلْتُمْ قالَ: فأحْلَلْنَا حتَّى وَطِئْنَا النِّسَاءَ، وَفَعَلْنَا ما يَفْعَلُ الحَلَالُ، حتَّى إذَا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَجَعَلْنَا مَكَّةَ بظَهْرٍ، أَهْلَلْنَا بالحَجِّ).[١٣][١٢]
- ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه، عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، أنّه قال حينما سُئِل عن إحرامه يوم التروية: (إنِّي لَمْ أرَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُهِلُّ حتَّى تَنْبَعِثَ به راحِلَتُهُ).[١٤][١٢]
أعمال الحاجّ بعد يوم التروية
تُشرع العديد من الأعمال في حقّ الحاجّ بعد يوم التروية، وفيما يأتي بيان البعض منها:[١٥]
- السَّير إلى عرفة، والوقوف فيه، وذلك بعد أداء صلاة فجر اليوم التاسع في مِنى، وأداء صلاتَي الظُّهر والعصر جمع تقديمٍ، وقَصْراً، ثمّ التفرُّغ للعبادة، والذِّكْر، والدُّعاء.
- السَّيْر إلى مزدلفة بعد غروب شمس اليوم التاسع؛ أي يوم عرفة، وأداء صلاتَي المغرب والعِشاء جمع تأخيرٍ، مع قَصْر العشاء، أمّا إن كان الوصول إلى مزدلفة قبل العشاء، فتؤدّى صلاة المغرب في وقتها، ثمّ صلاة العِشاء بعد انتظارها؛ لِما أخرجه البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (أتَيْنَا المُزْدَلِفَةَ حِينَ الأذَانِ بالعَتَمَةِ أوْ قَرِيبًا مِن ذلكَ، فأمَرَ رَجُلًا فأذَّنَ وأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ، وصَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا بعَشَائِهِ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أمَرَ أُرَى فأذَّنَ وأَقَامَ)،[١٦] ولا حرج في الجَمْع بين المغرب والعشاء قبل وقت العشاء؛ بسبب التعب والمشقّة، أو قلّة الماء والطعام، أو الخوف من عدم الوصول إلى مزدلفة إلّا بعد منتصف الليل، ثمّ المبيت بمزدلفة ليلة الحادي عشر، ثمّ أداء صلاة الفجر.
- قَصْد المشعر الحرام، والإكثار من ذِكْر الله، والدُّعاء، ثمّ التوجّه إلى مِنى، ورَمْي جمرة العقبة بسبع حصياتٍ متتالياتٍ، مع التكبير عند رَمْي كلّ حصاةٍ، ثمّ ذَبْح الهَدْي، ثمّ الحَلْق أو التقصير، ثمّ أداء الطواف، فالسَّعي في حقّ من يجب عليه السَّعي.
- المبيت في مِنى ليلتَي الحادي عشر، والثاني عشر، ورَمْي الجمرات الثلاث في اليومَين؛ إذ تُرمى الجمرة الأولى؛ وهي أبعد الجمرات، بسبعٍ حصياتٍ متتاليات، مع التكبير عند رَمْي كلّ حصاةٍ، ثمّ يتمّ التوجّه لله -تعالى- بالدُّعاء، ثمّ تُرمى الجمرة الوُسطى كالتي سبقتها، ويُفعل بعد رَمْيها ما فُعل بعد رمَي سابقتها، ثمّ تُرمى جمرة العقبة بالهيئة ذاتها ولكن دون التوجّه بالدُّعاء والسؤال بعدها.
- المبيت في مِنى ليلة الثالث عشر لغير المتعجّل، والمبيت أفضل، فإن كان، فإنّه يُفعل في اليوم الثالث عَشر ما كان في سابقَيه من رَمْي الجمرات الثلاث، بنفس الهيئة والطريقة.
- أداء طواف الوداع قبل الخروج من مكّة، والتوجّه إلى بلد الإقامة؛ لِما ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (لا يَنْفِرُ أحدٌ حتى يكونَ آخِرُ عهدِه الطوافَ بالبيتِ).[١٧]
المراجع
- ↑ “تعريف و معنى تروية في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-7-2020. بتصرّف.
- ↑ مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبدالكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (1390 هـ ، 1970 م)، جامع الأصول في أحاديث الرسول (الطبعة الأولى)، الأردن: مكتبة الحلواني – مطبعة الملاح – مكتبة دار البيان، صفحة 13، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ نشوان بن سعيد الحميرى اليمني (1420 هـ – 1999 م)، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر المعاصر، صفحة 2690، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ محمد بن محمد بن محمود، أكمل الدين أبو عبدالله ابن الشيخ شمس الدين ابن الشيخ جمال الدين الرومي البابرتي، العناية شرح الهداية، بيروت: دار الفكر، صفحة 466، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد بن أحمد بن علي، تقي الدين، أبو الطيب المكي الحسني الفاسي (1421هـ-2000م)، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 341، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبدالقادر السقاف (1433 هـ)، الموسوعة الفقهية، موقع الدرر السنية، صفحة 216، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت (1404 – 1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 46، جزء 17. بتصرّف.
- ↑ حسين بن عودة العوايشة (1423 – 1429 هـ)، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (الطبعة الأولى)، عمان: المكتبة الإسلامية، صفحة 380، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009 م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، عمان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 306، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ الحسين بن محمود بن الحسن، مظهر الدين الزَّيْدَانيُّ الكوفي الضَّريرُ الشِّيرازيُّ الحَنَفيُّ المشهورُ بالمُظْهِري (1433 هـ – 2012 م)، المفاتيح في شرح المصابيح (الطبعة الأولى)، الكويت: دار النوادر، صفحة 278، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 1218، صحيح.
- ^ أ ب ت مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف (1433 هـ)، الموسوعة الفقهية، موقع الدرر السنية، صفحة 217، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 1216، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5851، صحيح.
- ↑ ابن عثيمين، المنهج لمريد الحج والعمرة، صفحة 27-32. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1675، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عباس وعبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 7805، صحيح.