ما إسم ميقات اهل المدينه
الميقات المكانيّ
تعريف الميقات المكانيّ
الميقات في اللغة هو: الحدّ، أمّا في الشرع، فهو يعني: مكان العبادة، أو زمانها، وعليه فالمواقيت تُقسَم إلى قسمَين، هما: الميقات الزمانيّ، والميقات المكانيّ؛ والذي يعني: الحدود التي يُمنَع تجاوزها لِمَن أراد الحجّ أو العُمرة إلى بيت الله الحرام، إلّا إذا كان بإحرامٍ، ولا بُدّ على مَن تجاوز الميقات المكانيّ دون إحرامٍ أن يعود إلى الميقات إن أمكنه ذلك، أمّا إن لم يتمكّن من العودة، فتكون عليه فِديةٌ تتمثّل بذَبح شاة في مكّة المُكرَّمة وتوزيعها على مَن يحتاج في الحَرم، أمّا مَن كان يسكن بعد موضع الميقات المكانيّ، فإنّه يبدأ إحرامه من حيث يسكن،[١] والمواقيت بذلك أماكن معلومةٌ لِمَن أراد حَجّ البيت الحرام، أو العُمرة، فلا يتجاوزها دون أن يكون قد أحرم؛ فلأهل الشام ومصر ميقاتٌ مكانيٌّ مُحدَّد، ولأهل نجد ميقاتٌ مختلفٌ، كما أنّ هناك مواقيت لأهل اليمن، ولأهل العراق أيضاً، بالإضافة إلى ميقاتٍ لأهل المدينة المُنوَّرة.[٢]
الحِكمة من تعيين المواقيت
تتمثّل الحِكمة من تعيين المواقيت بتعظيم الله -عزّ وجلّ-، إضافةً إلى تعظيم البيت الحرام؛ فقد جعل الله -تعالى- البيت الحرام بيتاً مُعظَّماً، ومُشرَّفاً له مكانةً لا تُوازيه مكانةٌ أخرى، فهو بيتٌ حرامٌ حَصّنه الله -تعالى-، وحماه بسوارٍ حوله؛ وهي مدينة مكّة المُكرَّمة، وقد جُعِلت له حُرمةٌ وحدود مكانيّةٌ تتمثّل بالمواقيت التي لا يجوز لِمَن أراد التقرُّب إلى الله -عزّ وجلّ- أن يتجاوزها دون أن يُحرِم.[٣]
ميقات أهل المدينة
حَدّد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الميقات المكانيّ لأهل المدينة المُنوَّرة كمَوضعٍ لإحرام المسلمين منه؛ وهو ذو الحليفة؛ والحليفة شجرةٌ معروفةٌ تمّت تسمية المكان باسمها؛ لكثرة انتشار شجر الحلفاء بها، فحليفة تصغير حلفاء، وميقات أهل المدينة هو أبعد المواقيت عن مكّة المكرّمة، كما أنّه قريبٌ من المدينة المُنوَّرة، وقد أصبح موصولاً بها بسبب البناء والإعمار حتى أصبح يُجاور المدينة المُنوَّرة، ويرى بعض العلماء أنّ القُرب بين المدينة وميقات أهلها فيه حِكمةٌ؛ ألا وهي التواصُل والتقارُب بين الحَرمَين الشريفَين؛ حيث إنّ المسلم لا يكاد يُودّع المسجد النبويّ حتى يُقابل ما يرتبط بالمسجد الحرام، ومن الجدير بالذِّكر أنّ ذا الحليفة اشتُهِر أيضاً بأسماء أخرى، مثل: الحسا، وآبار علي؛[٤] وهو اسم يعود إلى بئرٍ منسوبٍ إلى الصحابيّ الجليل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-،[٥] وقد بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المواقيت المكانيّة لِمَن أراد الحجّ أو العُمرة -كما ذُكِر سابقاً-، ومنها ميقات أهل المدينة المُنوَّرة؛ إذ ورد: (إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِهِنَّ مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ والعُمْرَةَ، ومَن كانَ دُونَ ذلكَ، فَمِنْ حَيْثُ أنْشَأَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِن مَكَّةَ).[٦][٧]
استحباب الصلاة في ذي الحليفة قبل الإحرام
يرى العديد من العلماء استحباب الصلاة عند المواقيت بشكلٍ عامٍ، وعند ذي الحليفة؛ ميقات أهل المدينة المُنوَّرة بشكلٍ خاصِّ؛ بحيث يُؤدّي مَن أراد حَجّ البيت الحرام أو العمرة الصلاةَ؛ سواء كانت فريضةً -إذا كان وقتها-، أو صلاة ركعتَين من النوافل، أو الوضوء وإتباعه بركعتَي سُنّة الوضوء، ومن ثمّ الإحرام؛ فقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه صلّى فريضة صلاة الظهر في حجّة الوداع، ثمّ أحرم، واستدلّ العلماء على استحباب الصلاة عند ميقات ذي الحليفة بفِعْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، بالإضافة إلى ما نُقِل عنه -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِن رَبِّي، فَقالَ: صَلِّ في هذا الوَادِي المُبَارَكِ، وقُلْ: عُمْرَةً في حَجَّةٍ).[٨][٩]
مواقيت مكانيّةٌ أخرى
ذُكِر سابقاً أنّ ميقات أهل المدينة المُنوَّرة هو ذو الحليفة؛ والذي يبعُد عن مكّة المُكرَّمة ما يُقارب أربعمئةٍ وخمسين كيلومتراً، كما أنّ هناك مواقيت ومواضع أخرى للإحرام في اتِّجاهاتٍ أخرى، وهذه المواقيت هي مواضع لأهل كلّ بلدٍ، أو لِمَن يمرّ منها، بَيْد أنّ من أراد الحجّ أو العُمرة ولم تكن طريقه تمرّ بأحد المواقيت، فإنّ الميقات يكون عنده من مكانه، أمّا إن كانت جهة الحاجّ أو المُعتمِر تختلف عن جهة المواقيت، فله الحُرّية في الإحرام من أيّ ميقاتٍ؛ سواء كان مسافراً عن طريق البَرّ، أو البحر، أو الجَوّ، كما يصحّ الإحرام إذا ما تمّ قَبل أن يمرّ الحاجّ أو المُعتمِر من المواقيت المعلومة، وقد ورد في فقه الشافعية أنّ الحاجّ أو المعتمر إذا حاذى ميقاتَين في طريق لا يصل به إلى ميقات، فإنّه يُحرِم من مُحاذاة أقربهما إليه، أمّا إذا كانا متساويَين في القُرب منه، فإنّه يُحرِم من مُحاذاة أبعدهما عن مكّة المُكرَّمة، والمواقيت التي بيّنها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كالآتي:[١٠]
- موضع الجُحفة: والذي يوجَد في شمال غرب مدينة مكّة المُكرَّمة على بُعد مئةٍ وسبعةٍ وثمانين كيلومتراً؛ والجُحفة مكانٌ قريبٌ من رابغ التي تبعُد عن مكّة مئتَين وأربعة كيلومتراتٍ؛ حيث أصبحت رابغ ميقاتاً لأهل الشام ومصر، ولِمَن يمرّ من تلك الطريق، وذلك بعد اختفاء معالم الجُحفة.
- موضع قَرْن المنازل: وهو جبلٌ يوجد شرقيّ مكّة المُكرَّمة، ويُطلّ على جبل عرفات، كما يبعُد عن مكّة بما يقارب أربعة وتسعين كيلومتراً، وهو ميقاتٌ لأهل نجد.
- موضع يلملم: وهو جبلٌ يقع جنوبيّ مكّة المُكرَّمة على بُعد أربعة وخمسين كيلومتراً، وهذا الموضع هو ميقاتٌ لأهل اليمن.
- موضع ذاتُ عِرْقٍ: ويقع في شمال شرق مكّة المُكرَّمة على بُعد أربعة وتسعين كيلومتراً، وهو ميقات أهل العراق.
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1424هـ)، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، السعودية: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 174-175، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ حسين العوايشة (1423 – 1429 هـ)، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (الطبعة الأولى)، الأردن: المكتبة الإسلامية، صفحة 274-275، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 655. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 11، جزء 20. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1404 – 1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 290، جزء 21. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1524، صحيح.
- ↑ “من حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام..)”، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1534، صحيح.
- ↑ “استحباب الصلاة في مسجد ذي الحليفة قبل الإحرام”، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2020. بتصرّف.
- ↑ “ماهي المواقيت المكانية للحج والعمرة ؟”، islamonline.net، 2014-9-4، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2020. بتصرّف.