خطوات الحج
الحجّ
إنّ الحجّ أحد أركان الإسلام، وقد فرضه الله -سبحانه وتعالى- على القادر عليه، فقال تعالى في محكم كتابه: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)،[١] وقد عدّ الله تعالى الحجّ من أفضل الأعمال وأكثرها تقرّباً إليه، وعدّه أيضاً بمنزلة الجهاد في سبيله، ومن فضائل الحجّ أيضاً؛ أن جعله الله تعالى سبباً لمغفرة الذنوب والفوز بالجنّة، ومن الجدير بالذكر أنّ المصالح المتحقّقة من الحجّ كثيرةٌ، ومنها: تعظيم شعائر الله تعالى؛ مصداقاً لما جاء في القرآن الكريم: (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)،[٢] وجمع قلوب الأمّة والتأليف فيما بينها، إذ يجتمع حجّاج بين الله الحرام من مختلف المنابت وشتى الأصول والألون والأوطان لهدفٍ واحدٍ، وبهذا عرضٌ لقوة المسلمين، وإبرازٌ لشوكتهم، ومن المصالح المتحقّقة من الحجّ أيضاً؛ إعلان توحيد الله تعالى وإظهاره قولاً وفعلاً.[٣]
خطوات الحجّ
يقوم الحجّ على أربعة أركانٍ، وهي: الإحرام الذي يُعتبر النيّة للحجّ، والوقوف في عرفة، لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (الحجُّ عرفةُ)،[٤] وطواف الإفاضة؛ لقول الله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)،[٥] والسعي؛ لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (اسْعَوا فإن اللهَ كتبَ عليكُم السّعْي)،[٦] وسبعة واجبات، وهي: أن يكون الإحرام من الميقات، والوقوف في عرفة إلى غروب الشمس لمن وقف في النهار، والمبيت في منى ليالي أيام التشريق، والمبيت في مزدلفة إلى بعد منتصف الليل لمن كان فيها قبله، والحلق أو التقصير، ورمي الجمرات على الترتيب، وطواف الوداع، وذبح شاة في حال كان الحاجّ قارناً أو متمتّعاً، وغير ذلك من الأعمال يُعتبر سنّةً، والفرق بين الركن والواجب والسنّة؛ أنّ ترك الركن يُبطل الحجّ، وأمّا ترك الواجب فلا يُبطل الحجّ وإنّما يوجب عند جمهور العلماء الدم؛ أي ذبح شاةٍ، وأمّا السنّة فلا يترتّب على تركها أيّ شيءٍ،[٧] وفيما يأتي بيانٌ لخطوات الحجّ للمتمتّع:[٨]
- الإحرام من الميقات: أو الإحرام من المحلّ في حال عدم المرور عن الميقات؛ فيحرم الحاجّ بلبس رداءٍ وإزارٍ أبيضين، ثمّ يقول: لبيك حجّه، ويشرع في التلبية، وهي قول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
- طواف القدوم: ويطوف الحاجّ بالبيت سبعة أشواط، ويسنّ له الاضطباع خلالها، والاضطباع؛ هو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن ويجعل أطرافه على عاتقه الأيسر، ومن السنّة الرمَل في أول ثلاثة أشواطٍ، والرمَل؛ هو قريبٌ من الركض، ويسمّى أيضاً بالخبب وهو المشي بقوّةٍ، ومن الجدير بالذكر أنّ الرمَل في الطواف سنّة في الحجّ والعمرة؛ إذ إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يرمل في الشوط الأول والثاني والثالث، فيسرع مع مقاربة الخطوات.
- السعي بين الصفا والمروة: ويكون السعي سبعة أشواطٍ، يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة، ويتخلّل السعي ذكرُ الله تعالى، والدعاء.
- الحلق أو التقصير: وبعد الحلق أو التقصير يكون بذلك قد أنهى الحاجّ عمرته وتمتّع بها إلى الحجّ؛ فيجوز له التحلّل من الإحرام.
- الإحرام للحجّ: ويكون الإحرام للحجّ في اليوم الثامن من ذي الحجّة؛ فيحرم الحاجّ من بيته ويقول: (اللهم لبيك حجه).
- التوجه إلى منى: وعند الوصول إلى منى تُقصر الصلاة ولا تُجمع، فيصلي الحاج الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، ثم يصلي الفجر مع سنّته في اليوم التالي، ويتوجه إلى عرفات ملبّياً أو مكبّراً؛ لأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ترك الملبي يلبي والمهلّل يهلّل.
- الوقوف في عرفات: ويبدأ الوصول إلى عرفات بعد الزوال، ويجلس الحجاج في عرفات يذكرون الله تعالى، ويستغفرون، ويتضرّعون إليه، ويقرأون القرآن الكريم حتى تغيب الشمس، ومن الدعاء الوارد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قوله: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيُّون مِن قَبلي لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له له الملكُ له الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ)،[٩] ويمكن للحاجّ قضاء يوم عرفة راكباً على مطيّته أو سيّارته، أو جالساً في ظلّ شجرةٍ، أو جالساً على الأرض، ولا يجوز الخروج الكلّيّ من عرفة إلا بعد غروب الشمس، وأمّا الخروج والعودة إليه فلا بأس به، وبعد غروب الشمس يتوجّه الحجّاج إلى مزدلفة.
- المبيت في مزدلفة: عند الوصول إلى مزدلفة، يصلّي الحجّاج المغرب والعشاء جمعاً وقصراً، كما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويبيتون فيها إلى الفجر ثمّ يصلّون الفجر، ويتوجّهون إلى مكّة.
- رمي جمرة العقبة: يكون رمي جمرة العقبة بسبع حصياتٍ في أول أيام العيد، ويكبّر مع كلّ حصاةٍ.
- ذبح الهدي: يُفضّل أن يكون الذبح بعد رمي جمرة العقبة.
- الحلق أو التقصير: وبعد الحلق أو التقصير يكون الحاجّ قد أصاب النسك.
- طواف الإفاضة: ويكون سبعة أشواطٍ.
- السعي بين الصفا والمروة: ويكون سبعة أشواطٍ، يبدأ بالصفا ويُختم بالمروة.
- رمي الجمرات: ويكون رمي الجمرات بعد الزوال في اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجّة، وتُرمى الجمرة الأولى بسبع حصياتٍ ويتمّ التكبير مع كلّ حصاةٍ، ويُشرع الدعاء هناك، ثمّ الانتقال إلى الجمرة الوسطى، وتكرار الأمر عندها، ويُختم الرمي بجمرة العقبة، ومن ثمّ التوجّه إلى مكّة.
- طواف الوداع: وبعد طواف الوداع يخرج الحاجّ من مكّة مسافراً.
سنن الحج
ثمّة الكثير من السنن في الحجّ، ومنها:[١٠]
- الإشتراط عند الإحرام للحج بأن يقول الحاجّ: (محلي حيث حبستني).
- الإكثار من قول لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، ورفع الصوت للرجال دون النساء، ويلبّي الحاجّ إلى أن يرمي جمرة العقبة.
- في الطوف يستحب القول بين الحجر الأسود والركن اليماني: (ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار).
- الإكثار من التكبير والتلبية عند الانتقال من منى إلى عرفات.
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية: 97.
- ↑ سورة الحج، آية: 32.
- ↑ “فضل الحج وفوائده”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي، الصفحة أو الرقم: 3044 ، صحيح.
- ↑ سورة الحج، آية: 29.
- ↑ رواه ابن عبد البر، في التمهيد، عن حبيبة بنت أبي تجراة، الصفحة أو الرقم: 2/101، صحيح .
- ↑ “أركان وواجبات وسنن الحج”، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 6-9-2018. بتصرّف.
- ↑ “شرح مناسك الحج”، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 7-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 2/345 ، إسناده صحيح .
- ↑ “سنن في الحج”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-9-2018. بتصرّف.