كيف ألزم الاستغفار
فضل الدوام على الأعمال الصالحة
حثّ الإسلام على المداومة على الطاعات، والعبادات، وجعل للمداومة عليها فضائل، وثمرات عديدة، يُذكَر منها:[١]
- تُعَدّ صفة من صفات المؤمنين الذين يأتون بالعمل في كلّ الأوقات مُراعين في ذلك شروط العمل، وصحّته.
- تُعَدّ صفة من صفات الأنبياء، ووصيّة الله -عزّ وجلّ- للرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ فالأنبياء أكثر الناس عبادة لله، وأدومهم على فعل الخير، والطاعات طيلة حياتهم؛ إذ إنّهم لم يتركوا العبادة، والعمل الصالح حتى جاءهم الموت.
- تُعَدّ المداومة على الصالحات أحبَّ الأعمال إلى الله -تعالى-، وخاصّة أدومها وإن قلّت، حتى وإن كان العمل أقلّ أجراً من غيره وكان ضمن طاقة الإنسان وقدرته، ويُشار إلى أنّ الله لا يملّ من العبادة حتى يملّ الناس من أدائها.[٢]
- يزداد إيمان المسلم؛ فالطاعة تحثُّ المسلم على فعل عبادات أخرى، وتجلب معها أخواتها من الطاعات، فيزداد الإيمان بازدياد العبادات، ومثل ذلك الصدق فهو يهدي صاحبه إلى البِرّ والإحسان، ثمّ إلى الفوز بالجنّة؛ بسبب فعل الطاعات.
- يقي من الوقوع في الغفلة التي يكون مآلها الوقوع في الخسران والهلاك.
- تُعَدّ سبباً في نيل مَحبّة الله -تعالى-، والتي تتحصّل بالمداومة على العمل الصالح.
- تُعَد سبباً في النجاة من المصائب والشدائد؛ فقد كان دوام سيّدنا يونس على ذِكر الله مُنجِياً له من بطن الحوت.
- يدوم الأجر عند العجزعن الإتيان بالطاعة؛ قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا)[٣]
- تُعَدّ سبباً لتكفير الذنوب، ومَحوها.
- تُعَدّ سبباً لحُسن الخاتمة، ودخول الجنة؛ فالمداومة على العبادة تجعل المسلم يقضي حياته في أداء العبادة وهو مُطمئِنّ النفس.
ما يُعين على لزوم الاستغفار
بواعث الاستغفار
تتعدّد الأمور التي تُعين على الاستغفار، و تتعدّد بواعثه، وفي ما يأتي ذِكر أربعة منها:[٤]
- ذِكر الله -تعالى-، واستحضار عظمته، وهَيبته، ومعرفة مقامه، والحرص على رضاه، وتجنُّب سخطه، والخوف من عذابه؛ فالعبد الذي يُقدِم على الذنب يكون غير مُستحضر لعظمة الله وقدرته لحظة وقوع الذنب؛ فالله هو الذي يعاقب على الذنب، ويعفو عنه؛ واستحضار ذلك يجعل العبد حريصاً على المغفرة دائماً.
- تذكُّر الموت، والاستعداد له، وتحقير الدنيا، وتعظيم الآخرة، وتذكُّر أنّ الموت لا يقف أمام طفل، أو شابّ، أو عجوز، واستغفار المسلم لنفسه خلال حياته أَولى من استغفار الناس له بعد موته؛ فالعاقل هو الذي يغتنم حياته قبل مماته، والترغيب في الجنة والترهيب من النار يجعل المسلم مُداوِماً على الطاعة، والاستغفار.
- معرفة عاقبة الذنوب والمعاصي، وآثارها، وأنّها سبب في البلاء، والغفلة، والشرّ، وضيق الرزق، وبُغض الناس، وعدم التوفيق للطاعات، والاستغفار يدفع الإثم، والبلاء الناتج عن الذنوب، والمعاصي.
- مجاهدة النفس الأمّارة بالسوء، والاستعانة عليها بالله -عزّ وجلّ-، والنفس ذات صفات مُتعدّدة؛ فهي تميل إلى إرادة صاحبها، ولهذا فإنّ على الإنسان أن يرقى بها من عالم المحسوسات، ويجاهدها بالتوبة، والاستغفار، والتهذيب؛ للارتباط بالعالم الإلهيّ، وقد أرشدنا الله -تبارك وتعالى- إلى أنّ الاستغفار طريق لصَرف النفس عن الإثم، والذنوب.
موانع الاستغفار
يتأثّر قلب المسلم بالمعاصي والذنوب، ومن شأن التوبة والاستغفار أن يزيلا أثر الذنب والمعصية داخل قلب المسلم، إلّا أنّ هناك عدّة أمور قد تمنع العبد من الإقبال على الاستغفار، والتوبة، ومنها ما يأتي:[٥]
- استعظام الذنوب، واليأس من المغفرة، ونسيان أنّ رحمة الله -تعالى-، ومغفرته أكبر من كلّ الذنوب، والخطايا.
- الجهل بعاقبة الذنوب؛ لتمكُّن الشهوة حين وقوع المعصية، والعاقل هو الذي يشعر بالندم ويستغفر عند استيقاظ الإيمان في قلبه.
- طول الأمل، وحُبّ الدنيا، وإيثارها على الآخرة، وتأجيل التوبة والاستغفار.
- التعوُّد على المعصية، واستصغارها، والاستهانة بها، وفي ذلك جهل بمَقام الله -تعالى-.
ثمرات الاستغفار
تُعَدّ المداومة على الاستغفار من الأمور التي يُعَدّ فِعلها؛ امتثالاً لأمر الله -عزّ وجلّ-، واتِّباعاً لسُنّة الرسول- صلّى الله عليه وسلّم-، بالإضافة إلى ثمراته العديدة التي تعود على المسلم بالنفع، والخير،[٦] وفيما يأتي بيان لبعضها:[٦]
- صفاء القلب، وصلاحه، وانشراحه، والحفاظ على سلامته من آثار الذنوب والمعاصي.
- الأمن من عذاب الله -عزّ وجلّ-، وعقابه.
- استشعار حلاوة العبادة، وتسهيل أدائها.
- عُلوّ الدرجات، واستحضار رحمة الله -تعالى-.
- الاقتداء بسُنّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.
- تيسير العلم، وازالة ظلمة المعاصي التي تمنع نوره.
- دعاء الملائكة، واستغفارهم للتائبين المستغفرين.
- نزول المطر، ونماء الزرع، وزيادة القوة.
الحَثّ على الاستغفار في القرآن والسنّة
الحَثّ على الاستغفار في القرآن الكريم
الاستغفار من العبادات العظيمة التي دعا إليها القرآن الكريم، وقد بيّنت آيات كثيرة الفضلَ المُترتِّبَ على من يؤدّي هذه العبادة من مَحبّة الله -تعالى- له، والصلة الدائمة بالله، وصرف العذاب عن المُستغفرين، والأجر العظيم لهم، سواء أكان العبد الذي يؤدّي بهذه العبادة من المذنبين، أو من الصالحين، وقد بيّنت الآيات أنّ الاستغفار هو دعوة الأنبياء لأقوامهم،[٧] ومن هذه الآيات ما يأتي:[٧]
- قال الله -تعالى-: (وَاستَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ توبوا إِلَيهِ إِنَّ رَبّي رَحيمٌ وَدودٌ)[٨]
- قال الله -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا)[٩]
- قال الله -تعالى-: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)[١٠]
الحَثّ على الاستغفار في السنّة النبويّة
دعت الكثير من الأحاديث النبويّة إلى الاستغفار، وبيَّنت فضله،[١١] ومن هذه الأحاديث:
- عن أبي هريرة قال: قال – رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ المؤمنَ إذا أذنب ذنبًا كانت نكتةً سوداءَ في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقلتْ قلبَه، فإن زاد زادت حتى تُغلقَ قلبَه، فذلك الرانُ الذي قال اللهُ جل ثناؤه: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوِبِهْم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ).[١٢]
- عن عبدالله بن عبّاس قال: قال رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: (منْ أكثرَ منَ الاستغفارِ، جعلَ اللهُ لهُ منْ كلِّ همِّ فرجًا، و منْ كلِّ ضيقٍ مخرجًا، و رزقَهُ منْ حيثِ لا يحتسبْ).[١٣]
أهمّية الاستغفار
كان الرسول -صلّى الله عليه وسلم- مُلازماً للاستغفار في كلّ أحواله؛ فقد كان يستغفر الله في اليوم الواحد مئة مرّة، والاستغفار مطلوب من المسلم؛ سواء كان الذنب صغيراً، أو كبيراً، كما أنّ عليه الاستغفار عن الأوقات التي غفل فيها عن الذكر، والاستغفار قد يكون عن الأوقات التي تمضي دون طاعة لله فيها،[١٤] وللاستغفار أهمّية عظيمة تعود على الفرد، ومنها ما يأتي:[١٥][١٦]
- الرزق الواسع في الأموال، والأولاد.
- انكشاف الهمّ، وذهاب الضيق.
- مغفرة الذنوب، حتى وإن كانت كثيرة.
- النجاة من عذاب النار.
- زوال أثر الذنب، وتبديل السيّئات إلى حسنات.
- إصلاح القلب، وتجديد الإيمان.
- بقاء النِّعَم ودوامها؛ لأنّ شكر النِّعَم يكون بمعرفتها، والإنسان قاصر عن ذلك؛ فيكون الشكر بالاستغفار عن القصور عن إدراك هذه النِّعَم.
للمزيد من التفاصيل عن الاستغفار وفضله الاطّلاع على المقالات الآتية:
- ((طريقة الاستغفار الصحيحة)).
- ((ما فوائد كثرة الاستغفار)).
- ((فوائد التسبيح والاستغفار)).
- ((ما هو سيد الاستغفار وما فضله)).
- ((ما الفرق بين التوبة والاستغفار)).
المراجع
- ↑ “المداومة على الطاعات: فضائلها – ثمراتها – أسبابها “، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2019. بتصرّف.
- ↑ البخاري، صحيح البخاري، صفحة 304، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 2996، صحيح.
- ↑ حاتم رجا عودة، الاستغفار في الكتاب والسنة، صفحة 112-125. بتصرّف.
- ↑ الاستغفار في الكتاب والسنّة، حاتم رجا عودة، صفحة 138-147. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد بن علي العرفج، الاستغفار وثمراته العاجلة والآجلة، صفحة 29-39. بتصرّف.
- ^ أ ب “فضائل الاستغفار في القرآن الكريم والسنة النبوية “، www.ar.islamway.net. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية: 90.
- ↑ سورة النساء، آية: 64.
- ↑ سورة محمد، آية: 19.
- ↑ “إظهار فضائل الاستغفار”، ar.islamway.net. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن جرير الطبري، في تفسير الطبري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1/147، صحيح.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 8489، صحيح.
- ↑ محمد بن علي العرفج، الاستغفار وثمراته العاجلة والآجلة، صفحة 40-41. بتصرّف.
- ↑ أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، صفحة 311. بتصرّف.
- ↑ حاتم رجا محمود عودة، الاستغفار في الكتاب والسنة ، صفحة 126-137. بتصرّف.