أفق إن ظلم الدهر غير مفيق – الشاعر البحتري
أَفِقْ، إِنَّ ظُلْمَ الدَّهْرِ غَيْر مُفِيقِ
وَإِِنَّ رَفِيقَ الْبَثِّ شَرُّ رَفِيقِ
تَشَعَّبُ بِي مُسْتَأْنَفَاتُ فُنُونِهِ
طَرِيقاً الى الأَشْجَانِ غَيْرَ طَرِيقي
فَنَفْسي فَرِيقا قِسْمَةٍ ،أَغفلَ الهوى
فَرِيقاً ،وأَوْدَى شُغْلُهُ بِفرِيقِ
وفي كَبِدِي نارُ اشْتِياقٍ كَأَنَّها
إِذا أُضْرِمَتْ لِلْبُعْدِ نَارُ حَرِيقِ
لِذكرى زَمَانٍ بانَ مِنَّا بِنَصْرةٍ
وَعَيْشٍ مَضَى بالرَّقَّتَيْن رَقيقِ
كَتَمْتُكَ لَمْ أُخْبِرْكَ عن ذُلِّ عاشقٍ
تَمادَى بهِ وَجْدٌ ، ودَلِّ عَشِيقِ
وَإِنِّي بَرِيٌّ مِنْ وِدَادِ أَصادِقٍ
وِدَادُهُمُ بالغَيْبِ غَيْرُ صَدُوقِ
شَبِيهانِ :إِحْسَاني بِهِمْ وإِسَاءَتي،
ومِثْلاَنِ : بِريِّ عِنْدَهُمْ وعُقُوقي
أَقولُ، وَخَلَّى صاحِبايَ إِرادتي
وَقَدْ سَلَكا بالأَمْسِ غيرَ طَريقي:
خُذاني عَلَى مِيمَاسِ حِمْصٍ فإِنَّني
إِلى خِلِّيَ الحِمصِيِّ جِدُّ مشُوقٍ
أَشاقُ عَلَى العهْدِ القَديمِ،وأَبتْغِي
زِيادةَ قُرْبٍ مِنْهُ وَهْوَ لَصِيقي
يَطُولُ بِكفٍّ في السَّماحةِ طَلْقةٍ
وَوْجَةٍ إِلى المُسْترْفِدِينَ طَليقِ
له حَسَبٌ في الأَقدَمِين مُقَدَّمٌ،
ونابِهُ فَخْرٍ في الفخَارِ عَتِيقِ
مَتَى اخْتُبِرَ الفِتيانُ عن حَمْلِ مُغْرمٍ
فَمِنْ عاجِز عن آدِهِ ومُطِيقِ
وَجَدتُ شَقِيقَ الجُودِ دُونَهُمُ أَبَا
عَلِيِّ على عَلاَّتهِ ابْنَ شَقيقِ
فَتىً لِدنِيِّ الأَمرِ جِدُّ مُباعِدِ
وبالخُلقِ المَرضىِّ جِدُّ خَلِيقِ
أَعُدُّ بِهِ ذُخْرِي ليُسْرِي وعُسْرَتي،
ومُعْتَصَرِي في فَرْجَتي ومَضيفي
وأدْنى بَني عَمِّي إِلَّي،وإِنَّما
دُنُوُّ ابْنِ عَمِّي أَنْ يَكُونَ صَديقي