حكم صيام يوم عرفة

حكم صيام يوم عرفة

يُعتبر صيام يوم عرفة سنّةً لجميع الناس من الرجال والنساء،[١] بيد أنّ ذلك لا يشمل من يكون في الحجّ، فمن يكون حاجّاً من السنّة أن يُفطر، فقد أفطر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يوم عرفة، وذلك للبُعد عن المشقّة، إضافةً إلى تحقيق الهدف من يوم عرفة ألا وهو الذكر، وهو المقصود من يوم عرفة، والذي يكون بلا شك أقوى عند الفطر، كما أنّ العبادة المتّصلة؛ أي الذكر، تُقدَّم على العبادة المنفصلة؛ أي الصيام.[٢]

تعريف يوم عرفة

يُعرّف يوم عرفة باليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وهو ذلك اليوم الذي يقف فيه الحجّاج على جبل عرفة أو عرفات، والذي يقع شرق مكة المكرمة على بُعد ثلاثٍ وعشرين كيلو متراً تقريباً، ولا بد من الإشارة إلى مقصود كُلّاً من لفظ عرفة وعرفات، حيث إن كلاهما بمعنى واحد، وهي البُقعة التي يتوجّب على الحجّاج الوقوف بها، ويقول آخرون إنّ عرفات هو اسمٌ للجبل أو البقعة الأرضية المُعيّنة والمعروفة، أمّا عرفة فيُعنى به اليوم الذي يقف فيه الحجّاج بعرفات، وهناك من يرى أن لفظ عرفات هو جمع عرفة، فكلّ قطعة من الموقع هي عرفة، ومجموع هذه القِطع هو عرفات.[٣]

فضل يوم عرفة وصيامه

لقد خلق الله الأيّام وفاضل بينها، فجعل منها ما هو أكثر الأيّام خيراً وأجراً، فهي أيّام تتعاظم فيها الحسنات وتُمحى السيئات، ومن هذه الأيام يوم عرفة،[٤] ففيه تكفيٌر للذنوب والخطايا، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه أنّه: (يُكفِّرُ السنّةَ الماضيةَ والباقيةَ)،[٥][٦] ولا شك أن يوم عرفة فيه الكثير من الفضائل التي وردت في القرآن الكريم والسنّة النبوية، منها:[٤]

  • يوم عرفة من أيّام الأشهر الحرم وأشهر الحجّ، ومن الأيّام المعلومات التي ذكرها الله -تعالى-، وأقسم بها، وأثنى عليها، قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ)،[٧] ويوم عرفة من شهر ذو الحجّة، وهو أحد الأشهر الحرم، وقال سبحانه: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ)،[٨] قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: “إنها عشر ذي الحجة” وقال ابن كثير: وهو الصحيح.
  • يوم عرفة من الأيّام العشرة ذات الفضل في العمل، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من عمَلٍ أزْكَى عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ ولا أعظَمَ مَنزِلةً من خيرٍ عُمِلَ في العَشْرِ منَ الأضحى، قيل: يا رسولَ اللهِ، ولا مَن جاهَدَ في سَبيلِ اللهِ بنفْسِهِ ومالِهِ، قال: ولا مَن جاهَدَ في سَبيلِ اللهِ بنفَسْهِ ومالِهِ إلَّا مَن لمْ يَرجِعْ بنفْسِهِ ومالِهِ).[٩]
  • يوم عرفة يُباهي الله -تعالى- فيه أهل السماء، فهو ركن الحجّ الأعظم، ويُكثر العتق من النار، قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).[١٠]
  • يوم عرفة هو اليوم الذي أتمّ الله به النعمة وأكمل فيه الملّة، حيث نزل فيه قول الله -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).[١١]
  • يوم عرفة يُعظم فيه الدعاء، فقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنه قال: (خَيرُ الدُّعاءِ دُعاءُ عَرَفةَ، وخَيرُ ما قُلتُ أنا والنَّبيُّونَ مِن قَبلي: لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَه لا شَريكَ له، له المُلكُ وله الحَمدُ وهو على كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ)،[١٢]

المراجع

  1. “حكم صيام يوم عرفة”، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 20-1-2019. بتصرّف.
  2. محمد المختار الشنقيطي، دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي، صفحة 14، جزء 24. بتصرّف.
  3. “التعريفُ بيومِ عَرَفةَ”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-1-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب راشد بن معيض العدواني، “فضل يوم عرفة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-1-2019. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
  6. عبد الله البسام (2003)، توضيح الأحكام من بلوغ المرام (الطبعة الخامسة)، مكة المكرمة: مكتَبة الأسدي، صفحة 529-530، جزء 3. بتصرّف.
  7. سورة التوبة، آية: 36.
  8. سورة الفجر، آية: 2.
  9. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج مشكل الآثار، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2970، إسناده قوي.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1348، صحيح.
  11. سورة المائدة، آية: 2.
  12. رواه شعيب الأرناووط، في تخريج شرح السنة، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 7/ 157، حسن في الشواهد.