النهي عن المنكر
الأمر بالمعروف
إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من أهم الأسباب التي تؤدي إلى تحقيق الصلاح في الأمة، وحفاظاً لها من الأخطار والمفاسد، حيث إنّ الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، من أعظم الأمور التي حثّ عليها الإسلام، حيث قال الله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)،[١] وفي الآية الكريمة قدّم واجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر على الإيمان، مما يدل على أهمية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، حيث يترتب على ذلك العديد من المصالح، والأمور العظيمة، ومن الجدير بالذّكر أنّ المسلمين بحاجةٍ ماسةٍ إلى ذلك، بسبب ما انتشر في المجتمعات من المعاصي، والآثام، والبدع، والضلالات، والشرك بالله تعالى، ومما يدل على أهمية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر أيضاً، قيام الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- به، والصحابة رضي الله عنهم، والسلف الصالح، والحاجة إلى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بعدهم أكثر؛ بسبب انتشار الجهل، وقلة العلم، والغفلة عند الكثير من الناس، ولأجل ذلك فقد أمر الله -تعالى- بذلك، وحثّ عليه، وقدّمه على الإيمان به، ولأجل ذلك أرسل الله -تعالى- الرسل عليهم السلام، وإنّ توحيد الله تعالى، وإخلاص العبادة له، الأصل في المعروف، وأصل المنكر الشرك بالله تعالى، وعبادة غيره، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فرض كفايةٍ على المسلمين، ورغم ذلك قدّم على الأمر بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، حيث قال الله تعالى: (وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللَّهَ وَرَسولَهُ أُولئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّهُ)،[٢] فإنّ الآية الكريمة تدل على أنّ الرحمة من الله تعالى، تتحقق بطاعة الله تعالى، والقيام بأوامره، وتجنب نواهيه.[٣]
النهي عن المنكر
إنّ صيانة ورعاية حرمة دين الإسلام، وحمايته من البدع والمعاصي، والمخالفات، من أعظم الأمور التي يقوم عليها الدين الإسلامي، كما أنّ الواجب على الأمة القيام بشريعة الله -تعالى- كما أمر، ومن صور ذلك؛ إقامة ولاية الحسبة، حيث إنّ جميع الولايات عائدةٌ إليها، حيث قال الله تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)،[٤] فالمنكرات والمعاصي كالداء الذي يصيب المجتمع، فيتسبب بهلاكه وخرابه، والتهاون في إنكار المنكرات والفواحش وصدّها، من الأسباب التي تؤدي إلى حلول العقاب، والعذاب من الله تعالى، ومما يدل على ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما من قومٍ يُعمَلُ فيهم بالمعاصي، ثم يقدِرون أن يُغَيِّروا ثم لا يُغَيِّروا؛ ألّا يوشكُ أن يعمَّهم اللهُ منه بعقابٍ)،[٥] كما أنّ عدم إنكار المنكر من الأسباب التي تؤدي إلى اللعن من الله تعالى، والطرد من رحمته، كما أنّ الواجب على الآباء والأمّهات الحرص على بيوتهم؛ بإنكار أيّ منكرٍ يحدث في بيوتهم، ومن أعظم الأمور التي قد تحصل، عدم الخوف من خطر المعاصي، والأمور التي قد تحصل بسببها، حتى يصبح انتهاك أوامر الله -تعالى- من الأمور التي لا بأس بها، فيصبح المنكر معروفاً، والمعروف منكراً، ومن الجدير بالذّكر أنّ القيام بواجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، يتطّلب تحمّل العديد من الأعباء والمشاق، والاعتداء، ونشر الإشاعات والشبهات حول الدعاة والمصلحين، من الأمور ذات الخطر العظيم، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)،[٦] ومن الواجب على المسلم عدم الإعانة على القيام بالمعاصي، والذنوب والمنكرات.[٧]
وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بيّن العلماء عدّة وسائلٍ من أساليب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، الواجب على المسلم اتباعها عند تقديم النصح والإرشاد لغيره، وفيما يأتي بيان بعضها:[٨]
- أسلوب الكلمة الطيبة، فعلى الداعية أو مقدّم النصيحة، ألّا يأمر أو ينهى دون أيّ مقدمةٍ، فيجب أن تكون مناسبةً، حيث إنّ ذلك قد يؤدي إلى تحقيق أمورٍ سلبيةٍ، كما أنّ الكلام مع الناس، لا يقبل أن يكون كلّه ذمّاً وإساءةً للآخرين، وذكراً لذنوبهم وأخطائهم، فيجب أن يكون الحديث مع الناس بذكر محاسنهم وأفضالهم، اقتداءً بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، حيث ورد عنه، أنّه قال للأشج أشج عبد القيس: (إن فيكَ خصلتينِ يحبهُما اللهُ: الحلمُ والأناةُ)،[٩] كما أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أثنى على مجموعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم، منهم: خالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله.
- أسلوب الكتاب أو الكتيّب، وذلك بالكتابة بإنكار المنكرات والفواحش، أو توزيع كتابٍ ما، أو العمل والمساهمة في نشر بعض الكتب الهامّة؛ ببذل المال، أو المجهود البدني، بنشر الكتب على المؤسسات والمساجد والمدارس، وغير ذلك من الأماكن.
- استخدام الهاتف في إنكار المنكر؛ وذلك بالاتصال بالشخص الذي قام بالمنكر والفاحشة، وحثّه على الابتعاد عن المنكرات، والتوبة عما قام به، كما يمكن الاتصال بالعلماء، والمسؤولين، وغيرهم ممن يستطيعون تغيير المنكر وإبطاله.
- مقاطعة القائم بالمنكر، وعدم التعامل معه، سواءً أكان شخصاً أم موسسةً؛ ومن ذلك مقاطعة المؤسسات التي تتعامل بالربا، ومؤسسات الانحراف والرذائل والفواحش.
- التشهير بالمنكر والشخص القائم به، وذلك عند لزوم الأمر وتحتمه، ولا يشترط في التشهير أن يكون بالإعلان فقط، فله عدّة صورٍ أخرى.
- أسلوب النشرة الصغيرة التي تتحدّث عن موضوعٍ معينٍ من المواضيع الهامة، وتمتاز بسهولة قراءتها.
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية: 110.
- ↑ سورة التوبة، آية: 71.
- ↑ “وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 104.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 2317، صحيح.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 21.
- ↑ “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنكار المنكرات”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018. بتصرّف.
- ↑ “وسائل مباشرة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 17، صحيح.