احكام الزواج في الاسلام

أحكام الزواج في الإسلام

إنّ للزواج في الإسلام أحكاماً خاصّةً متعلقةً به، منها ما يعتبر شروطاً، ومنها ما هو ركن لا يتمّ الزواج بدونه، وفي هذا المقال سنتطرّق إلى أحكام الزّواج المختلفة، وما يترتّب عليها.

أركانه

إنّ عقد الزّواج الشّرعي لا يتحقّق إلا باكتمال أركانه، وهي على النّحو التالي: (1)

  • الصّيغة: وتعني الإيجاب من وليّ الزّوجة، مثل قوله: زوّجتك أو أنكحتك ابنتي، والقبول من الزّوج، مثل قوله: تزوّجت أو نكحت.
  • الزّوج: ومن الشّروط التي تشترط فيه:
    • أن لا يكون من المحرّمين على الزّوجة، وممّن يحلّ لها الزّواج به.
    • أن يكون الزّوج معيّناً ومحدّداً، فلو قال الولي: زوّجت ابنتي على أحدكم، لا يكون الزّواج صحيحاً، وذلك لعدم تعيين الزّوج وتحديده.
    • أن يكون الزّوج متحللاً، أي غير محرم بحجّ أو بعمرة.
  • الزّوجة: ومن الشّروط الواجب توفّرها في الزّوجة ما يلي:
    • أن تكون خاليةً من موانع النّكاح.
    • أن تكون الزّوجة معيّنةً ومحدّدةً.
    • أن لا تكون الزّوجة محرمةً بحجّ أو بعمرة.
  • الوليّ: فإنّه لا يجوز للمرأة أن تزوّج نفسها، سواءً أكانت صغيرةً أو كبيرةً، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم:” لا تزوّج المرأة المرأة، ولا تزوّج المرأة نفسها “، رواه ابن ماجه.
  • الشّاهدان: وأمّا الدّليل على وجوب وجود الشّاهدين في عقد النكاح فهو قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم:” لا نكاح إلا بوليّ وشاهدي عدل “، رواه ابن حبّان في صحيحه.

خصائصه

يتميّز عقد النّكاح بمجموعة من الخصائص، ومنها: (2)

  • التّأبيد: حيث أنّه قد ذهب بعض الفقهاء إلى أنّ النّكاح أو الزّواج عقد مؤبّد، وبالتالي فهو لا يقبل التّأقيت، ولا يجوز توقيته، سواءً أكان ذلك من خلال لفظ المتعة أو بغيره من ألفاظ النّكاح، وسواءً أكان ذلك لمدّة قصيرة أم طويلة، أو كانت المدّة معلومةً أم مجهولةً، وفي حال كان التأقيت مضمراً في نفس الزّوج، أو غير مصرّح به، فإنّ للعلماء في ذلك أقوالاً، فقد ذهب الجمهور إلى أنّ النّكاح صحيح في هذه الحالة، وقد نصّ على ذلك كلّ من الحنفيّة والمالكيّة على الرّاجح، والشّافعية، غير أنّهم قالوا بكراهته، وهذا أيضاً رأي عند الحنابلة، وقال الحنابلة أنّ هذا الزّواج لا يصحّ، وهو الصّحيح من مذهبهم، وهو أيضاً قول لبهرام من المالكيّة.
  • اللزوم: حيث أنّ النّكاح أو الزّواج عقد يلزم كلاً من الطرفين، سواءً الزّوج أو الزّوجة، وهذا رأي كلّ من الحنفيّة، والمالكيّة، والشّافعية في الأصحّ، الحنابلة. وفي مقابل الأصحّ عند الشّافعية :” أَنَّهُ جَائِزٌ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ لَهُ رَفْعَهُ بِالطَّلاَقِ وَالْفَسْخِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِهِ، أَمَّا فَسْخُهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْفَسْخِ فَلاَ يَتَأَتَّى لاَ مِنَ الرَّجُل وَلاَ مِنَ الْمَرْأَةِ “.

سننه

إنّ للنكاح مجموعةً من السّنن والآداب، منها: (3)

  • الخطبة: وهي قول من تولى العقد:” إنّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، ثمّ يقرأ:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ “، و” يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً “، و” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً “، وذلك لأنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” إذا أراد أحدكم أن يخطب لحاجة من نكاح وغيره فليقل الحمد لله … “.
  • الوليمة: وذلك لقول النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – لعبد الرحمن بن عوف لمّا تزوّج:” أولم ولو بشاة “، رواه البخاري، ومن أهمّ ما يسنّ في الوليمة وآدابها أنّه يجب حضورها لمن لم يكن له عذر، وذلك لقول النّبي صلّى الله عليه وسلّم:” من دُعي إلى عرس أو نحوه فليجب “، رواه مسلم، وكذلك فإنّه يرخص للمسلم عدم حضورها في حال كان هناك لهو، أو لعب، أو أمر باطل.
  • إعلان النّكاح: وذلك من خلال دف أو ما شابهه، لقول النّبي صلّى الله عليه وسلّم:” فصلٌ ما بين الحلالِ والحرامِ الدُفُّ والصوتُ في النكّاحِ “، رواه الألباني.
  • الدّعاء للزوجين: وذلك بقول:” بارَكَ اللَّهُ لَكَ وبارَكَ عليْكَ وجمعَ بينَكُما في الخيرِ “، رواه الألباني.
  • الدّعاء عند الدّخول: حيث يسنّ للرجل إذا دخل على زوجته أن يأخذ بناصيتها، ثمّ يقول:” اللَّهمَّ أنِّي أسألُكَ خيرَها وخيرَ ما جبلتَها علَيهِ، وأعوذُ بِكَ مِن شرِّها وشرِّ ما جَبلتَها علَيهِ “، رواه الألباني.
  • الدّعاء عن الجماع: وهو أن يقول الزّوج عند إرادة الجماع:” بسمِ اللهِ اللَّهمَّ جنِّبنا الشَّيطانَ وجنِّبِ الشَّيطانَ ما رزقتَنا “، رواه الألباني.

الوكالة في العقد

إنّ حكم الوكالة في عقد النّكاح هو الجواز، حيث أنّه يجوز لكلّ من الرّجل، وولي المرأة، والمرأة الي لا يصحّ النّكاح دون إذنها، أن يوكلوا من ينوب عنهم في عقد النّكاح، ويتولى عنهم الإيجاب والقبول مع عدم حضورهم.

قال ابن قدامة في المغني:” ويجوز التّوكيل في عقد النّكاح في الإيجاب والقبول، لأنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – وكّل عمرو بن أميّة، وأبا رافع في قبول النّكاح له “.

وقد تكون هناك حاجة ماسّة للوكالة في عقد النّكاح، فربّما احتاج شخص أن يتزوّج من مكان بعيد، وكان من غير الممكن له أن يسافر، ومن ذلك أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – تزوّج من أمّ حبيبة، وقد كانت يومئذ في أرض الحبشة.

ويقوم الوكيل مقام من قام بتوكيله من ناحية الإيجاب والقبول، ولا يلزم أن يحضر من قام بالتوكيل من الزّوجين، ففي حال قال وليّ المرأة أو وكيله:” زوّجتك ابنتي فلانة “، فإنّ الزوج أو وكيله يقول:” قبلت “، وبالتالي لا يشترط أن يقول الوكيل قبلتها لموكلي، ما دام ينوي في نفسه قبولها لموكّله.

وقد جاء في مواهب الجليل، وهو أحد كتب المالكيّة المعتمدة:” وليقل الوكيل: قبلت لفلان – يعني موكّله – ولو قال قبلت لكفى، إذا نوى بذلك موكّله “. (4)

المراجع

(1) بتصرّف عن فتوى رقم 7704/ أركان الزواج/ 22-4-2001/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net

(2) بتصرّف عن الموسوعة الفقهية الكويتية/ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- الكويت.

(3) بتصرّف عن كتاب النكاح والطلاق أو الزواج والفراق/ جابر بن موسى الجزائري/ مطابع الرحاب/ الطبعة الثانية.

(4) بتصرّف عن فتوى رقم 122903/ مسألة حول الوكالة في الزواج/1-6-2009/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net