حكم صلاة الجماعة
اختلفت الآراء بين العلماء والمفسّرين حول حكم صلاة الجماعة وخاصّةً في المسجد، وسنتحدّث في هذا المقال عن الآراء الواردة حول هذا الموضوع، وعن الأدلّة الشرعيّة الّتي ذكرت في الدّين الإسلامي.
حكم صلاة الجماعة
- اختلف العلماء في حكم صلاة الجماعة، فقال أبو العبّاس وأبو إسحاق: (هي فرض كفاية يجب إظهارها في النّاس، فإن امتنعوا من إظهارها قوتلوا عليها، وهو المنصوص في الإمامة، والدّليل عليه ما روى أبو الدّرداء رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ما من ثلاثةٍ في قرية ولا بدوٍ لا تُقام فيهم الصّلاة، إلّا قد استحوذ عليهم الشّيطان، عليك بالجماعة، فإنّما يأخذ الذئب من الغنم القاصية).
- أفتى النوويّ في المجموع شرح المهذّب، فقال: (والصّحيح أنّها فرض كفاية، وهو الّذي نصّ عليه الشافعي في كتابه “الإمامة” كما ذكره المصنّف، وهو قول شيخي المذهب: ابن سريج، وأبي إسحاق، وجمهور أصحابنا المتقدّمين، وصحّحه أكثر المصنّفين، وهو الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة)
- نصّ القرآن الكريم والسنّة النبويّة على أنّ صلاة الجماعة واجبة على الرّجال القادرين عليها، وهناك عدّة أدلّة تحدّثت حول هذا الموضوع.
أدلّة تثبت وجوب صلاة الجماعة
- قال تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصّلاة فلتقم طآئفةٌ مّنهم مّعك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورآئكم ولتأت طآئفةٌ أخرى لم يصلّوا فليصلّوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ودّ الّذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم مّيلةً واحدةً ولا جناح عليكم إن كان بكم أذًى مّن مّطرٍ أو كنتم مّرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إنّ اللّه أعدّ للكافرين عذاباً مّهيناً) (النّساء 102).
- عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنّه قال: (أتى النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ رجلٌ أعمى، فقال: يا رسول الله ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجد، فسأله أن يرخّص له ليصلّي في بيته فرخّص له، فلمّا ولّى الرّجل دعاه فقال: هل تسمع النّداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب). وجاء مثل هذا في رواية أحمد وابن حبّان والطبراني، وفيها أنّ الأعمى هو عبد الله بن أمّ مكتوم. حديثٌ صحيح رواه مسلم والنّسائي وغيرهما.
- عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: (من سرّه أن يلقى اللّه غداً مسلماً ، فليحافظ على هؤلاء الصّلوات _ المكتوبة _ حيث ينادى بهنّ، فإنّ اللّه شرع لنبيّكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنّهنّ من سنن الهدى، ولو أنّكم صلّيتم في بيوتكم كما يصلّي هذا المتخلّف في بيته، لتركتم سنّة نبيّكم، ولو تركتم سنّة نبيّكم لضللتم، وما من رجلٍ يتطهّر فيحسن الطّهور ثمّ يعمد إلى مسجدٍ من هذه المساجد إلاّ كتب اللّه له بكلّ خطوةٍ يخطوها حسنةً ، ويرفعه بها درجةً ، ويحطّ عنه بها سيّئةً ، ولقد رأيتنا وما يتخلّف عنها _ أي صلاة الجماعة _ إلاّ منافقٌ معلوم النّفاق ، ولقد كان الرّجل يؤتى به يهادى بين الرّجلين حتّى يقام في الصّفّ) رواه مسلم وغيره.