تعريف بالإمام البخاري
الإمام البخاريّ
الإمام البخاريّ؛ هو: أبو عبدالله، مُحمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بَرْدِزْبة، كان والد البخاريّ من رُواة الحديث، وذكره ابن حبّان في كتاب الثّقات، وقد كانت ولادة البخاريّ يوم الجمعة، من العام مئة وأربعٍ وتسعينٍ، لثلاث عشرة ليلةٍ خلت من شهر شوّال، وقد أقام مُحمّد في مكّة؛ لطلب العلم، وكانت أوّل رحلةٍ له سنة مئتَين وعشر، إذ ارتحل إلى الجزيرة، والشّام، ومِصْر، والبصرة، وبغداد، والكوفة، وأقام ستّة أعوامٍ في الحجاز.[١]
نشأة الإمام البخاريّ
نشأ الإمام البخاريّ في عائلةٍ فاضلةٍ، ذات دِينٍ، توفّي والده وهو طفلٌ، فكَفِلته أمّه، ورعت أموره، وقد عُرفت بالصّلاح والتقوى، وقد بدء في حفظ القرآن وأمّهات الكُتب قبل بلوغه سِنّ العاشرة، وبدء بعدها في حفظ الحديث النبوّي، واستمرّ في تلقّي الدُّروس، وداوم عليها،[٢] ولازم عدداً من المُحدّثين، وكان يردّ عليهم ما ظهر لديهم من أخطاء، كما تعلّم فقه أصحاب الرأي، وكان قد أتمّ حِفْظ ما ألّفه وكيع وابن المُبارك حين أتمّ ستة عشر سنةً.[٣]
طلب الإمام البخاريّ للحديث
عُرف الإمام البخاريّ بسِعَة حِفْظه، إذ كان يجلس في مجالس الشّيوخ ينصت فقط للمشايخ دون أن يكتب شيئاً، وكان المُحدّثين يرجعون إليه لتوثيق ما كتبوه؛ لشدّة حِفْظه، وكان حريصاً على معرفة الحديث الصحيح من غيره، والنَّظر في كتب أصحاب الرأي من أهل الحديث،[٤] كما امتاز البخاريّ بالذّكاء والعلم، إذ كان كثير الاطّلاع في الكتب، ولديه العلم الغزير.[٥]
شيوخ البخاريّ وتلاميذه
بدأ الإمام البخاريّ بالأخذ عن شيوخه في بلدة بُخارى، وسَمِعَ في بداية الأمر عن عبدالله بن مُحمّد بن عبدالله بن جعفر بن اليمان، ومحمد بن سلام البيكندي، وقسّم ابن حجر -رحمه الله- شيوخ البخاريّ إلى خمس طبقاتٍ؛ الأولى: أتباع التابعين، مثل: مكيّ بن إبراهيم، ومُحمّد الأنصاريّ، وعُبيدالله بن موسى، والثانية: المُعاصرين لأتباع التابعين ممّن لم يسمع عن ثقات التابعين، مثل: أيوب بن سليمان، وسعيد بن أبي مريم، وآدم بن أبي إياس، والثالثة: الطبقة الوسطى من شيوخ البخاريّ، ممّن لم يلتقِ بالتابعين، إلّا أنّهم أخذوا عن أتباع التابعين، مثل: سليمان بن حرب، وابن حنبل، وابن معين، وقتيبة بن سعيد، وابن المديني، وأبي بكر بن أبي شيبة، والرابعة: مَن رافق البخاريّ في طلب الحديث، وسَمِعَ قبله؛ كأبي حاتم الرزايّ، وعبد بن حُميد، ومُحمّد الذُّهلي، والخامسة: مَن يُعتبر من طلبته في الإسناد والسِّن، إذ أخذ عنهم من باب الاستفادة، مثل: عبدالله الآمليّ، وعبدالله الخوارزميّ، وحسين القباني، أمّا تلاميذه؛ فقد أخذ عنه عددٌ كبيرٌ، منهم: الإمام مُسلم بن الحجّاج صاحب الصحيح، والإمام محمد الترمذيّ صاحب كتاب الجامع، وأبي حاتم، وأبي زُرعة الرازيان، ابن خزيمة، وصالح بن مُحمّد.[٦]
مصنّفات البخاريّ وكُتبه
عُرف البخاريّ بكثرة المصنّفات والكتب، ومن مُصنّفاته: الأدب المُفرد، والتاريخ الكبير، والتاريخ الأوسط، والتاريخ الصغير، والجامع الكبير، والردّ على الجهميّة، والمبسُوط، والمسند الكبير، والمُؤتلف والمُختلف، والعِلَل، والضعفاء، وبرّ الوالدَين، والفوائد، والقراءة خلف الإمام، والأشربة، والهبة،[٧] ومن أشهر مُصنّفات البخاريّ: الجامع الصحيح المُسند من حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وسُنَنه وأيّامه، المعروف باسم الجامع الصحيح، أو صحيح البخاريّ، فالبخاريّ أوّل مَن صنّف في الأحاديث الصحيحة، فكان يستخير الله ويصلّي ركعَتين قبل أن يُصنّف أي حديثٍ، فقد استمرّ في تأليفه وجَمْعه ستة عشر عاماً.[٨]
ثناء العلماء على الإمام البخاريّ ومناقبه
أكثر أهل العلم في مُختلف العصور من الثناء على الإمام البخاريّ -رحمه الله-، وذِكْر محاسنه، ومحاسن مُصنّفاته، فقد حَظِي بمكانةٍ عاليةٍ عند شيوخه وأقرانه، فقد تحدّثوا عنه بما يستحقّه من المديح، وقد ذكر كلٌّ من الذهبيّ وابن حجر العسقلانيّ مناقب البخاريّ في كتابَين خاصَّين، إذ ذكره الذهبيّ في تذكرة الحفّاظ، وذكره وابن حجر في كتابه تهذيب التهذيب، وقد وردت العديد من الأقوال عن العديد من الأئمة في بيان فَضْل ومكانة الإمام البخاريّ، فقال عنه الإمام مُسلم: “إنّك سيّد المُحدّثين وطبيب الحديث في عِلله”، وقال الإمام الترمذيّ: “لم أرَ أحداً في العراق ولا بخراسان في معرفة العِلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمّد بن إسماعيل”، وقال الحافظ مُحمّد بن بشّار: “حفّاظ الدنيا أربعةٌ: أبو زُرعة بالرَّي، ومُسلم بن الحجّاج بنيسابور، وعبدالله بن عبدالرحمن الدارميّ بسمرقند، ومُحمّد بن إسماعيل البخاريّ ببخارى”، وقال الإمام أحمد بن حنبل: “ما أخرجت خراسان مثل مُحمّد بن إسماعيل”.[٩]
كان الإمام البُخاريّ -رحمه الله- حريصاً في ألفاظه بجَرْح وتعديل الرُّواة، خائفاً من لقاء الله -تعالى-، وقد عُرف أيضاً بكَرْمه؛ إذ كان صاحب عطاءٍ، يتصدّق على المساكين والمحتاجين من أهل الحديث، مُلتزماً بحدود الله، حريصاً على الاقتداء بما ورد في السنّة النبويّة، ومن أعظم مناقبه؛ الإخلاص لله -تعالى-، في العلم والعمل، فقد انتشرت مؤلفاته، وحاز كتابه الجامع الصحيح بالقبول من الأمّة جمعاء، إذ عُدّ من أصحّ الكتب بعد القرآن الكريم.[١٠]
وفاة الإمام البخاريّ
تُوفّي الإمام البخاريّ -رحمه الله- ليلة السبت عند صلاة العِشاء، وكانت ليلة عيد الفِطْر، وتم دَفْنه يوم عيد الفِطْر، بعد صلاة الظُّهر، وكان ذلك سنة مئتَين وستةٍ وخمسين للهجرة، بعد أن قضى اثنين وستّين سنةً إلّا ثلاثة عشر يوماً في طلب العلم، وتصنيف الأحاديث، وحِفْظها، وقد تُوفّي في قرية من قُرى سمرقند، بعد أن أقام فيها بعض الأيّام.[١١]
المراجع
- ↑ محمد الدمشقي (1992)، حياة البخاري (الطبعة الأولى)، بيروت: دار النفائس، صفحة 13-15. بتصرّف.
- ↑ ابن الملقن (2008)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (الطبعة الأولى)، دمشق: دار النوادر، صفحة 56، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ أبو بكر كافي (2000)، منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 44.
- ↑ محمد الدمشقي (1992)، حياة البخاري (الطبعة الأولى)، بيروت: دار النفائس، صفحة 17-20. بتصرّف.
- ↑ أبو بكر كافي (2000)، منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 46. بتصرّف.
- ↑ بلال علوان (5-5-2010)، “التعريف بالإمام البخاري”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-7-2020. بتصرّف.
- ↑ أبو بكر كافي (2000)، منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 53-54. بتصرّف.
- ↑ “الإمام البخاري”، www.islamstory.com، 1-5-2006، اطّلع عليه بتاريخ 21-7-2020. بتصرّف.
- ↑ محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 1116-1117، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ “الإمام البخاري .. أول من دوّن الصحيح”، www.islamweb.net، 4-7-2016، اطّلع عليه بتاريخ 21-7-2020. بتصرّف.
- ↑ أبو بكر كافي (2000)، منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 52. بتصرّف.