الدولة عند ابن خلدون
ابن خلدون
هو عبد الرّحمن بن خلدون (أبو زيد)، ولد سنة 732هـ بتاريخ 27 مايو في تونس، وكان أحد المؤرّخين في شمال إفريقيا، وقد حفظ القرآن الكريم وهو صغير على يد أبيه، وكان أجداده أصحاب مناصبَ سياسية ودينية كبيرة، وكان أهله من أهل الجاه والنّفود الكبير، لحق بجامعةِ الزّيتونة في شمال إفريقيا، ثم توجه إلى مصر، وهناك كرّمه السّلطان الظّاهر برقوق، وتوفي عام 1406 وكان يبلغ السّادسة والسّبعين من عمره، ودفن في القاهرة في منطقة باب النّصر.
كان ابن خلدون من مؤسسي علم الاجتماع والاقتصاد والفلسفة؛ وكان كثير الاطلاع على الأحوال البشرية القديمة، وله قدرةٌ كبيرةٌ على استطلاع الآراء ونقدها، وتميز ابن خلدون بدقةِ ملاحظته وإنصافه، فعينه السّلطان محمد بن الأحمر سفيراً إلى أمير قشتالة لعقدِ الصّلح بينهم بسبب فكره الدّبلوماسي الحكيم، كما طلب أهل دمشق منه الأمان مِن تيمور الحاكم الظالم.
حلَّ ابن خلدون الكثير من النّزاعات بين زعماء الدّول؛ كالنّزاع الذي كان قائماً بين السّلطان محمد بن الأحمر وأمير قشتالة، وقدم له ملك المغرب رسالةً خطيةً بخصاله الإسلامية وحكمته وذكائه وكرمه وغيرها من الصّفات التّي اتصف بها، كما ساهم ابن خلدون في دعوة السّلطان أبي حمو الزّاني بين القبائل بعد سقوط بجاية على يد السّلطان القسطنطني.
لابن خلدون العديدُ من الكتب والمؤلفات؛ كمقدمة ابن خلدون، وكتاب شفاء السّائل لتهذيب المسائل، والتّعريف بابن خلدون ورحلاته شرقاً وغرباً، ولباب المحصل في أصول الدّين.
الدّولة عند ابن خلدون
عرَّف ابن خلدون مفهوم الدّولةِ بطريقةٍ فلسفيةٍ مختلفة عن التّاريخي البيئي، ولم يكن مفهومه مستنبطاً من مجموعةٍ من الأنظمة المحددة؛ فكان مفهومه تاريخياً اجتماعياً بحث من خلاله عن مجموعةٍ من القواعد المشتركة لمجموعةٍ من الدّول والأمم، والتّي ثبتتْ في عقل المؤرخ ابن خلدون، وعرّفها بكتاب (تاريخ ابن خلدون )؛ فيتم به استيعاب البنية التّاريخية للدّولة وليس بالتّنبؤ بالأنظمة.
حذّر في كتابه من إمكانية فهم كتابته بدايةً بشكلٍ خطأ، فقد كانت كُتُبه التّاريخية فلسفيةً؛ فكان الحذر الأكبر من التّجافي في تبديلِ الحقائق التّاريخية في الأمم والأجيال، فقانون التّاريخ هو الحركة أو التّغير الذي يحدث.
دولةُ ابن خلدون هي بنيةٌ من البنى المتفاعلة، وجاءت مع تزامن تحليلٍ تاريخيٍ واجتماعي، وجاء مصطلح الدّولة بقصد الشّريعة لتسجيد شريعة الله تعالى في الأرض وبعض المواقف الفقهية؛ فيجب التّركيز تماماً على فهم الكلمة والمصطلح لفهم المعاني والتّفريعات المقصودة؛ كأشكال السّلطة وأشكال الحكم.