ابن احمد الحميدي
هو الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن احمد بن محسن ال زائر الحميدي الثقفي من قبيلة الحمده المعروفه بمدينة الطائف وقد ولد فيها، درس في مدارس مدينة الطائف حتى الثانويه ثم اكمل دراسته الجامعيه في جامعة أم القرى وحصل على البكالوريوس منها ثم حصل على شهادة الدكتوراه منها وكان عنوان رسالته ( براءة الأئمة الأربعة من مسائل المتكلمين المُبتدعة)، واصبح الشيخ عبدالعزيز الحميدي أستاذا مساعدا بقسم العقيده بكليه الدعوة وأصول الدين ” جامعة ام القرى ” وذلك لمدة سنتين .
ألف الدكتور عبدالعزيز عدة كتب منها ” المزدلفه ،أسماؤها ،حدودها ، أحكامها ” وكتاب ” البرق اليمني في نقد قصة مرويات أويس القرني “، وقد ألقى الشيخ عبدالعزيز الحميدي كلمه في جامعة ام القرى بمكه المكرمه ومن هذه الكلمه مقطع ” وأذكر كلمة الإمام بن قيم الجوزية – ذكرها في كتابه المشهور “طريق الهجرتين وباب السعادتين” – ويقصد الإمام بـ”طريق الهجرتين” أن المسلم لا بد له من هجرتين يهاجر إليهما وليست الهجرتان هنا الهجرة الحسية التي هي الانتقال من بلد إلى بلد ولكن المراد هنا: الهجرة المعنوية؛ هجرة إلى الله سبحانه وتعالى بعبادته وحده لا شريكا له والتلقي من وحيه الكريم والإعراض عن عبادة كل ما سواه وأن لا يعظََّمَ أحد أو يُخَصَّ أكثر منه، من حبه وتعظيمه له سبحانه وتعالى – وهذا يسمى بالتوحيد -.
وهجرة إلى رسول الله؛ والمعنى الهجرة إلى سنته والهجرة إلى شريعته، فلا نجعل لنا قدوة ولا أسوة نقتدي بها ونتأسى بها إلا رسول الله ، فالحق هو ما قاله والباطل هو ما حذر منه، والخير كل الخير في سنته والشر كل الشر في الإعراض عن سنته وتنكبها وسلوك السبل المضلة والعياذ بالله، ومن هاتين الهجرتين تفتح أبواب السعادتين؛ سعادة الدنيا: الطمأنينة واليقين والثبات على الأمر الذي يفقده كل من لم يؤمن بالله حقا وصدقا، والسعادة الأخرى؛ بدخول رحمة الله وجناته وانضمامه إلى عباده الصالحين:
” يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي”
في هذا الكتاب يقول ابن القيم –رحمه الله-:
“أهل الإسلام في أهل الملل الأخرى قليل، (يعني: المسلمون بالنسبة لغيرهم قليل) وأهل السنة في أهل الإسلام قليل والعلماء في أهل السنة قليل والعاملون من العلماء في أهل السنة قليل والصابرون على الأذى من العاملين من العلماء قليل، فهم قليل من قليل من قليل وإنهم خيار من خيار من خيار”.
وهذه مستويات وطبقات ينظم الله عز وجل من شاء من عباده الأخيار بحسب استعدادهم وبحسب يقينهم فليس من أعطي يقينا عظيما كمن أعطي شيئا قليلا -بلا شك-، ولذلك أذكر أيضا كلمة أخرى لابن القيم أيضا فيقول –رحمه الله- بعد كلمته السابقة: ” عِظَمُ المِنَّة يستلزم عِظَمَ المُهِمَّة” هذا أشبه ما يكون بقاعدة مطردة، والمعنى أن الله سبحانه وتعالى يمن بالإيمان وبالهدى وبالعلم وبالنبوة أيضا، هذا من شأنه سبحانه وتعالى في عباده، أليس كذلك؟ ولكن هؤلاء الذين مَنَّ الله عليهم بالعلم أو بالإيمان أو بالنبوة – بحسب منة الله عليهم – تكون مهمتهم ووظيفتهم وجهادهم وصبرهم أعظم من غيرهم، ولذلك؛ لما كان في النبوة أعظم منحةٍ وأعظم فضيلةٍ وأعظم شرفٍ يشرف الله به مَن اصطفاه من عباده – “والله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ” الله أعلم حيث يجعل رسالته ” وإنه عندنا لمن المصطَفَيْنَ الأخيار ” فالأنبياء هم زبدة البشرية وصفوة الخليقة وخيرة البرية، والأنبياء في أنفسهم متفاوتون بعضهم أفضل من بعض: ” تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ” والله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: ” وكان فضل الله عليك عظيما ” ، ” كان فضل الله عليك كبيرا ” ، ” ألم يجدك يتيما فآوى” . ووجدك ضالا . فهدى ووجدك عائلا فأغنى” . وغير ذلك من المقامات العظيمة والشرف الكريم أجلّ الله به محمدا صلى الله عليه وسلم وأجل به غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام – ولكن الأنبياء في المقابل كانوا أعظم الناس جهادا وأعظم الناس صبرا وأعظم الناس عملا وعبادة وصدقا وإخلاصا وأكثر الناس تعرضا للبلاء والفتنة ليقابل ذلك مقامَ النبوة الذي امتن الله به عليهم. ”