كيف كان النبي يأكل ويشرب

الهدي النبوي

يعرف الهدي النبوي بأنه سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وما صدر منه من الأقوال والأفعال، وتجدر الإشارة إلى أن السنة النبوية تعد المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، والرجوع إلى السنة النبوية من دلالات الإيمان، حيث قال الله تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ)،[١] فالواجب على كل مسلم السير على منهاج السنة في جميع جوانب حياته، وذلك لتحقيق حكمة عظيمة دلّ عليه قول الله تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)،[٢] فإرسال محمد إلى الأمة من أعظم النعم التي منحها الله تعالى لعباده، فقام بأداء الرسالة، وزكّى النفوس بتحقيق الإيمان بها.[٣]

ولم تقتصر رسالة محمد على ما يتعلّق بأمور العقيدة والعبادة فقط، وإنما شملت جميع جوانب ومناحي الحياة، ولتطبيق ذلك في الحياة العميلة، والسير على نهج الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، واتخاذه قدوة حسنة، فلا بدّ من المعرفة الدقيقة بالهدي النبوي، وبالتالي يكسب العبد محبة رسوله صلى الله عليه وسلم، وينميها في قلبه.[٣]

طريقة النبي في الأكل والشرب

لا يمكن الاستغناء عن الطعام والشراب؛ فهما حاجتان أساسيتان، ومن أعظم نعم الله تعالى على عباده، وكثيراً ما ورد ذكر الطعام والشراب في آيات القرآن الكريم، لفتاً للأنظار، وموعظة وعبرةً للعباد، ليشكروا الله وحمده على ما أنعم، حيث قال الله تعالى: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ*أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا*ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا*فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا*وَعِنَبًا وَقَضْبًا*وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا*وَحَدَائِقَ غُلْبًا*وَفَاكِهَةً وَأَبًّا*مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)،[٤] ولتحقيق التميز للأمة الإسلامية في الطعام والشراب لا بدّ من اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في طريقة طعامه وشرابه، وفيما يأتي بيان جانبٍ من ذلك:[٥]

  • يجب أن يقصد المسلم من الطعام والشراب حفظ حياته منه، فليس القصد من الطعام تناوله أو التنوي فيه فقط، حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (ما مِن وعاءٍ ملَأ ابنُ آدَمَ شرًّا مِن بطنٍ، حَسْبُ ابنِ آدَمَ أُكُلاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَه فإنْ كان لا بدَّ فثُلُثٌ لطعامِه وثُلُثٌ لشرابِه وثُلُثٌ لنَفَسِه)،[٦] فكان الرسول عليه الصلاة والسلام أول من سار على النهج الذي قرّره في الحديث السابق، فلم كان يكثر من تناول الطعام، ولم يكن أيضاً من المنوّعين فيه، فكان تمضي أياماً طويلةً دون أن يُطبخ الطعام في بيوت نسائه، وكان أكثر أكله من الخبز، الذي اكتفى به.
  • كان النبي عليه الصلاة والسلام يحرص على غسل يديه قبل الطعام وبعده، وكان يجلس لتناول الطعام بالاجثاء على ركبتيه، وله هيئة أخرى في الجلوس للطعام بالجلوس على الرجل اليسرى، ونصب اليمنى، كما روى ذلك الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه.
  • كان النبي صلى الله عليه وسلم يتناول طعامه على الأرض، فلم يكن يتخذ مائدة للطعام، ولم يكن يتكئ أثناء طعامه، روى ذلك البخاري في صحيحه عن الصحابي وهب بن عبد الله، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (إني لا آكلُ متَّكِئًا)،[٧] أي أنه لم يكن يعتمد على الوسادة في جلوسه، ولم يكن كذلك يأكل منبطحاً؛ أي غير مستلقي على بطنه أو وجهه.
  • كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يبدأ طعامه بالتسمية بالله تعالى، ويختمه بشكره وحمده على نعمه، وما فضّل به عليه، وإن بدأ طعامه بدأه باليمين، وأكل مما يليه، بأصابعه الثلاث، عالقاً لها بعد الانتهاء من الطعام، وقال ابن القيم في ذلك: (وهو أشرف ما يكون من الأكلة، فإن المتكبر يأكل بأصبع واحدة، والجشع الحريص يأكل بالخمس، ويدفع بالراحة).
  • لم يتكبّر النبي عليه الصلاة والسلام في طعامه وشرابه، ولم يتكلّف بهما، فكان يأكل الحلوى والعسل، والرطب والتمر، وشرب اللبن لوحده ومخلوطاً بالقمح أو الشعير، وأكل اللبن مجففاً أيضاً، وأكل الخبز بالتمر وبالخل وبالزيت، وباللحم، وبالشحم المذاب.
  • فضلّ النبي عليه الصلاة والسلام بعض الأطعمة على بعضها الآخر، ومن الأطعمة التي فضّلها: البقل، والخيار، والقرع، والثريد، والظهر والكتف من اللحم.
  • كان النبي عليه الصلاة والسلام يشرب باليمين، وإن كان المشروب ماء كان يشربه على ثلاث دفعات، مع أخذ نفس بين كل دفعة وأخرى، بعيداً عن الإناء الذي فيه ماء، إلا أنه ورد أنه شرب الماء قائماً، لكن ذلك كان قليلاً منه، ومن الآداب التي حثّ عليها في الشرب أن يكون ساقي القوم آخر واحد يشرب الماء، مقدّماً الماء لغيره بالنظر إلى الجهة وليس بالنظر إلى العمر أو المكانة.
  • فضّل النبي عليه الصلاة والسلام من الشراب اللبن على غيره، كما كان يعجبه شرب الماء البارد العذب من الآبار.

اتباع النبي

يعرف اتباع النبي بأنه اتخاذ النبي عليه الصلاة والسلام والتأسي به، وذلك يكون في الاعتقادات والأقوال والأفعال، مع الحرص على النية والقصد والإرادة في ذلك، حيث قال الله تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا)،[٨] فاتباع النبي من الأسباب التي تشرح الصدور، وتُسعد الحياة، وتثبّت القلب، مهما أصاب العبد من المحن والابتلاءات، فالنبي من أكمل الناس خُلقاً في كل الصفات التي يتحقّق بها انشراح الصدر، وسعادة القلب.[٩]

المراجع

  1. سورة النساء، آية: 65.
  2. سورة الأحزاب، آية: 21.
  3. ^ أ ب “التعريف بالهدي النبوي وأهميته”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2018. بتصرّف.
  4. سورة عبس، آية: 24-32.
  5. “هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أكله وشربه”، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-11-2018. بتصرّف.
  6. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن المقدام بن معدي كرب، الصفحة أو الرقم: 674، أخرجه في صحيحه.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن وهب بن عبد الله السوائب أبي جحيفة، الصفحة أو الرقم: 5398، صحيح.
  8. سورة الأحزاب، آية: 21.
  9. “السعادة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-11-2018. بتصرّف.