أسباب الهجرة من الريف إلى المدينة

الريف والمدينة

المدينة هي المكان الحضري الأكثر تنظيماً من الريف، والأكثر اتساعاً في المساحة العمرانية، والشوارع، والأماكن العامة، والدوائر الحكومية وفيها يجد المرء كلّ ما يحتاجه من بضائع، ومعاملاتٍ رسمية أو تجارية، ويشملُ الريف المناطق التي تُحيط بمراكز المدن وضواحيها، ويُعرف بهدوئه النسبي مُقارنةً مع المدينة كما تتسع فيه المساحات المفتوحة الخضراء، والمناظر الطبيعية كعيون الماء، والوديان، والتلال، والسهول الخصبة الزراعية، ومن مظاهر الريف أيضاً الاهتمام بالثروة الحيوانية وتربيتها، لا سيما المواشي، والنحل، وبعض الطيور كالدجاج، والحمام، ورغم هذه الميّزات التي يتمتع بها الريف، إلّا أنّ العديد من سكانه لا سيما الشباب، يُهاجرون منه إلى المدينة لأسبابٍ عديدة، وفي هذا المقال سوف نتحدث عن أسباب الهجرة من الريف إلى المدينة.

أسباب الهجرة من الريف إلى المدينة

التنظيم

إنّ المُدن أكثر تنظيماً من الريف من حيثُ: طريقة البناء، وأسلوب الحياة العصري، وعنونة الشوارع والأماكن العامة، وترقيم المنازل والأبنية التي يسهل الوصول إليها، أو الاستدلال إليها أمّا في الريف فيستغرق المرء وقتاً أطول، وجُهداً أكبر للوصول إلى بعض الأشخاص، أو المنازل والعناوين ولا يتمّ ذلك إلّا عبر السؤال من شخصٍ لآخر، فيما تُقدم بعض المدن الكبيرة غير الوسائل السابقة لمواطنيها خرائط تفصيلية تُبين العناوين المهمة فيها، وجدولاً تعريفياً بسوقها وشوارعها، ويمكن للسائح استخدامه في كثيرٍ من الأحيان.

خصوصية الفرد

إنّ نمط التعامل بين السكان في المدينة مبنيٌ على أساس احترام حريات الآخرين وعدم التدخل فيها بعكس الريف، الذي غالباً ما تحكم علاقات أفراده البساطة والعفوية التي تؤدّي بأي فردٍ إلى سؤال جاره عن وجهته الصباحية، أو سبب عودته المُتأخرة إلى المنزل، فيما تختفي هذه السلوكيات عند الحديث عن علاقة سكان المدينة ببعضهم البعض.

المواصلات

يُعاني الكثير من الموظفين وطلبة الجامعات من صعوبة توفر المواصلات، من وإلى قراهم أو الأماكن الريفية التي يسكنونها، فتجدهم يتأخرون على الدوام في العمل، أو على المحاضرات الباكرة في المعاهد والجامعات، وحتى في طريق عودتهم إليها يقفون بالساعات لانتظار مركبة أجرة، وإن وجدت فغالباً ستطول الطريق حتّى تصل إلى المنزل وهذا ما يرفع كلفة المواصلات في نهاية الأمر مما يدفع هؤلاء إلى اختيار المدينة، كمكانٍ للإقامة والسكن عوضاً عن الريف.

البحث عن الذات

من الصعب ألّا يرتبط الساكن في الريف بعاداته وتقاليده وهي في غالب الأحيان لا تُعطي الفرد مجالاً للتعبير عن ذاته أو الاستقلال بها، فإذا اختلفت عوائل الريف تحتم على الأفراد جميعاً التخاصم، وإذا ما خالف أحدهم ذلك تنبذه الجماعة، أو أنّها لا تأخذ برأيه أو مشورته، كما تُعاني المرأة في الريف من بعض العادات فلا يصح أن تبقى دون زواجٍ بعد سن الخامسة والعشرين، في حين لا يُعطي سكان المُدن هذه الأمور أي اعتبار، وفيما يخصّ عمل المرأة أيضاً فهي لا تستطيع في معظم الأحيان الارتباط بوظيفةٍ تبعد كثيراً عن مكان سكنها وإن فعلت ستدفع ضريبةً كبيرة كمواجهة مشكلة التنسيق بين عملها وتربية أطفالها، وقد تلاقي بعض النساء المُثابرات في أعمالهن، صعوبةً في الزواج كون مجتمع الريف لا يتقبل عودة المرأة للمنزل، في ساعةٍ متأخرة من اليوم، أو في بعض الأحيان عودتها ليلاً.

تيسير المعاملات

إنّ المدينة هي المركز الإداري للمناطق السكنية القريبة منها كافة، سواء المُنظَمة كالمدينة نفسها، وضواحيها، أو الريف والقرى، وفيها العديد من الدوائر الحكومية كالوزرات ومديرياتها المختلفة التي تُقدم الخدمات المتعلقة بضروريات حياة المواطنين، كما يُسهل على الفرد الوصول لتلك الدوائر زمنياً، حيثُ لا يستغرق الأمر منه سوى دقائق، أمّا ساكن الريف فيحتاج لتفريغ نفسه يوماً كاملاً، أو ساعاتٍ طويلةٍ لإنهاء معاملته الرسمية.

الفعاليات الثقافية والأماكن الترفيهية

لا يولي الريف الاهتمام بالناحية الثقافية فسكان الريف يحرصون غالباً على تعليم أولادهم، وتزويجهم، والقيام بأعمال الزراعة، أو العمل عموماً، واستمرار الحياة على هذا النمط، أما الساعين لحضور الأمسيات الشعرية، أو الحفلات الموسيقية الراقية كالعزف المنفرد لعازف كمان، أو فرقة موشحاتٍ مثلاً، فلن يجدوها في الريف.

وينطبق الأمر كذلك على الأماكن الترفيهية فالترفيه محدودٌ في الريف، ومقتصرٌ على الأماكن الطبيعية، أمّا المدينة فهي تسعى لخلقٍ شكلٍ جديدٍ من الترفيه كالمطاعم، والمقاهي المتنوعة، والحدائق، والمدن المائية، ومدن الملاهي، كذلك تحتوي المدن على الأسواق الكبيرة والمتخصصة، وفيها يجد الفرد جميع ما يحتاج من أطعمةٍ، وألبسةٍ، ومقتنياتٍ إلكترونية وكهربائية، وكمالياتٍ عديدة.