كيف كان تعامل عمر بن الخطاب مع أهل بيت المقدس
مكانة بيت المقدس في الإسلام
ظلّت فلسطين وبيت المقدس محطّ أنظار الصحابة الذين كانوا ينتظرون اللحظة المناسبة لفتحها وضمّها إلى ديار المسلمين، ففي هذا البلد المبارك يوجد المسجد الأقصى الذي بني بعد المسجد الحرام بأربعين سنة، وهو من المساجد التي تشدّ الرّحال إليها والصّلاة فيه تعدل خمسمئة صلاة عن سواه من المساجد.
كما أنّ أرض فلسطين هي الأرض التي تشهد الملاحم بين المسلمين واليهود والتي ينتصر فيها المسلمون على اليهود حتّى ينطق الحجر والشّجر ليدلّا المسلم على مكان اليهودي، كما أنّ فيها المكان الذي يقتل فيه المسيح عليه السّلام الدّجال، فما هي قصّة فتح بيت المقدس أوّل مرّة على أيدي المسلمين ؟، وكيف عامل المسلمون النّصارى فيها ؟.
بداية فتح بيت المقدس
في ظلّ الفتوحات الإسلاميّة والانتصارات الكبرى التي حقّقها المسلمون على الفرس والرّوم حيث تمكّن المسلمون من دحر جحافلهم وردها مذعورة مهزومة، توجه القائد المسلم أبو عبيدة بن الجرّاح رضي الله عنه إلى بيت المقدس لحصار الرّوم فيها وتحريرها، وقد قام بإرسال رسالة إليهم حتى يذعنوا لرسالة الإسلام أو يقاتلوا، وقد ارتأى النصارى وبعد أن عاينوا ما حقّقه المسلمون من انتصارات على جميع الجبهات أن يسلّموا أمر تلك البلاد المقدّسة إلى المسلمين، فقام البطريرك صفريانوس بمراسلة المسلمين حتّى يعلمهم بهذا الأمر ويسلّمهم مفاتيح بيت المقدس، وقد طلبوا أن يأتيهم أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه حتّى يسلموه مفاتيحها شخصيًّا لما سمعوا من عدله الذي بلغ صيته الآفاق.
مسير عمر بن الخطاب إلى بيت المقدس
وافق سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه على طلب صفريانوس فسار إلى بيت المقدّس على دابته ومعه خادمه وزاد الرّحلة، وقد قطع آلاف الأميال رضي الله عنه وتكبّد فيها المشاق حتّى وصل إلى جيش أبو عبيدة ابن الجراح، وعندها تقدّم عمر رضي الله عنه ليدخل البلاد بيت المقدس استقبله صفريانوس وسلّمه مفاتيح بيت المقدس.
معاملة عمر بن الخطّاب لنصارى بيت المقدس
كانت معاملة سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه لأهل بيت المقدس مضرباً في المثل في حسنها ولياقتها وعدالتها، وما العهدة العمريّة التي وقعت مع نصارى إيلياء إلاّ شاهد على ذلك حيث آمنهم عمر رضي الله عنه على أنفسهم وأموالهم ودمائهم وأراضيهم، وعدّهم مواطنين في الدّولة الإسلاميّة كغيرهم من المسلمين، كما احترم رغبتهم بعدم مواطنة اليهود لهم في هذه الدّيار بسبب الخلافات بينهم، وقد اشترط عليهم فقط دفع الجزية كما يدفعها جميع أهل الذّمّة في الدّولة الإسلاميّة.