أين ولد عمر بن الخطاب
نسب عمر بن الخطاب ووصفه
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، القرشيّ العدويّ، المكنى بأبي حفص، والملقب بالفاروق، وقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في وصفه:(كان أبي أبيضاً تعلوه حمرةٌ، طوّالًا، أصلعاً، أشيب)، وقال أبو رجاء العطاردي: (كان طويلاً جسيماًً، شديد الصلع، شديد الحمرة، في عارضيه خفة، وسبلته كبيرة في أطرافها).[١]
مكان ولادة عمر بن الخطاب
ولد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في مكّة المكرّمة، وفيها نشأ وترعرع، حيث كانت تسود فيها الوثنيّة، وكانت طفولته قاسيةً جداً، فقد كان أبوه الخطاب يُكلّفه بالأعمال الشاقّة، ويضربه ضرباً مبرحاً في حال تقصيره بتلك الأعمال، وفي مرحلة الشباب تعلم القتال، والفروسية، والشعر، والكتابة، والخطابة، والمُفاخرة، فأصبح بطلاً من أبطال قريش، وصاحب مكانةٍ رفيعةٍ عند سادتها، وذو هيبةٍ عند شبابها، وممّا زاد من عظم مكانته في الجاهليّة تولّيه أمر السفارة، ودفاعه عن الأصنام؛ ولذلك كان عمر بن الخطاب من أشدّ الناس عداءً للإسلام، وإيذاءً للمسلمين فقد كان يرى في دعوة الإسلام خروجاً على النظام الحاكم في مكّة، وإثارةً للشغب فيها، وتفريقاً لصف القرشيين، وعلى الرغم من تلك العداوة، واعتقاد بعض الصحابة -رضي الله عنهم- باستحالة إسلام عمر إلا أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يعلم أنّ في داخل عمر بن الخطاب خصالاً عظيمةً قلّ ما تجتمع في شخصيّة رجلٍ، ولذلك دعا النبيّ عليه الصّلاة والسّلام قائلاً: (اللَّهمَّ أعزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذينِ الرَّجُلَيْنِ إليكَ بأبي جَهْلٍ أو بعُمرَ بنِ الخطَّابِ)،[٢] فكان عمر بن الخطاب أحبهما إلى الله تعالى.[٣]
إسلام عمر بن الخطاب
بعد عداء عمر بن الخطاب للإسلام فترةً من الزمن، بدأ يلين قلبه لذلك الدين العظيم، ولعلّ أول بادرةٍ لتحرك مشاعره نحو الإسلام؛ القصّة التي أخبرت بها زوجة عامر بن ربيعة رضي الله عنهما، وذلك عندما رآها عمر بن الخطاب وهي تتجهّز للهجرة إلى الى الحبشة؛ فقال كلمةً شعرت من خلالها أنّ قلبه بدأ يستشعر نور الإسلام، حيث قال: (صحبكم الله)، فأخبرت زوجها عامر بن الربيعة -رضي الله عنه- بقول عمر بن الخطاب، فردّ عليها وهو يتخيّل قسوة عمر وشدّته، وعداءه للمسلمين قائلاً: (أطمعت في إسلامه؟…فلا يسلم هذا حتى يُسلم حمار الخطاب)، قال هذا ونسي أنّ الأمور تُقاس بخواتيمها، وفي أحد الأيام وبعد أن عاش عمر فترةً من الصراع النفسي؛ وتصادم المشاعر، فهو يشعر أنّ المسلمين على حقٍّ وأنّ ثباتهم لا يمكن أن يكون إلّا من الله، وأنّ محمداً صلّى الله عليه وسلّم معروفٌ بينهم بالصدق والأمانة، وفي نفس الوقت يُفكّر في قريش والمنصب الذي يتقلّده، ومكانته العالية المرموقة في القبيلة، وقرّر عمر إنهاء هذا الصراع بقتل الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وممّا جعله يتعجّل في اتخاذ هذا القرار ما تعرّض له خاله أبو جهل من إهانةٍ على يد عمّ رسول الله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وخرج عمر من بيته متوشّحاً سيفه، متوجّهاً إلى النبيّ عليه الصّلاة والسّلام؛ ليقتله، فلقيه رجلٌ من قومه اسمه نعيم بن عبد الله وكان نعيم من المسلمين سرّاً، فلمّا رأى الغضب على وجه عمر سأله: إلى أين يا ابن الخطاب؟ فأجابه قائلاً: (أريد محمداً هذا الصابيء الذي فرق أمر قريش، وسفه أحلامها، وعاب دينها، وسفه آلهتها، فأقتله)، فلمّا سمع الصحابي ذلك تملّكه الرعب والفزع، و شعر بالخطر الذي يحيط برسول الله، بعدم وجود وقتٍ كافٍ لتحذيره، فحاول إنقاذ الموقف قائلاً: (والله لقد غرّتك نفسك يا عمر؛ أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمداً، أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم)، فنزلت كلمات نعيم على عمر كالصاعقة، وفي فزعٍٍ قال عمر: (أيّ أهل بيتي؟)، فقال: (ابن عمك سعيد بن زيد، وأختك فاطمة بنت الخطاب، والله قد أسلما وتابعا محمداً على دينه، فعليك بهما)، وإنّما فعل الصحابي ذلك؛ ليصرفه عن رسول الله، فما أن سمع عمر ذلك حتى توجّه نحو دار أخته كالمجنون.[٤]
وعند وصوله سمع صوتاً في البيت لم يستطع فهمه، وكان ذلك الصوت صوت خباب بن الأرت، يُعلّم أهل البيت القرآن، فأخذ عمر يطرق الباب بشدّةٍ ويصرخ؛ ليفتحوا له الباب، فما سمعوا صوته أخفوا خباب في أحد غرف البيت، ثمّ فتحوا الباب لعمر، فقال: (ما هذه الهمهة التي سمعت؟)، فقالت أخته وزوجها: لا شيء، فقال: (بلى والله لقد أُخبرت أنكما تابعتما محمداً على دينه)، ثمّ أخذ يضرب زوج أخته، فما كان من أخته فاطمة إلا أن أخذت تحاول الدفاع عن زوجها، فضربها عمر على وجهها وهو لا يشعر من شدّة الغضب فسال منها الدم، وفي هذه الأثناء وقف سعيد بن زيد -رضي الله عنه- في تحدٍّ لعمر وقال: (نعم، قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك)، وكذلك أخته قالت: (وقد كان ذلك على رغم أنفك يا عمر)، فصعق عمر ممّا سمع، وقد كان يقول عندما يذكر ذلك الموقف: (فاستحييت حين رأيت الدماء)، وفي تواضع غريبٍ وبعكس ما توقّعت أخته وزوجها، جلس عمر على الأرض وقال: (أروني هذا الكتاب)، فردّت عليه أخته قائلةً: (يا أخي إنّك نجسٌ على شركك، وإنّه لا يمسّها إلا الطاهر)، فقام عمر واغتسل، ثمّ جلس فأعطته الصحف، فقرأ من مطلع سورة طه، فتزلزل قلبه من خشية الله، وقال: (ما أحسن هذا الكلام)، ثمّ قال أين رسول الله؟ فقالوا له في دار الأرقم، فتوجه إلى هناك؛ ليُعلن إسلامه، ولمّا وصل قال الصحابة للرسول صلّى الله عليه وسلّم، إنّه عمر بن الخطاب متوشحاً سيفه، فقال حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- وهو جالسٌ بجانب النبيّ: (فأذن له إن كان يريد خيراً بذلناه له، وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه)، فقال رسول الله: (إذنوا له)، فلمّا دخل أخذ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بمجمع ثيابه وسأله عن سبب قدومه فقال: (جئت لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله)، فكبر رسول الله من شدّة فرحه بإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكبّر الصحابة رضي الله عنهم، واهتز البيت بالتكبير.[٤]
المراجع
- ↑ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( 1422هـ / 2001م )، سير أعلام النبلاء ، مؤسسة الرسالة، صفحة 68. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3681 ، صحيح.
- ↑ “من هو عمر بن الخطاب؟”، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-9-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب “قصة إسلام عمر بن الخطاب”، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-9-2018. بتصرّف.