ما صفات عمر بن الخطاب

عمر الفاروق

إنّ الحياة الدنيا هي دار استخلاف وعبادة؛ حيث كانت غاية الله -تعالى- من خَلْقِه للإنسان ووضعه في ميادين العمل الحياة الدنيا، فالابتلاء قاطن في الحياة الدنيا وغير مفارق لها؛ ليعلم الله -تعالى- مَن أدّى حُسناً وقام بالعبادات والفرائض، ومَن عصاه ولم يقوم بما أمر الله -تعالى- به، فسنّ الله -تعالى- الموت والحياة؛ ليبصر الإنسان بعقله ويصدق القصد مع الله -تعالى- بأنّه يريد نعيماً ليس فيه زوال، فالله -تعالى- لا يضيع أجر المؤمنين والمحسنين، وأمّا من غرّته الدنيا وتَبِع هوى نفسه ونسيَ الغاية من خَلْقه، فكان جيل الصّحابة -رضي الله عنهم- من الذين أكرمهم الله -تعالى-
بعزّة الدنيا ونعيم الآخرة، فكان عمر الفاروق -رضي الله عنه- من السابقين الى رضى الله تعالى، وتطبيق عدله، فأعز الله -تعالى- الإسلام بإسلام عمر بن الخطّاب، وكان أحد العشرة المبشّرين بالجنّة.

نسب عمر بن الخطّاب

عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- هو أمير المؤمنين عمر بن نُفيل بن عبد العزّى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان القرشيّ العدويّ، وكنّاه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أبا حفص، وأمّه هي: حنتمة بنت هشام المخزوميّة، وهي أخت ابي جهل، وكان لقب عمر بن الخطّاب الفاروق؛ لأنّه فرّق بين الحقّ والباطل، وكان مولده بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة، وأراد الله -تعالى- له الهداية وعِزة الأمّة باعتناقه للإسلام بعد بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بستِ سنواتٍ، وهو ابن سبع وعشرين سنة، واستُشهد في أواخر ذي الحِجّة من سنة ثلاثٍ وعشرين بعد الهجّرة.[١][٢][٣]

صفات عمر بن الخطّاب

تميّز أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- بصفاتٍ عظيمةٍ لم يتّصف بها سواه من الرّجال، فاختصّه الله -تعالى- ليعزّ به الإسلام ويُعلي رايته، ويكون خليفة لخير البشر محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- وفيما يأتي بيان لبعض صفات عمر بن الخطّاب الخَلقيّة والخُلقيّة:[٣][٤]

الصفات الخَلقيّة

كان عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- رجلاً شديد الطول؛ حيث كان يفوق النّاس في الطّول، وكان رجلاً جسيماً، وكان أبيض البشرة وشديد
الحُمرة، كما أنّه كان أعسر ولكنّه كان يعمل بكلتا يداه، كما جاء عن أبي رجاء العطارديّ في وصف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب؛ حيث
قال: (كان عمرُ طويلاً جسيماً أصلعَ أشعَرَ شديدَ الحُمرةِ كثيرَ السَّبَلةِ في أطرافِها صُهوبةٌ).[٥][٤]

الصفات الخُلقيّة

كان أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- مُحباً ووفياً للنبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فهو الذي جاء برسالة الإسلام ليُخرج النّاس من ظلمات الجاهليّة إلى نور الإسلام، وكان عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- رجلاً ذكيّاً وثاقباً في الرأي، شديدأً في الحقّ، مُتحمساً لدينه، وكان ليّن القلب ومُحاسباً لنفسه؛ فنقش على خاتمه: كفى بالموت واعظاً يا عمر؛ ليذكّر نفسه بقاهر اللذّات وبيت الظلمات ومُحاسبة الله تعالى له، واتّصف عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- بقوّة الهيبة؛ فكان شديداً على الكفّار، ورحيماً بالمسلمين، وكان أيضاً عظيم الوَرَع، ووافر العدل، ودقيق المحاسبة لنفسه.[٣]

هَيْبَة عمر بن الخطّاب

عن سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه- قال: (استأذن عمرُ على رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وعنده نساءٌ من قريشٌ يكلِّمْنَه ويَستكثِرْنه، عاليةً أصواتُهنَّ، فلما استأذن عمرُ قُمْنَ يبتدِرْن الحجابَ، فأَذِن له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ورسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يضحك، فقال عمرُ: أضحَكَ اللهُ سِنَّك يا رسولَ اللهِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: عجبتُ من هؤلاءِ اللاتي كنَّ عِندي، فلما سمِعْنَ صوتَك ابتدَرْنَ الحجابَ، قال عمرُ: فأنت يا رسولَ اللهِ، أحَقُّ أن يَهَبْنَ، ثمّ قال عمرُ: أي عَدُوَّاتِ أنفُسِهنَّ؛ أتَهَبْنَني ولا تَهَبْنَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؟ قلن: نعم؛ أنت أَغلظُ وأفظُّ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: والذي نفسي بيدِه؛ ما لَقِيَكَ الشيطانُ قطُّ سالكاً فجّاً إلّا سلك فجّاً غيرَ فَجِّكَ).[٦]

فضائل عمر بن الخطّاب

إنّ لعمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- الكثير من الفضائل؛ فقد ورد في الأحاديث النبويّة والآثار ذِكْر لفضائله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لقَدْ كَانَ فِيمَا كان قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ نَاسٌ محدَّثونَ، فَإِنْ يَكُ في أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ)،[٧] ويُضيف سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه- في ذِكْر فضائل الفاروق، ما جاء في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أيها يا ابن الخطّاب، والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً قط إلّا سلك فجاً غير فجك)،[٨] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما زِلْنا أعِزَّةً منذُ أسلَم عُمَرُ)،[٩] وقد تواتر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال وهو يخطب في الناس: (خطبنا عليُّ رضي اللهُ عنه فقال: مَن خيرِ هذهِ الأمةِ بعد نبيِّها، فقلت: أنت يا أميرَ المؤمنينَ، قال: لا خيرُ هذه الأمة بعد نبيِّها أبو بكرٍ ثمَّ عمرَ رضي اللهُ عنه، وما نبعد أنَّ السكينةَ تنطقُ على لسانِ عمرَ رضي اللهُ عنه).[١٠][٣]

المراجع

  1. شمس الدين أبو عبد الله الذهبي (1985م)، سير أعلام النبلاء (الطبعة الثالثة)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 71. بتصرّف.
  2. محمد بن حبان البستي (1417 هـ)، السيرة النبوية وأخبار الخلفاء (الطبعة الثالثة )، بيروت: الكتب الثقافية، صفحة 452، جزء 2. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث الشيخ عبد العزيز الشتري (2011-4-21)، “الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (1)”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-10. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عبد الرحمن السيوطي (2004 م)، تاريخ الخلفاء (الطبعه الأولى)، مكة المكرمة: مكتبة نزار مصطفى الباز، صفحة 105. بتصرّف.
  5. رواه
    ابن حجر العسقلاني، في الإصابة، عن أبي رجاء العطاردي ، الصفحة أو الرقم: 2/518، إسناده صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم: 2396، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3689 ، صحيح.
  8. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم: 3683، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن قيس بن أبي حازم ، الصفحة أو الرقم: 3863، صحيح.
  10. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن وهب بن عبد الله السوائي، الصفحة أو الرقم: 2/147، إسناده صحيح.