كيف توفي عمر بن الخطاب
رجال صدقوا
منذ فجر البعثة النبويّة سجّلت السيرة النبويّة مشاهد تضحية لرجال قدّموا تضحياتٍ وبطولاتٍ عظيمةً، وكانوا أنصار الحقّ وأهل فداءٍ لرسالة الإسلام التي قامت على أساس الرّحمة للعالمين، وسجّل التاريخ الإسلامي سيرةً زاخرةً بالتضحية والإقدام والعدل والسماحة لأصحاب هذه البطولات والتّضحيات، فما وهنوا لِما أصابهم في سبيل نشر الهداية وإقامة الدين في حياة الناس، ويعدّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أحد أعلام الإسلام العظماء الذين تركوا بصمةً واضحةً في تاريخ الأمّة الإسلاميّة؛ فقد أسلم في المرحلة المكيّة للدعوة، وكان إسلامه فتحاً للمسلمين، وله مواقف عظيمةٌ مع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الدّعوة والجهاد، فشاء الله -تعالى- أن يُنصَّب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خليفةً للمسلمين بعد وفاة أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه- والرسول صلّى الله عليه وسلّم، فكان خير خلفٍ لخير سلف، وخير وصيّ ومُستأمَن على رسالة الإسلام.
وفاة عمر بن الخطّاب
مرّت قصّة وفاة الخليفة عمر -رضي الله عنه- بعدّة مشاهد وأحداث، منها:[١]
- في العام الذي توفّي فيه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان قد أدّى مناسك الحج، وجاء الأثر أنّه دعا ربّه -سبحانه- حُسن الخِتام، قال سعيد بن المُسيّب رضي الله عنه: (لمّا صدر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من منى أناخ بالأبطح، ثمَّ كوّم كومة من بطحاء، ثمّ طرح عليها رداءه، ثمّ استلقى ومدّ يديه إلى السماء، فقال: اللهمّ كبُرَت سنّي، وضعُفَت قوَّتي، وانتشرت رعيّتي، فاقبضني إليك غير مضيِّع ولا مفرِّط)،[٢] وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (عن عمرَ -رضي اللهُ عنه- قال: اللهمّ ارزقني شهادةً في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك صلّى الله عليه وسلّم).[٣]
- كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يمنع السبايا من دخول المدينة المنورة، إلّا أنّ المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- والي الكوفة طلب من عمر بن الخطاب أن يسمح بدخول فتى مجوسيّ يُكنّى بأبي لؤلؤة إلى المدينة المنورة؛ لإجادته العديد من الصنائع، مثل: الحدادة، والنجارة، وغيرها، فوافق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على دخوله.
- شكا أبو لؤلؤة المجوسيّ إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من الخراج الذي فرضه عليه المغيرة بن شعبة، إلّا أنّ عمر بن الخطاب بيّن له أنّ خراجه ليس بالكبير مُقارنةً بما يقوم به من أعمال، فحقد أبو لؤلؤة المجوسيّ على عمر بن الخطاب، وبيّتَ النيّة لقتله.
- في السادس والعشرين من شهر ذي الحجّة من عام ستّة وعشرين للهجرة، صلّى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالناس صلاة الفجر في المسجد، وكان أبو لؤلؤة المجوسيّ متّخذاً مكاناً في المسجد يكمنُ فيه، فلمّا كبّر عمر -رضي الله عنه- للصلاة طعنه أبو لؤلوة في كتفه وخاصرته بخنجر ذي نصلَين، فقال عمر رضي الله عنه: (وَكَانَ أَمرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقدُورًا)،[٤] وأخذ بيد عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- وقدّمه لإتمام الصلاة بالناس، وأخذ المجوسيّ يطعن المُصلّين فطعن ثلاثة عشر رجلاً، ثمّ طعن نفسه ومات.
- تيقّن عمر -رضي الله عنه- أنّه يعيش أيّامه الأخيرة في هذه الدنيا، فأرسل إلى أمِّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- يستأذنها بأن يُدفَن بجوار صاحبَيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، فأذِنت له.
- لبِث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بضعة أيّام إلى أن توفّي شهيداً، فحِزن عليه المسلمون حزناً شديداً، وصلّى عليه صهيب الروميّ -رضي الله عنه- صلاة الجنازة إماماً بجموع المصلّين.
عمر بن الخطاب
تميّز عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن غيره من المسلمين بكثير من الخصال، منها:[٥]
- هو عمر بن الخطاب العدويّ، ويمتدّ نسبه إلى عدي بن لؤي القرشي، كان من أشراف قريش، وُلِد بعد ولادة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بثلاث عشرة سنةً.
- كنّاه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بأبي حفص، ولُقِّب بالفاروق لأنّه يفرّق به بين الحق والباطل. أسلم عمر في مكّة المكرمة بعد واحدٍ وخمسين رجلاً وامرأةً أسلموا، كما شهِدَ بيعة الرضوان، وهو من العشرة الذين بشّرهم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بالجنّة، وكان من المهاجرين الأوائل إلى المدينة المنورة.
- تولّى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خلافة المسلمين بعد الخليفة أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، وكان وزيراً في عهد أبي بكر، وكان أوّل من لُقِّب بأمير المؤمنين.
- من إنجازات عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أثناء فترة خلافته: تدوين الدواوين، وترتيب العطايا حسب الأسبقيّات، ووضع التقويم الهجريّ.
- من أهمّ صفات عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الخَلقِيّة: جهامة بنيته الجسديّة، وطول قامته، وكان رأسه أصلعَ، ووجهه شديد الحُمرة.
- من صفات عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الخُلُقِيّة: شدّته في قول الحقّ وعمله، وعدم الخوف من ملامة أحد، وكان صاحب حكمة ورأي سديد في العديد من المواقف، وعُرِفت عنه كثرة محاسبته لنفسه، وحرصه على إقامة العدل، ونُصرة المظلوم.
- كانت خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فتحاً على المسلمين، وشهِد مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المشاهد كلّها، وكان رجلاً مُلهَماً، فنزلت آيات من القرآن الكريم توافق رأيه في غير مرّةٍ، منها: حادثة أسرى بدر، واتّخاذ مُصلّىً من مقام إبراهيم عليه السّلام، وفي عهد خلافته اتّسعت البلاد الإسلاميّة، وأكرم الله -تعالى- المسلمين بسقوط دولتَي فارس والرّوم.[٦]
المراجع
- ↑ إبراهيم الحقيل، “مقتل عمر رضيَ الله عنه”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-12-2017م. بتصرّف.
- ↑ رواه النخشبي، في تخريج الحنائيات، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 2/1292، حسن صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1890، صحيح.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 38.
- ↑ عبد العزيز الشثري (21-4-2011م)، “الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (1)”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2017م. بتصرّف.
- ↑ أمين الشقاوي (26-11-2014م)، “مقتطفات من سيرة عمر بن الخطاب”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2017م. بتصرّف.