صفات عباد الرحمن في الصحابة

جيل الصحابة

لم يكن جيل الصحابة رضوان الله عليهم جيلاً عادياً كغيره من الأجيال، بل كان خير القرون وأفضل الأجيال بما توافر في شخصياته من التقوى والورع، وملازمة الفضائل والخصال والأخلاق الحسنة التي ترجمت واقعاً عملياً في سلوكياتهم ومواقفهم في الحياة.

صفات عباد الرحمن في الصحابة

وصف الله جل وعلا جيل الصحابة في كتابه العزيز بصفات عدة منها ما جاء في قوله تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) [الفتح: 29]، كما جاء في كتاب الله تعالى أوصاف للمؤمنين المفلحين، وعباد الرحمن الصادقين التي انطبقت على هذا الجيل العظيم، ومنها:

صفة الخشية والورع

تمثلت صفة الخشية والورع بشكلٍ كبير في صحابة رسول عليه الصلاة والسلام، حيث كانوا يرجون رحمة الله ورضوانه بالعمل الصالح، والاجتهاد بالعبادة، فكانوا يدعون ربهم رغباً ورهباً، حيث يرغبون فيما عند الله من الثواب والأجر العظيم، ويخشون بطشه وعذابه، ومن المواقف الكثيرة التي دلت على هذه الصفة في الصحابة بكاء عمر الفاروق رضي الله عنه عندما كان يمر ببعض الآيات في كتاب الله، فيظل يبكي حتى يسقط مغشياً عليه، فيظل يعاد في بيته كالمريض وما به من مرض، وكذلك الصديق رضي الله عنه الذي كان رجلا أسيفاً شديد البكاء لا يكاد يسمع صوته إذا أمّ بالناس.

صفة التواضع

كان صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام جيلاً متواضعاً لا يعرف الكبر والزهو، فعمر رضي الله عنه على الرغم من كونه خليفة للمسلمين، وتأتي إليه كنوز كسرى وقيصر إلا أنه كان مثالاً في التواضع، فكان يرقع ثوبه، ويحمل قربة الماء على ظهره، ويخرج إلى بيت المقدس حينما يستدعيه قادتها على بعيرٍ يخوض به في الماء، ولا تضرب له الخيام في سفره وترحاله كما يفعل ملوك الأرض، وكذلك الحال مع أبي بكر الصديق الذي داوم على حلب الشاة لفتياتٍ يتيمات حتى بعد أن صار خليفة للمسلمين، وعلي رضي الله الذي يحمل التمر في ملحفة وهو خليفة فيقال له هلم فلنحمل عنك يا أمير المؤمنين فيقول صاحب العيال أحق أن يحمل.

صفة الشجاعة

تمثلت صفة الشجاعة في كثيرٍ من صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين كانوا أسوداً في ساحات الوغى، ومعارك الدفاع عن الأمة، ومن الأمثلة عليهم خالد بن الوليد رضي الله عنه الذي قاتل في مئة معركة/ ولم يهزم في أي منها، والبراء بن مالك الاستشهادي العظيم الذي كانت له مواقف بطولية كثيرة في معارك المسلمين، ومنها: معركة اليمامة حينما طلب من الصحابة أن يحملوه على أسنة الرماح ويلقوه داخل حديقة الموت حتى يفتح للمسلمين باب الحديقة، فتمكن من ذلك رضي الله عنه، فكان سبباً من أسباب انتصار المسلمين بعد مشيئة الله وأمره.