صفات عباد الرحمن في صحابة الرسول
صفات عباد الرحمن
خصَّ الله تعالى في كتابه العزيز صنفاً معيناً من العباد بالذكر والتكريم، وهم من أطلق عليهم القرآن الكريم لقب عباد الرحمن، حيث يمتازون بصفات عظيمة جليلة من الصعب أن تتوفر في كل الناس، أو في معظمهم حتى، غير أنّ هذه الصفات كانت ملازمة لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين حملوا همَّ الدعوة إلى الله تعالى بعد وفاته، واستطاعوا خلال أعوام قليلة نشر هذه الرسالة العظيمة في شتى أصقاع العالم، والذين كانت لهم منزلة عظيمة عند الله تعالى لم تتأتَّ لأحد من العالمين. وفيما يلي بيان هذه الصفات في حياة الصحابة الكرام.
صفات عباد الرحمن في الصحابة
التواضع
كان الصحابة الكرام شديدي التواضع، وهذه الصفة كانت صفة غالبة عليهم، فقد كان غنيهم يجلس مع فقيرهم، وكان سيِّد قومه منهم يتعامل مع أقلِّهم رتبة اجتماعية دون أنَفَةٍ أو كِبرٍ، إلى جانب ذلك، فقد كان الصحابة الكرام يتواضعون أمام الحقِّ إذا ما لاح وبدا لهم مهما كان شديداً عليهم، وفي هذا تتجسد أسمى درجات التواضع. ومن المواقف الدالة على ذلك أنّ الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان يحلب شاة جيرانه، بينما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينام في المسجد بين الناس.
البعد عن الجاهلين
تجلَّت هذه الصفة في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كافة الفترات والأوقات، وكانت واضحة جداً في الفترة المكية، عندما كانوا يتعرَّضون للأذى الشديد من قبل مشركي قريش، ففي هذه الفترة ظهرت صفة الصحابة الكرام في الإعراض عن استهزاء الجاهلين، وتهكُّمهم عليهم، وإيذائهم لهم، فهم أسمى وأرفع من النزول إلى مستواهم. وفي الفترة المدنية أيضاً استطاع الصحابة أن يضربوا أروع الأمثلة في الإعراض عن السفهاء والجاهلين من المنافقين الذين لم يكونوا أرفق بهم من كفار قريش، ومن ذلك ما حدث يوم أحد عندما انسحب المنافقون من جيش المسلمين لتخذيلهم، غير أنّ المسلمين لم يأبهوا بهم، وتابعوا سيرهم إلى أرض المعركة واثقين مطمئنين إلى أمر الله تعالى.
الالتزام الشديد بأداء العبادات
كان الصحابة شديدي الالتزام بأداء العبادات المختلفة، في كافة الأوقات والأحيان، وكانوا مضرباً للمثل في ذلك، فقد اشتهر بعضهم بكثرة الصلاة، وبعضهم بكثرة الصيام، وبعضهم بكثرة الإنفاق في سبيل الله تعالى، وبعضهم بالعلاقة الفريدة والنوعية مع كتاب الله تعالى. ومما يدل على ذلك الصلاة الطويلة التي روي أن بعض الصحابة الكرام كانوا يصلونها، والتي كانوا يختمون فيها سوراً طويلة من كتاب الله تعالى.
توحيد الله تعالى وتقواه والخوف منه
لم يعرف التاريخ أشخاصاً يخافون الله تعالى بعد أنبياء الله تعالى عليهم السلام كالصحابة الكرام، فقد ضربت هذه الفئة العظيمة أروع الأمثلة في تقوى الله تعالى، والخوف من غضبه وعذابه، ومراقبة النفس في كل صغيرة وكبيرة. ومن أروع الأمثلة على ذلك عدل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه النابع من خوفه الشديد من الله تعالى، وذلك خلال فترة خلافته.
الابتعاد عن الفواحش والكبائر
كان مجتمع الصحابة مجتمعاً نقياً، لم يعرف الفساد الخلقي وأنواع الانحرافات، والشذوذ بأنواعه؛ نظراً لوجود تربية إيمانية عميقة، وبذرة صالحة بذرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه النفوس الخيِّرة. ومن هنا فقد كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يتجنبون الفواحش بأنواعها، والكبائر أيضاً.
التعلق الشديد بكتاب الله تعالى
ظهرت هذه الصفة في الصحابة الكرام منذ مطلع الدعوة إلى الله تعالى، فقد كانوا حريصين أشد الحرص على تعلم القرآن الكريم، والانتفاع به، وفهمه، وتدبره، وحفظه، وتعليمه للآخرين، وتطبيقه في كافة شؤونهم الحياتية، حتّى بات مجتمعهم مجتمعاً قرآنياً بامتياز. ومما روي أنّ بعضهم كان إذا قرأ القرآن الكريم أجهش بالبكاء، منهم الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه.