صفات عباد الرحمن في الخلفاء الراشدين

الخلفاء الراشدون

كان الخلفاء الراشدون أفضل الصحابة على الإطلاق، فقد اتصفوا بكثيرٍ من الصفات والفضائل التي أهلتهم لأن يتولّوا زمام قيادة الأمة الإسلامية في مرحلةٍ حرجة ومهمة من مراحل التاريخ الإسلامي، وقد أثبتوا رضوان الله عليهم براعتهم في قيادة المسلمين وسياستهم، كما ساروا على نهج النبي عليه الصلاة والسلام في الحكم على أسس العدل والمساواة بين الجميع.

صفات عباد الرحمن في الخلفاء الراشدين

ولو أردنا أن نتعرف على صفات الخلفاء الراشدين لما وسعتها المجلدات الكبيرة، وإنما نكتفي بأن نعرج على نبذةٍ من صفات عباد الرحمن التي تمثلت فيهم، ومنها:

التواضع ولين الجانب

قال تعالى في وصف عباد الرحمن المتواضعين: (وَعِبَادُ الرَّحْمَـنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) [الفرقان:63]، وقد تمثلت تلك الصفة في الخلفاء الراشدين الأربعة، حيث كانوا متواضعين لا يتكبرون على الناس:

  • من مواقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه التي أنبأت عن تواضعه أنه كان يحلب غنماً لفتياتٍ في أطراف المدينة، وحينما تولى الخلافة ظنت تلك الفتيات أنه سوف يتوقف عن ذلك ولكنه استمر في هذا الأمر طلباً للأجر من عند الله تعالى.
  • كما حمل عمر رضي الله عنه يوماً كيساً من طعامٍ وذهب به إلى إمرأةٍ فقيرة لها أولاد جياع، فأوقد لهم نارهم، وأطعهم الطعام بيده حتى شبعوا.
  • من تواضع عثمان رضي الله عنه يروي الحسن البصري أنّه رآه يقيل في المسجد، وهو يومئذ خليفة، ويقوم وأثر الحصى بجنبه.
  • من مواقف علي رضي الله عنه أنّه كان يحمل التمر في ملحفة وهو أمير المؤمنين فيراه بعض الصحابة فيعرض عليه أن يحمله عنه فيأبى ذلك قائلاً صاحب العيال أحق أن يحمل.

الاجتهاد في العبادة والخشية من الله تعالى

فقد قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) [الفرقان:64]، فقد كان الخلفاء الراشدون مجتهدون في العبادة، يقومون الليل، ويصومون النهار، كما عرف عنهم خشيتهم الشديدة من الله:

  • كان أبو بكر رجلا أسيفاً بكّاءً يبكي في صلاته ويدعو المسلمين للبكاء.
  • كان عمر رضي الله عنه شديد الوجل من الله تعالى، يرى على وجنتيه خطين أسودين من البكاء، ويضع في أصبعه خاتماً مكتوباً عليه (كفى بالموت واعظاً يا عمر).
  • كان عثمان رضي الله عنه يقف على القبور حتّى تبتل لحيته.
  • كان علي رضي الله عنه يقف في محرابه يصلي ويناجي ربه ودموعه تتساقط على وجنتيه وهو يردد: (يا دنيا غري غيري، لقد طلقتك ثلاثاً لا رجعة فيها).

الإعراض عن الجاهلين

فقد قال تعالى ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) [الفرقان:63]، ومن مواقف الخلفاء الراشدين في ذلك:

  • موقف علي رضي الله عنه الذي كان يتعرض لكثير من الهمز واللمز من قبل مخالفيه السفهاء الجاهلين ويكون رده عليهم قوله تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) [الروم: 60].
  • موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما عفى عن مسطح الذي خاض في حادثة الإفك.
  • موقف الفاروق عمر رضي الله عنه حينما مرّ على قاتله أبي لؤلؤة المجوسي وكان يصنع شيئا، فقال لعمر: يا أمير المؤمنين لأصنعن لك ساعة يتحدث بها الناس. فأدرك عمر أنّ العبد يتوعده ولكنه أعرض عنه وتركه.
  • موقف عثمان رضي الله عنه حينما حاصره الخارجون على الدولة في بيته فأعرض عنهم وبقي ثابتاً على موقفه ولسان حاله ومقاله يردد ما أمره به النبي من قبل حينما قال له: (يا عُثمانُ إنَّ اللهَ لعلَّه يُقمِّصُك قميصًا فإنْ أرادوك على خَلْعِه فلا تخلَعْه) [صحيح ابن حبان].