صفات أبو بكر الصديق
أبو بكر الصديق
هو عبد اللّه بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرَّة، يجمعه بالنبي صلّى الله عليه وسلّم قرابة ونسب تعود إلى مُرَّة وهو الجدُّ السادس للنبي عليه الصلاة والسلام.
إسلام أبو بكر الصديق
كان أبو بكر أشراف قريش وساداتها، وقد اشتهرالعقلانية ورجاحة العقل، وكان ممّا روي عنه أنّه ما سجد لصنم قبل ذلك قط، بل كان ممن يلتمسون كبد الحقيقة في ضروب هذا الكون الفسيح، ينشدها ويتبع أثرها أينما وُجد، إلى أن سمع ذات مرة بأنّ هنالك في أطراف الجزيرة رجل يدعى “ورقة بن نوفل” ذو علم وبصيرة بالكتب السماوية السابقة، فرحل في طلبه دون تردّد ينشد عنده الصدق الصواب، ولما دخل عليه سكنت نفسه واستبشرت بأنّ نبياً سيبعث في آخر هذا الزمان، ثمّ ما تبع ذلك من ذهابه إلى اليمن واتّصاله بأحد علمائها الذي أكّد له الأمر فتثبت ذلك لديه وتيقن به، الذي ما كاد يعود إلى مكّة حتى هرعت قريش إليه لتخبره بظهور رجل يزعم بأنّه نبيّ مرسل، وبينما هم كذلك إذ همّ أبو بكر وقصد النبي يسأله، فلما سمع منه أسلم على الفور وحسن إسلامه وأعزّ الله وأيد به دينه.
صفات أبو بكر الصديق
- صفاته الخَلقيّة: وردت في رواية عائشة رضي الله عنها في وصف أبيها فقالت: “كان رجلاً أبيض نحيفاً خفيف العارضين، أجنأ، قليل لحم الوجه غائر، العينين ناتئ الجبهة (أي: بارزها) عاري الأشاجع” (أي: الأصابع).
- صفاته الخُلقية:
- يعدّ أبو بكر الرجل الثاني في هذه الأمة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومع هذا كان شديد التواضع، رحيم يخفض جناحه لمن دونه.
- رجل ذو رأي سديد وحكمة بالغة ورباطة جأش كبيرة.
- صاحب شخصيّة قويّة فذّة لا تخاف في الله لومة لائم، ونجد ذلك جليّاً في إسلامه ودفاعه عن النبي ونصرته بكل ما يملك غير آبه بما سيجد.
- رجل من أشراف قريش ورجالها وفرسانها، ذو خلق رفيع.
- حنون رؤوف قريب، ويبدو ذلك في قيامه على المساكين والأرامل والفقراء وكبار السن والأيتام.
- صاحب حزم، وتصميم، وحنكة عسكرية عظيمة، وهذا ممّا ظهر في حروب الردّة وقتاله للمرتدين.
- هو رجل يحبّ الله ورسوله حتّى أنفق جلّ ماله في سبيل الله.
- رجل سياسة وخطيب مفوّه تجلّى هذا في خطبته التي خطب الناس بها حين انتقل النبي للرفيق الأعلى.
- زاهد في حطام الدنيا كريم لا يغريه مال ولا تفتنه خلافة أو إمارة.
- كثير الصلاة والزكاة وما يليهما من أعمال البر حتى ماسبقه أحد قط.
- كثير الورع شديد الإيمان حيي عظيم الحياء.
لقب أبو بكر الصديق
كان أبو بكر رضي الله عنه يكنى بالجاهلية بأبي بكر، حتّى إذا ماء جاء الإسلام لقب بأبي بكر الصديق، أمّا سبب تسميته بهذا اللقب ترويه هذه الرواية التي وردت عن بعض الصحابة حيث قال: “عندما أُسري بالنبي صلى الله عليه و سلم إلى المسجد الأقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتدّ الناس ممّن كانوا آمنوا به وصدّقوه وسعوا بذلك إلى أبي بكر- رضي اللّه عنه- فقالوا: “هل لك إلى صاحبك يزعم أنّه أسري به الليلة إلى بيت المقدس “؟ قال: “أو قال ذلك؟ ” قالوا: “نعم”. قال: “لئن قال ذلك لقد صدق”. قالوا: “أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟” قال: “نعم، إني أصدّقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غَدْوَةٍ أو رَوْحَةٍ ، فلذلك سُمِّي أبو بكر الصديق”.
هجرة أبو بكر الصديق
حين أذن الله سبحانه وتعالى للمسلمين بأن يهاجروا، أراد أبو بكر اللحوق بهم فاستوقفه النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال: “لا تتعجّل لعلّ الله يجعل لك صاحباً”، وفي تلك الليلة كانت قريش قد أجمعت أمرها واستجمعت قواها وخيرة فرسانها لقتل النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي أحاطوا ببيته من كل جانب ناظرين خروجه للصلاة حتّى يغيّروا عليه، فأرسل الله جبريل عليه السلام يأمره بألّا يبيت في بيته ويهاجر؛ لأنّ قريشاً تتربّص به لقتله، فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلى أن بعث إلى عليّ من أجل أن ينام في فراشه حتّى تطمئن قريش بأنّ النبي ما زال في بيته ولم يخرج، حتّى يتسنّى له الخروج دون أن يتعقبه أحد، ثمّ ذهب بعد ذلك إلى أبي بكر يستعجله في الهجرة الذي بدوره بكى بهذا الشرف العظيم الذي حباه الله به، حتّى إذا ما بلغا غار ثور كانت قريش قد اكتشفت أمرهما وأخذت بتقصّي أثرهما على طريق الصحراء حتى إذا ما وقفوا بباب الغار حتّى أغشى الله أعينهم فعموا عنهما، وأنجى الله النبي وصاحبه ثم ما أتمه لهما من فتح مكة ودخولها من غير دماء أو قتال.
خلافة أبو بكر الصديق
كان أبو بكر رضي الله عنه رجل زاهد لم تنازعه نفسه يوماً إلى أمر الملك أبداً، ومع هذا كانت خلافة المسلمين بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم قد آلت إليه، بعدما رأى عمر يوم السقيفة حين اجتمع المسلمون لتولية خليفة عليهم بأن أبي بكر هو الأحق فيها تبعاً لما أولاه النبي له من أمر في أن يؤم المسلمين في صلاتهم إذا هو لم يقدر، واتّفق المهاجرون والأنصار على أبي بكر خليفة لهم، حتى إذا ما بايعته الناس وأقرت به وقف بهم خطيباً فقال: “أمّا بعد أيها الناس، فإني قد وليت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أخطأت فقوموني، ولا تأخذكم في الله لومة لائم، ألا إن الضعيف فيكم هو القوى عندنا حتى نأخذ له بحقه، والقوى فيكم ضعيف عندنا حتى نأخذ الحق منه طائعًا أو كارهًا، أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم”.
أبرز إنجازات أبو بكر الصديق
- كان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه صفحات مشرقة من التاريخ الإسلامي، والتي سيظل فضلها يعود على كل عصر وجيل ومنها:
- حروب الردّة وما نجم عنها من قتال للمرتدين وعودتهم إلى حظيرة الدين والتوحيد.
- دوره البارز في إنفاذ جيش أسامة الذي شرع النبيّ بتجهيزه، فمرض بمرضه وتوفاه الله، فأوكل الأمر إلى أبي بكر بإنفاذ الجيش إلى الشام ففعل.
- جمع القرآن في كتاب واحد بعد مقتل عدد كبير من حفظة القرآن في حروب الردة، فأشار عليه عمر بجمع القرآن خوفاً من تفلّته من الصدور بموت حفظته، وما زال عمر يتردّد عليه حتى قبل فكلف زيد بن ثابت وهو أحد حفظته وكتاب الوحي بجمعه وتدوينه وترك نسخة منه عند حفصة زوج النبي.
- الفتوحات الإسلامية العظيمة التي تبعت إخماد نار الفتنة التي أشعلها المرتدّون، أخذ أبو بكر ينظر إلى فتح إسلامي عظيم للحصون التي غلب الشرك على أمرها كما في العراق والشام، فقام بتجهيز الجيوش وإعدادها من أجل مرحلة جديدة من مراحل الدعوة الغراء وهي رفع لواء هذا الدين على مشارف الدنيا جميعها.
وفاة أبو بكر الصديق
في يوم الثلاثاء الموافق الثامن من جمادى الآخرة سنة 13هجرية، مات خليل رسول الله أبي بكر الصديق، إثر حمّى أصابته نتيجة اغتساله في يوم بارد لم تمهله طويلاً، واستمرت به 15 يوماً والناس تعوده في منزله، فأمر عمر بن الخطاب بأن يؤمّ الناس بالصلاة، وغسلته زوجه “أسماء بن عويس”، ثمّ صلّى عليه عمر رضي الله عنه ومعشر المسلمين، ودفن في حجرة عائشة إلى جوار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، رضي الله عنه وأرضاه.
أقوال أبو بكر الصديق ومواعظه
- إنّ العبد إذا دخله العجب بشيء من زينة الدنيا مقته الله تعالى حتى يفارق تلك الزينة، يا معشر المسلمين استيحوا من الله، فوالذي نفسي بيده إني لأظل حين أذهب إلى الغائط في الفضاء متقنعاً حياءً من الله.
- أكيس الكيس التقوى، وأحمق الحمق الفجور، وأصدق الصدق الأمانة، وأكذب الكذب الخيانة، وكان يأخذ بطرف لسانه ويقول: “هذا الذي أوردني الموارد”.
- اعلموا عباد الله أنّ الله قد ارتهن بحقه أنفسكم، وأخذ على ذلك مواثيقكم واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي، وهذا كتاب الله فيكم، لا تفنى عجائبه، فصدقوا قوله، وانصحوا كتابته، واستضيئوا منه ليوم الظلمة.