زيد بن معاوية الأنصاري و خبيب بن عدي

هما صحابيان جليلان سطرا أروع مثال في الشجاعة والصبر وحب الرسول صلوات الله عليه وسلم فالأول هو زيد بن الدثنية بن معاوية الأنصاري، من صحابة رسول الله. شهد مع رسولنا الحبيب معركة بدر، وقتل سنة 4 هجري في مكان يقال له الرجيع. والثاني هو خبيب بن عدي بن مالك الأوسي الأنصاري وشهد مع الرسول معركة بدر وأُحد.

بداية القصة حدثت عندما قدم نفر من كفار قريش إلى حبيبنا المصطفى وطلبوا من حضرة الرسول الكريم أن يبعث معهم من أصحابه من يقوم بتعليمهم أمور دينهم وقراءة القرآن وشرائع الدين الحنيف لأنهم كانوا يدعون بأنهم حديثوا عهد بالإسلام. فبعث الرسول الرحيم معهم نفراً من المسلمين ومن ظمنهم الصحابي زيد بن الدثنة علية رحمات الله، وصحابي آخر وهوخبيب الأنصاري وفي الطريق إلى مكة تبعهم جماعة من بني لحيان بن هذيل، فلما أدركوهم أعطوهم العهد، ولكن هيهات هيهات لمثل هؤلاء الكفار أن يحفظوا العهد، فنكثوا بهم وقتلوهم إلا خبيب وزيد بن الدثنة.

فعند وصولهم إلى مكة باعوا خبيب إلى بني الحارث بن عامر وذلك لأنه قتل أباهم في بدر، وباعوا زيد بن الدثنة إلى صفوان بن أمية بن خلف ليقتله بأبيه. ولما ساقوه ليقتلوه إجتمع حوله مجموعة من قريش وفيهم أبو سفيان بن حرب فقال له عندما قدموه إلى القتل ” أنشدك اللّه أتحب أن محمدا عندنا الآن هنا بمكانك وأنت في أهلك فقال واللّه ما أحب أن يصيب محمدا شوكة وهو في مكانه الذي هو فيه وأنا جالس في أهلي، فقال أبو سفيان قولته المشهورة ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب محمد من أصحابه “، ثم قتلوه.

أما خبيب فقد ضرب أروع مثل في الوفاء وعدم الغدر، فمكث عند بني الحارث أسيراً حتى إذا أجمعوا على قتله طلب موساً من بعض أهل بنو الحارث لكي يستحد به فأعارته قالت: فغفلت عن صبي لي قد دخل إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه فلما رأيته فزعت فزعةً عرف ذلك مني وفي يده الموس قال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله.

وعند خروجهم به ليقتلوه نصبوا له خشبة ليصلبوه عليها فقال لهم دعوني أركع لله ركعتين فقالوا: دونك فصلى ثم قال والله لولا أن تظنوا إنما أطلت جزعاً من القتل لاستكثرت من الصلاة فكان أول من سن الصلاة عند القتل عليه رضوان الله وأنشد قائلاً :

ولست أبالي حين أُقتل مسلماً *** على أي جنب كان لله مصرعي

وذاك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلو ممزع