لماذا سميت تماضر السلمية بالخنساء

الصحابيّة تماضر السلمية

هي الصحابية الجليلة تَماضر بنت عمرو السلمية، وشاعرةٌ مُخضرمة أيضاً؛ حيث عَاشت في العصرين الجاهلي والإسلامي، وأسلمت فحسُن إسلامها، وأكثر ما اشتهرت به هو شعر الرّثاء لأخويها صخر ومعاوية اللذين قضيا في العصر الجاهلي.

من الجدير ذكره أنّ للبيئة التي نشأت وترعرت فيها تماضر السلمية رضي الله عنها أثراً واضحاً في شخصيتها وسلوكها، فيذكر بأنها من أهل البلاغة والفصاحة كأهل نجد، ويشار إلى أنها من ذوات الحسب والشرف والجاه، ويقال بأنها ذات جمال أخّاذ وملفت، وعاشت حياة مطمئنة في ريعان شبابها.

الكنية

لُقبّت تماضر السلمية بالخنساء، نظراً لارتفاع أرنبتي أنفها وقصره، وقد أشير في كتاب زهر الأدب للحصري بأن الخنساء قد لُقبّت كنايةً عن الظبية التي تتسم بأنها ذات أنف قصير، وهي إحدى صفات الظباء.

الأصل

تنتمي أصول الخنساء إلى منطقة نجد، ونشأت في كنف أسرتها آل شريد الذين يُعتبرون من أشراف العرب وساداتهم، ويذكر بأنهم قد عاشوا في الجزء الشمالي الشرقي من مدينة يثرب في بادية الحجاز، وامتدّت مضارب قبيلتها حتى مضارب بني سليم. من الجدير ذكره فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتزّ بالانتساب إلى بني سليم، ويعتبر آل الشريد الذين تنحدر منهم الخنساء سادة بني سليم، ووالد الخنساء كان من الوفود العربية التي توجّهت إلى كسرى.

الإسلام

اعتنقت الخنساء الإسلام في السنة الثامنة للهجرة، المصادف 630 م، حيث توّجهت إلى المدينة المنورة برفقة وفد من بني سليم يتألف من بنيها وبني عمها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعتناق الإسلام، وكان عمرها حينها يتراوح ما بين الخمسينات والستينات، فأسلمت وحسُن إسلامها.

يذكر التاريخ الإسلامي أنّ الخنساء قد قدّمت مثالاً للمرأة المسلمة الصابرة؛ إذ قدّمت أبناءها الأربعة للقتال والثبات في ساحة المعركة؛ فاستشهدوا جميعاً في معركة القادسية، وعلى الرّغم من الوقع العظيم الذي تركه نبأ استشهاد أبنائها الأربعة إلا أنها لم تُظهر أي جزع أو بكاء أو حزن، بل قالت مقولتها المشهورة في التاريخ “الحمد الله الذي شرّفني باستشهادهم، وأرجو من ربّي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته”.

قدّمت الخنساء عدداً من المواقف التي تشير إلى وفائها ونبلها للإسلام، وظهر ذلك بتوقّفها عن الندب والبكاء على أخويها صخر ومعاوية بعد أن نهاها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عن ذلك.

الوفاة

وارى جثمان الخنساء الثرى في السّنة الرابعة والعشرين للهجرة، المصادف 645 م عن عمر يناهز واحداً وسبعين عاماً، وقد شرفّها الله بإدراك نصر الإسلام المبين، ويذكر بأنّه قد تمّ تثبيت تاريخ وفاتها في ديوان بيت المال.