أهداف حلقات تحفيظ القرآن الكريم

فضل تعليم القرآن الكريم

تُعَدّ قراءة القرآن الكريم ومدارسته من أفضل الأعمال عند الله -عزّ وجلّ-؛ فقد وردت عدّة أحاديث نبويّة تبيّن فضل تعلُّم القرآن الكريم وتعليمه، ومنها قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ)،^[١] وكان قد استشهد بهذا الحديث سفيان الثوري -رحمه الله- عندما رجّح فضل إقراء القرآن الكريم على الجهاد في سبيل الله -تعالى-،^[٢] كما أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بيَّن عِظَم أجر تعلُّم القرآن عندما سأل الصحابة -رضي الله عنهم- عن رغبتهم في تملُّك ناقتين دون إثمٍ أو قطيعة رَحِمٍ، فأجابوا برغبتهم في ذلك، فقال لهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبِلِ)،^[٣] ولا يقتصر الأجر في ذلك على تعليم الناس القرآن الكريم، وإنّما يشمل الأجر كلّ من شارك في تيسير حلقة لتحفيظ القرآن الكريم، أو ساهم في تهيئة البيئة المناسبة لذلك، أو أرشد أبناءه أو جيرانه إلى دروس تعلُّم القرآن وحِفظه؛ فجميع المذكورين -سابقاً- لهم أجرٌ عظيم عند الله -عزّ وجلّ-.^[٤]

أهداف حلقات تحفيظ القرآن الكريم

يجتمع كثيرٌ من الناس إلى من يُصحِّح لهم أخطاءهم في تلاوة القرآن الكريم في المساجد، ودُور حِفظ القرآن؛ رغبةً في تعلُّم القرآن تلاوةً وحِفظاً تحت إشراف مُعلّم لتحفيظ القرآن الكريم، وهذا ما يُعرَف بحلقات تحفيظ القرآن الكريم،^[٥] ولا تقتصر أهداف هذه الحلقات على الحِفظ والتعلُّم فقط؛ وإنّما تشتمل على عدّة أهدافٍ، وفيما يأتي ذِكر بعضها:^[٦][٧][٨]

• حِفظ القرآن الكريم، وتخريج طلاب مُؤهّلين لتدريس الأجيال القادمة تعاليمَ القرآن الكريم، وأحكامه.
• استثمار وقت الشباب بالعمل النافع، وإشغالهم بمعالي الأمور.
• انشاء مجلس علمٍ تحفُّه الملائكة؛ إذ إنّ كلّ من يجالس أو يشاهد حلقات التحفيظ يشعر بالجوّ الإيمانيّ العظيم، وتغشاه سكينةٌ من الله -تعالى-.
• تكوين مشاعر أُخوّةٍ وأُلفةٍ بين طلّاب حِفظ القرآن.
• تعميق شعور العِزّة عند الطالب لاعتناقه الإسلام ديناً، واتِّخاذه هويّةً يفاخر بها.
• إحياء المساجد وإعمارها بحلقات تحفيظ القرآن الكريم، وتعزيز دورها في بناء المجتمع المسلم.
• التعرُّف إلى أحكام التلاوة المُتعارف عليها عند أهل التجويد، والحركات، والسكتات أثناء تلاوة القرآن الكريم في الحلقات.
• تشجيع الطلاب بالحوافز المادّية، والمعنويّة، وإيجاد جَوٍّ من المنافسة المحمودة بينهم.
• تخلُّق مرتاد الحلقات بأخلاق القرآن الكريم وآدابه؛ عملاً بما يحفظ منه؛ فهو أولى الناس تمثُّلاً بأخلاق القرآن الكريم.
• تعزيز قدرة الطالب على الدعوة إلى الله -تعالى-، وإكسابه مهارات جديدة.
• ضبط ألسنة الطلّاب، وتعليمهم أبجديّات ومخارج حروف اللغة العربية على أصولها، وتزويدهم بمفردات ومعانٍ وافرة.^[٩]

أسلوب التعليم في الحلقات القرآنية

هناك عدّة أساليبٍ مُتّبعةٍ في تحفيظ القرآن الكريم ومدارسته، وفيما يأتي ذِكرها باختصار:^[١٠]

• الأسلوب الأول: التسميع؛ وهو أكثر الأساليب انتشاراً في حلقات تحفيظ القرآن الكريم؛ إذ يُحدّد المُعلِّم عدداً من الآيات الكريمة، فيحفظها الطالب في منزله، ثمّ يعرضها على مُعلِّمه في اللقاء التالي للحلقة.
• الأسلوب الثاني: التسميع مع المراجعة؛ وهو يحتلّ المرتبة الثانية بين أكثر الأساليب انتشاراً بعد التسميع؛ إذ يحرص الطالب في كلّ حلقة على تسميع حِفظه الجديد، بالإضافة إلى تسميع كلّ ما حَفظه في وقتٍ سابق.
• الأسلوب الثالث: تعليم التجويد؛ إذ يُطبّق الطالب جميع أحكام التجويد التي تعلّمها في الحلقة، ويُصحّح له المُعلِّم قراءته في حال أخطأ في حُكمٍ من الأحكام التي تعلّمها.
• الأسلوب الرابع: التلقين قبل الحِفظ؛ إذ يقرأ الطالب ما يرغب في حِفظه من آيات قرآنيّة على مُعلِّمه، حتى إذا أتقن القراءة دون أخطاءٍ باشرَ بالحِفظ السليم للآيات الكريمة.

حُكم حلقات تحفيظ القرآن الكريم

إقامة مجالس العِلم وحلقات الذِّكر أمرٌ مشروعٌ في الإسلام، وقد أجمع العلماء على استحباب إقامة هذه المجالس في المساجد، مع الحذر من رَفع الصوت دون حاجةٍ إلى ذلك، وخاصّة في وقت أداء الصلوات؛ فالمهمّة الأولى للمساجد إقامة الصلاة فيها، فإذا كانت هذه الحلقات والمجالس تتسبّب بالتشويش للمصلّين، وتمنع أسباب الخشوع في الصلاة، فيجب التنبُّه إلى التوقُّف عنها إلى حين انتهاء أداء الصلاة.^[١١][١٢]

وسائل تطوير حلقات تحفيظ القرآن الكريم

تمتاز حلقات القرآن الكريم بعُمق أثرها في سلوك الطالب؛ ولذلك لا بُدَّ من متابعة عمليّة سَير مجالس الذِّكر وحلقات التحفيظ، وتطويرها؛ لتجتاز أيّ عقباتٍ يمكن أن تُعيقَها، وفيما يأتي ذِكر بعض وسائل تطويرها:^[١٣][١٤]

• اختيار المكان المناسب لإقامة الحلقة في المسجد بعيداً عن المُصلّين.
• جلوس المُعلِّم في الحلقة في مكانٍ يُمكّنه من متابعة الطلّاب جميعهم، ورؤيتهم دون زحام.
• تحلّي المُعلِّم بالصبر والأخلاق المَحمودة، كالصدق، والإخلاص، والعدل بين طلّابه في التسميع، والتحفيز.
• اهتمام المُعلِّم بمَظهره، وحُسن خُلُقه؛ فهو قدوة حَسَنة لتلاميذه.
• ترتيب بعض الرحلات والزيارات الترفيهيّة؛ لتجديد الروح والمعنويّات لدى الطلّاب.
• توعية أولياء أمور الطلبة في ما يتعلّق بأهمّية متابعة أبنائهم حلقات القرآن، ومجالس العِلم، وتوضيح التأثير الإيجابيّ الذي يعود به ذلك على المجتمع.

المراجع

1. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 5027، صحيح.
2. ↑ عبدالرحمن بن صالح المحمود، دروس للشيخ عبد الرحمن المحمود، صفحة 5، جزء 29. بتصرّف.
3. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 803، صحيح.
4. ↑ حسين أحمد عبدالقادر (4/8/2016)، “فضل تعليم وقراءة القرآن الكريم في المسجد”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8/5/2020. بتصرّف.
5. ↑ عماد بن سيف (2014)، أثر حلقات القرآن الكريم على التحصيل الدراسي والقيم الخلقية (الطبعة الأولى)، جدة: دار التفسير، صفحة 25، جزء 18. بتصرّف.
6. ↑ “الدور التربوي للحلقات القرآنية”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2020. بتصرّف.
7. ↑ “أهداف حلقة التحفيظ”، alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2020. بتصرّف.
8. ↑ د.إبراهيم الهويمل، تقويم تعليم حفظ القرآن الكريم وتعليمه، السعوديّة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 93-94. بتصرّف.
9. ↑ “حلقات التحفيظ مشكلاتها ووسائل تطويرها”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 8/5/2020. بتصرّف.
10. ↑ إبراهيم آل هويمل، كتاب تقويم تعليم حفظ القرآن الكريم وتعليمه في حلقات جمعيات تحفيظ القرآن الكريم، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 8-9، جزء 1. بتصرّف.
11. ↑ النووي، كتاب المجموع شرح المهذب، الأردن: دار الفكر، صفحة 177، جزء 2. بتصرّف.
12. ↑ “من شروط جواز تعليم القرآن وغيره في المساجد”، www.islamweb.net، 14-11-2006 ، اطّلع عليه بتاريخ 8/5/2020. بتصرّف.
13. ↑ د.إبراهيم الهويمل، تقويم تعليم حفظ القرآن الكريم وتعليمه في حلقات، السعوديّة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 106-109. بتصرّف.
14. ↑ أبو أمل، “حلقات التحفيظ مشكلاتها ووسائل تطويرها”، http://www.saaid.net/، اطّلع عليه بتاريخ 8/5/2020. بتصرّف.