موضوع عن الصدقة

تعريف الصدقة

إنّ من أفضل وأحبّ الأعمال إلى الله -عزّ وجلّ- الصدقة على المحتاجين والفقراء؛ لأنّ في إخراجها دليلٌ على صحة إيمان العبد بالله -تعالى- ويقينه بأنّه هو الرزاق سبحانه، وقد سُمّيَ المال بذلك لأنّه يُميل القلوب ويحجبها عن رؤية جزاء الصدقة وإخراج المال، ويحجبها عن رؤية النعم التي تستحق الشكر والذي يعبّر عنه بالصدقة، لكن العبد المؤمن يعرف أنّه مستخلَفٌ في هذا المال، وأنّ عليه أن يعطي الفقراء والمساكين منه حتى يحقّق التكافل الاجتماعي، بل يتنافس مع غيره في سدّ حاجة الفقير والمحتاج، لأنّ رسول -صلى الله عليه وسلم- قد حثّ على الصدقة، ورَغَّب بها جميع المسلمين حتى النساء،[١] وتطلق الصدقة في الإسلام على أمرين هما:[٢]

  • الأمر الأول: كل عملٍ صالح يقوم به المسلم يعتبر صدقة، ومن ذلك التبرع بالدم مثلاً، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كلُّ معروفٍ صدقةٌ).[٣]
  • الأمر الثاني: هو التصدّق بالمال، وتقسم صدقة المال إلى نوعين هما:
    • النوع الأول: الصدقة الواجبة، وهي الزكاة، وقد حددَّ الله -تعالى- الأصناف التي تُصرف لهم هذه الصدقات في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ).[٤]
    • النوع الثاني: الصدقة المستحبة، وهذه الصدقة يجوز أن تُدفع في كل مجالات الخير، ولا يشترط أن تُدفع لمصارف الزكاة الثمانية فقط.

ومن الجدير بالذكر أنّه يجوز أن تُدفع الزكاة للجمعيات الخيرية أو المنظمات التي تساعد الفقراء، ويعتبر ذلك نوعٌ من التوكيل لهذه الجمعيات أو المنظمات لإيصال الزكاة لمستحقّيها، ويكون ذلك جائزٌ بشرطين هما؛ أن تلتزم هذه الجمعيات بصرف الزكاة على مستحقّيها المحدَّدون في الآية السابقة، وأن يكونوا أُمناء.[٢]

فوائد الصدقة

أمر الإسلام أتباعه بالقيام بأعمال البر، والخير، والإحسان، ومن ذلك أنّه دعاهم إلى بذل أموالهم في سبيل الله بأسلوبٍ جميلٍ يقنع العقول، ويُريح النفوس، من ذلك قوله تعالى: (آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ)،[٥][٦] ولكن على المسلم أن يحرص على أن لا يُدخل على صدقته شرٌّ عظيم؛ ألا وهو الرياء، وإتباع الصدقة بالمنّ والأذى؛ لأنّ ذلك يُذهب أجر الصدقة، بحيث يأتي صاحبها يوم القيامة محتاجاً إلى حسناتٍ أشدّ الحاجة، ولكنة يجدها أصبحت هباءً منثوراً بسبب عدم الإخلاص والرياء،[٧] وسيتم بيان فوائد الصدقة فيما يأتي:[٨]

  • إطفاء غضب الرب بالصدقة، وخاصةً صدقة السر.
  • مسح الخطيئة، وتطفئ نارها كما يطفئ الماء النار.
  • الوقاية من النار، لقوله صلى الله عليه وسلم: (فاتَّقوا النَّار ولو بشقِّ تمرةٍ).[٩]
  • تُشكّل الصدقة ظلاً لصاحبها يوم القيامة فيقف فيه.
  • سببٌ للشفاء من الأمراض القلبية والبدنية.
  • سببٌ لوصول المسلم إلى مرتبة البر.
  • فوز المنفق بدعاء الملائكة له، بخلاف الذي يُمسك عن الإنفاق.
  • زيادة البركة في مال المتصدّق، فلا يمكن أن ينقص مالٌ من صدقة.
  • بقاء الصدقة من مال المنفق يوم الحساب والجزاء.
  • مضاعفة أجر الصدقة.
  • سببٌ لدخول الجنة، ويُدعى صاحب الصدقة يوم القيامة من باب الصدقة.
  • انشراح الصدر، وطمأنينة القلب وراحته، وإن لم يكن في الصَّدقة غير هذه الفائدة لكانت سبباً كافياً لأن يبادر العبد المسلم إلى الصدقة ويُكثر منها، لقول الله تعالى: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).[١٠]
  • دليلُ على صدق إيمان المسلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (الصَّدقَة بُرهانٌ).[١١]
  • تطهير المال ممّا قد يصيبه من الحرام خاصة عند التجار، بسبب اللغو، والحلف، والكذب.

آداب الصدقة

يوجد للصدقة آداب معينةً يجب أن تتوفر فيها حتى تكون مقبوله عند الله تعالى، ومن هذه الآداب ما يأتي:[١]

  • أن تكون الصدقة من مال الإنسان الطيّب؛ لأنّ الله طيباً لا يقبل إلا طيب.
  • أن تكون الصدقة على الأقارب، وعلى من يستحقّها من الفقراء.
  • أن لا يستقلّ المؤمن مقدار صدقته، حتى لو تصدّق بشقّ تمرة، فرُبّ درهم سبق مئة درهم.
  • أن لا يُتبع المسلم صدقته بالمنّ والأذى، وأن لا يرجع بصدقته.
  • أن يُخفي المسلم صدقته ولا يتفاخر بها؛ لأنّ التفاخر يُذهب أجر الصدقة، على عكس إخفاء الصدقة الذي يجعل المسلم من السبعة الذين يُظلهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه، ويكون دليلاً على إخلاص العبد، حيث إنّ الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير.
  • أن يُعجّل المسلم الصدقة ولا يؤخّرها، لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: (جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، أيُّ الصَّدَقة أعظمُ أجراً؟ قال: أن تصدَّق وأنت صحيحٌ شحيحٌ تخشى الفقْر، وتأملُ الغنى، ولا تُمهِلُ حتَّى إذا بلغت الحُلقُوم، قُلت لفلانٍ كذا، ولفلانٍ كذا وقد كان لفلانٍ).[١٢]

الحكمة في إخراج الصدقة

هناك حِكمٌ كثيرةٌ شُرعت الصدقة في الإسلام من أجل أن تحقّقها، منها ما يأتي:[١٣]

  • تورث المحبة والمودّة بين المسلمين، وتزيل الحقد من قلوب الفقراء على الأغنياء.
  • يسهل التعارف بين المسلمين.
  • ينشر الرحمة والمودة بين المسلمين.
  • يقلّل من ظاهرة انتشار الفقر في المجتمع المسلم.
  • يثبّت أواصر التعاضد والتماسك والترابط بين أفراد المجتمع المسلم.

الصدقة الجارية

وهي الصدقات التي يبقى أجرها مستمراً للعبد حتى بعد موته، وقد ثبتت في الأحاديث الصحيحة، ومن الأعمال التي يستطيع أن يقوم بها المسلم وتعتبر من الصدقات الجارية ما يأتي:[٨]

  • أن يقوم بحفر الآبار وسقيا الماء.
  • أن يقوم المسلم بإطعام الطعام.
  • أن يبادر المسلم إلى بناء المساجد.
  • أن ينفق المسلم ماله في نشر العلم، وتوزيع المصاحف.
  • أن يقوم المسلم ببناء بيوتٍ لابن السبيل، ومن كان في حكمه كاليتيم والأرملة ونحوهما.

المراجع

  1. ^ أ ب د بدر هميسة، “تحقق البركة في فضل الصدقة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب “حكم إعطاء الزكاة للمؤسسات الخيرية، وأنواع الصدقات”، www.islamqa.info، 2015-2-3، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2019. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 6021، صحيح.
  4. سورة التوبة، آية: 60.
  5. سورة الحديد، آية: 7.
  6. سيد سابق (1977)، فقه السنة (الطبعة الثالثة)، بيروت-لبنان: دار الكتاب العربي، صفحة 422. بتصرّف.
  7. “آيات تدفعك إلى الصدقة”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2019. بتصرّف.
  8. ^ أ ب “الصدقة.. فضائلها وأنواعها “، www.ar.islamway.net، 2005-2-20، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2019. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عدي بن حاتم الطائي، الصفحة أو الرقم: 7512، صحيح.
  10. سورة الحشر، آية: 9.
  11. رواه الألباني، في مشكلة الفقر، عن أبي مالك الأشعري، الصفحة أو الرقم: 59، صحيح.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1419، صحيح.
  13. عبد الإله أبو الخير (7-4-2016)، “أهمية الصدقة للمسلم في الدنيا والآخرة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2019. بتصرّف.