كيف ننصر الرسول عليه الصلاة والسلام

حكم نُصرة الرسول

إنّ من أعظم المنكرات على الإطلاق الإساءة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولذلك وجب على المسلمين نصرة النبي عليه الصلاة والسلام بالقلب، أو باللسان، أو باليد، كلٌ حسب قدرته، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن رأى مِنكُم مُنكرًا فليغيِّرهُ بيدِهِ، فإن لَم يَستَطِع فبِلسانِهِ، فإن لم يستَطِعْ فبقَلبِهِ، وذلِكَ أضعَفُ الإيمانِ)،[١] فيمكن القول أنّ حكم نُصرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فرضٌ على الكفاية، بمنعى سقوط الوجوب عن المسلمين في حال قيام طائفةٌ منهم به، فوجوب نصرة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- تكون على كلّ مسلم عند العدوان عليه؛ لأنّ الإسراع لنُصرة النبي -عليه الصلاة والسلام- دليلٌ على وجود الإيمان في القلب، فلا يَقبل بالإساءة إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلا كافرٌ، أو منافقٌ.[٢]

كيفية نُصرة الرسول عليه الصلاة والسلام

إنّ كلمة التوحيد، وهي قول: لا إله إلّا الله محمداً رسول الله؛ تعدّ أول ركنٍ من أركان الإسلام، فلا يصحّ إسلام العبد إلّا بتحقيقها، ولا يكفي مجرّد القول لذلك، بل ينبغي العمل من أجلها، فقد قالها المنافقون من قبل ولم تُقبل منهم؛ لأنّهم لم يحقّقوا معناها، حيث قال الله تعالى: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّـهِ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)،[٣] ومن صور تحقيق الشطر الثاني من كلمة التوحيد محبّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونُصرته، وفيما يأتي بيانٌ لبعض الصور التي تحقّق نصرته:[٤]

  • استشعار الفضل العظيم للنبي -عليه الصلاة والسلام- على كل مسلمٍ، فهو الذي بلّغ دين الله -تعالى- وأتمّه، فقد أدّى الأمانة، وبلّغ الرسالة، ونصح الأمة.
  • طاعة الله تعالى بمحبّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وتقديم محبته على كلّ شيءٍ في الحياة الدنيا حتى على النفس، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولدِه ووالدِه والنَّاسِ أجمعينَ).[٥]
  • التزام الأدب مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ومع سنته، كما في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ).[٦]
  • الدفاع عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونصرته من خلال الردّ على كلّ نقصٍ يُنسب إليه، أو كلّ أذى يُراد به، وإخلاص النية في ذلك.
  • الإكثار من الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وخصوصاً عند ذكره، وفي يوم الجمعة، وعند الأذان.
  • تعلّم سنة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من خلال دراسة ما صحّحه العلماء من الأحاديث، والاطلاع على شروح الأحاديث، والتزام ما تحويه من الأخلاق الفاضلة، والتعاليم النبوية، والحِكم الجليّة.
  • قراءة السيرة النبوية، والوقوف على أبرز المواقف المروّية فيها، واقتباس الفوائد والحكم المنطّوية تحت هذه الحوادث، وربطها بالواقع المُعاش.
  • الفرح بانتشار سنة النبي صلّى الله عليه وسلّم، والحزن إذا نسي المسلمين تطبيق سنته.
  • محبة الصحابة رضي الله عنهم، وتوقيرهم، ومعرفة فضلهم في العلم والعمل.
  • الحذر من الاستهزاء بأيّ شيءٍ من سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وبُغْض كلّ من يستهزء من الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو ينتقد منه.
  • حبّ آل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتوقيرهم، والتقرّب إلى الله -تعالى- بذلك، حيث أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بأهل بيته، وقال: (وأهلُ بيتي أُذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي، أُذَكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي، أُذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي).[٧]
  • تربية الأبناء على حب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والاقتداء بسنته.

مواقف من نُصرة الصحابة لرسول الله

ضرب الصحابة -رضي الله عنهم- أروع الأمثلة في نُصرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ومحبته، فعندما هاجر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من مكة إلى المدينة صحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وفي أثناء سيرهم في الطريق إلى الغار كان يمشي أبو بكرٍ مرةً أمام النبي عليه الصلاة والسلام، ومرةً أخرى خلفه، ولمّا سأله رسول الله عن سبب ما يقوم به، علّل ذلك بأنّه كلّما تذكّر الطلب ولحوق المشركين بهم مشى في الخلف، وكلّما ذكر الرصد مشى في المقدمة، وأمّا الموقف الآخر من مواقف نصرة الصحابة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان في غزوة أحد عندما حاصره المشركون ومن معه، فهبّ الصحابة -رضي الله عنهم- مُسرعين إليه، وأحاطوا به بأجسادهم وأسلحتهم كالسياج، وكان من الذين برزوا في نصرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك الموقف أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه، الذي جعل من صدره درعاً للنبي عليه الصلاة والسلام؛ ليقيه من سهام العدو، ويقول: (نحري دون نحرك يا رسول الله)، وأبو دجانة -رضي الله عنه- الذي ضرب المثل الأعلى في نُصرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، فقد كان يحمي ظهر النبي -عليه الصلاة والسلام- والسهام تخترق جسده، وهو لا يتحرّك، وطلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- الذي انحنى لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ليصعد على ظهره، ويرتقي على صخرةٍ بعد أن صعُب عليه ارتقاءها بسبب الجروح التي أصابته، فقال يومها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أَوْجَبَ طلحةُ).[٨][٩]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 49، صحيح.
  2. “نصرة الحبيب -صلى الله عليه وسلم-“، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2018. بتصرّف.
  3. سورة المنافقون، آية: 1.
  4. “مائة وسيلة لنصرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-“، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2018. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 44، صحيح.
  6. سورة الحجرات، آية: 2.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن يزيد بن حيان، الصفحة أو الرقم: 2408، صحيح.
  8. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن الزبير بن العوام، الصفحة أو الرقم: 3738، حسن صحيح.
  9. “صور من حب الصحابة للنبي -صلى الله عليه وسلم-“، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2018. بتصرّف.