ما اعظم خلق الله
خلق الله واسع، أكبر من أن يعد أو أن يحصى يدل على قدرة عجيبة هائلة لا يمكن للعقل البشري محدود الإمكانيات أن يتصورها، وهي تنبثق عن إعجاز هائل كبير لا يمكن تقليده، فالسر بيده سبحانه وتعالى فقط، وهي لا تنحصر في مكان واحد فقط، بل على العكس تماماً فهي متوزعة في كافة أماكن الكون، بين النجوم والكواكب والشمس والقمر والمذنبات والكويكبات والأرض والغلاف الجوي والماء والحيوان والنبات والإنسان وغيرها. وكل مخلوق من هذه المخلوقات تنضوي على قصة ونظام معجز مبهر مما يحتويه من قدرة هائلة لا يمكن لأحد ان يمتلكها. وكل هذه الكائنات هي كانئات متكاملة يكمل بعضها بعضاً في نظام غريب عجيب من نوعه، نظام لسانه حاله يقول “سبحان الله العظيم مبدعي وخالقي”
ولكن المخلوق الأعظم على الإطلاق هو الإنسان فهو الكائن المفكر الذي يستطيع تسخير جميع الكائنات الاخرى لخدمته، وذلك بما وهبه الله إياه من قدرات فريدة، فأعطاه العقل والروح، وقال له اذهب واسع في الأرض وأرني كيف ستخلفني في ملكي، فالبعض سار على النهج القويم والبعض حاد عن هذا النهج واستخدم عقله في كل ما هو شر ومؤذٍ لغيره، ولهذا فلقد أرسل الله أنبياءه ورسله لإرشاد من ضل من البشر لطريقه القويم ليعودوا إلى النهج القويم الذي ارتضاه الله لهم، وليعودوا إلى الغاية الأولى التي خلقهم الله تعالى لأجلها. فآمن بعضهم وكفر الآخرون، وبهذا الكفر فقد أعلنوا أنهم معادون لكل ما هو حق، فلو أنهم لم يصدقوا فقط بالانبياء وكانت أخلاقهم حميدة، لما عاقبهم الله تعالى، لأن الإيمان والكفر مسألة قلبية خاصة وهي بيد الله تعالى وحده ليس لأحد على الناس سلطان إلا الله عز وجل، ومن هنا فلقد كفر هؤلاء الأقوام وأظهروا كل ما في نفوسهم من شر وحقد دفينين، فجعلهم الله عبرة لكل من لحقهم.
ولكن وبعد الانبياء، عاد الناس مرة أخرى للضلال، ولكن هذه المرة لا يوجد هناك وحي ولا أنبياء للهداية فلقد انتهى عصر الأنبياء إلى غير رجعة، وجعل الله البشر مستقلين بأنفسهم، فلقد وضح أمامهم الطريق القويم، وأعطى لهم من قبل العقل والروح، فهم الآن مؤهلون لقيادة دفة السفينة وحدهم، فظهر منهم الجيد وظهر السئ، وكانت الفكرة التي على صواب هي التي تنتصر في النهاية بسبب إصرار أهل الحق عليها، ومحاولتهم الدفاع عنها دفاعاً مستميتاً وتضحيتهم بالغالي والنفيس لأجل أفكارهم هذه التي سادت الدنيا فهمؤلاء الأشخاص هم بالقطع ورثة الأنبياء خلفاء الله على أرضه.