ما هو عقوق الوالدين
تعريف عقوق الوالدين
العقوق لغةً هو إغضاب الوالدين، وعدم برّهما بترك الإحسان لهما،[١] ويشمل العقوق أيضاً التقصير في أداء حقوق الوالدين على الابن، والإساءة إليهما،[٢] وعقوق الوالدين والعقوق اصطلاحاً هو كلّ فعل أو قول يخرج من الأبناء يؤذي الوالدين إيذاءاً بالغاً،[٣] وقد عرّف كعب الأحبار بأنّ العقوق هو عدم طاعة الولد أبويه أو أحدهما، وخيانة أمانتهما، وعصيانهما في أوامرهما، وإذا أقسما عليه لم يبّرهما، وإذا طلبا منه شيئاً لم يعطهما إياه،[٤] والصغيرة في حقّ الوالدين كبيرة، فمن فعل شيئاً يؤذي والديه ولو كان صغيرة فمن حقّهما عليه أصبح كبيرة، ويدخل في ذلك عصيانهما في أمرهما أو نهيهما فيما يعتقدان أنّ فيه ضرراً على الولد في نفسه أو جسده أو ماله، أو الغياب عنهما فترات طويلة في أمر ليس فيه طاعة لله -تعالى-؛ كطلب العلم والرزق، أو السفر الطويل مما يشقّ به عليهما، ويخرج من ذلك الجهاد الواجب.[٥]
عقوق الوالدين كبيرة من الكبائر
عدّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عقوق الوالدين كبيرة من الكبائر وذلك حين سُئل عن الكبائر؛ فقال: (الشِّرْكُ باللَّهِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ)،[٦][٧] وفي مقابل النهي عن عقوق الوالدين أمر الله -تعالى- ببرّهما، والتودّد لهما، والدعاء لهما، وحفظ معروفهما، قال -تعالى-: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)،[٨] وقد بيّنت الآية -السابقة الذكر- أنّ للولد أن يعصي والديه ولا يطيعهما فقط في حال أمراه بأن يشرك بالله -تعالى-، أو أمراه بمعصية؛ فطاعة الله -تعالى- فوق طاعة المخلوقين، مع بقاء المعروف والمعاملة بالحسنى، قال -عزّ وجلّ-: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).[٩][١٠]
مظاهر عقوق الوالدين
تتعدّد صور وأشكال عقوق الأبناء لوالدين، ومن هذه الأساليب ما يأتي:[١١]
- التسبب في حزن الوالدين قولاً أو فعلاً، والتقصير في أداء حقّهما.
- الإساءة إليهما برفع الصوت عليهما وتوبيخهما، قال -تعالى-: (وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا).[١٢]
- إظهار التبرّم والضجر من طلباتهما، والتأفّف منها، وإظهار الاستثقال من ذلك؛ وقد نهى الله -تعالى- عن ذلك؛ فقال: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ).[١٣]
- سوء الخلق معهما بالعبوس في وجههما وإغلاظ القول لهما.
- النظر إليهما باحتقار وازدراء وحنق.
- إصدار الأوامر لهما وطلب الخدمة منهما، خصوصاً إن كانا عاجزين أو كبيرين.
- التأفّف من الطعام الذي تعدّه الأم ونقده والتعييب عليه؛ الأمر الذي يحزنها ويكدّر عليها، وهذا ممّا تنزّه عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (ما عَابَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَعَامًا قَطُّ، إنِ اشْتَهَاهُ أكَلَهُ وإلَّا تَرَكَهُ).[١٤]
- عدم معاونتهما في أمور المنزل من تنظيف وإعداد طعام وشراء حاجات المنزل ونحوه.
- مقاطعة الوالدين عند حديثهما، أو ترك الإصغاء لهما، وصرف الوجه عنهما والانشغال بشيء آخر، أو جدالهما فيما يقولانه، أو تكذيب قولهما.
- ترك أخذ رأيهما أو استشارتهما في أمور الحياة المختلفة.
- ترك طلب الإذن بالدخول عليهما أو إلقاء السلام عليهما؛ فقد يراهما في حال تسوؤهما.
- الاختلاف والنزاع مع النّاس أو الإخوة في حضورهما، وهذا يقلقهما ويحزنهما.
- ذكر الوالدين أمام الناس بما يكرهان من عيوب ونقائص.
- سبّ الوالدين، أو التسبب بسبّهما؛ كأن يسبّ والد أحدهم فيرد الشتيمة بشتم والديه أو أحدهما، وقد نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؛ فقال: (مِنَ الكَبائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ والِدَيْهِ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وهلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ والِدَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ يَسُبُّ أبا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أباهُ، ويَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ).[١٥]
- إفساد أهل البيت من والدين وأخوة بإدخال المنكرات إليه، أو فعل المنكرات أمامهم وتكرار ذلك، ومن هذه المنكرات شرب الدخان أو الخمر، أو ترك القيام للصلاة المفروضة، أو إدخال الصحبة السيئة إلى البيت.
- فعل ما يعود على الوالدين بالسمعة السيّئة والخزي والعار، وذلك بالقيام بالأفعال المعيبة في المجتمع أو تلك التي تتنافى مع المروءة والأخلاق.
- التسبّب لهما بالحرج بالقيام بأمور غير لائقة؛ كالاستدانة وعدم السداد، أو سوء الأدب في المدرسة.
- إقلاق الوالدين بالغياب الطويل خارج المنزل، أو العودة المتأخّرة للمنزل، ممّا يزيد من خوفهما على الولد، أو حاجتهما إلى من يقوم على خدمتهما فلا يجدانه.
- إثقال كاهل الوالدين بالطلبات، فلا يكتفي الولد بما يوفّره والديه، إنّما يطلب منهما ما لا يستطيعان توفيره.
- تقديم طاعة الزوجة على طاعة الوالدين، والإساءة لهما بسببها؛ كطردهما أو رفع الصوت عليهما ونحوه، وإظهار الأدب والمودّة للزوجة وسوء الأدب والغلظة للوالدين.
- إهمالهما والتخلّي عنهما عندما يكبران ويصبحان بحاجة له.
- الخجل والتبرّء منهما والترّفع عن الانتساب لهما.
- ضربهما والاعتداء عليهما جسديّاً.
- التخلّي عنهما وزجّهما في بيوت العجزة، وتركهما هناك دون زيارتهما أو الاطمئنان عليهما.
- ترك أمرهما بالمعروف ونهيهما عن المنكر، وإن رآهما في معصية لم ينصحهما بتركها.
- عدم الإنفاق على الوالدين، وإمساك اليد عن إكرامهما، وتركهم للحاجة والفقر.
- الامتنان عليهما بما يؤدّيه لهما الابن من معروف.
- سرقة الوالدين؛ بسرقة المال دون علمهما، أو أخذ شيء يمتلكانه بالاحتيال عليهما؛ فيقترف الابن بذلك ذنبين هما السرقة والعقوق.
- التألّم أمامها من مرض أو همّ، وهذا يقلقهم ويحزنهم.
- السفر الطويل والغياب عنهما دون حاجة.
- تمنّي موتهما والتخلّص منهما ليرثهما الابن أو لينزاح عن كاهله همّ خدمتها والإنفاق عليهما، وقد يصل الأمر إلى قتلهما أو قتل أحدهما.
المراجع
- ↑ “تعريف و معنى عقوق الوالدين في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 7-8-2020. بتصرّف.
- ↑ مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير (1979)، النهاية في غريب الحديث والأثر، بيروت: المكتبة العلمية، صفحة 116، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح، فتاوى ابن صلاح (الطبعة الأولى)، بيروت: عالم الكتب، صفحة 201، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين الذهبي، الكبائر، بيروت: دار الندوة الجديد، صفحة 41. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني الصنعاني، سبل السلام، القاهرة: دار الحديث، صفحة 630، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5977، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1154، جزء 20. بتصرّف.
- ↑ سورة لقمان، آية: 15.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 24.
- ↑ محمد حسين يعقوب، [164 الأخوة أيها الأخوة]، القاهرة: المكتبة الإسلامية، صفحة //al-maktaba.org/book/33467/161#p3. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، عقوق الوالدين: الأسباب – المظاهر – العلاج، صفحة 9-19، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 23.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 23.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3563، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 90، صحيح.