كيف أكون زوجة صالحة

الزواج في الشريعة الإسلاميّة

شرع الإسلام الزواج للمسلمين، ورغّب الشباب به أشدّ ترغيبٍ، وجعل فيه تحقيقاً لمقاصدٍ عظيمةٍ، منها: تحقيق العفة للشباب، وتكثير النسل واستمراره، وكانوا الأنبياء في ذلك قدوةً للمسلمين، حيث قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً)،[١] وفي تفسير الآية قال القرطبي: (أيّ جعلناهم بشراً، يقضون ما أحلّ الله من شهوات الدنيا، وإنّما التخصيص من الوحي، وتلك سنّة المرسلين)، وعندما جاء رجالٌ إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يخبرونه بعباداتهم وأعمالهم، فأخبره رجلٌ منهم أنّه اعتزل النساء، ليتفرّغ للعبادات والطاعات، فنهاه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن ذلك، وقال: (أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له، لكني أصومُ وأُفطِرُ، وأُصلِّي وأرقُدُ، وأتزوَّجُ النساءَ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني)،[٢] وقد كان من جملة ما وصّى به النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من أقبل على الزواج؛ أن تكون زوجته صالحةً، تُعينه على أمر دينه ودنياه، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (من رزقه اللهُ امرأةً صالحةً، فقد أعانه على شَطرِ دينِه، فليتَّقِ اللهَ في الشَّطرِ الباقي).[٣][٤]

وفي الإحياء قال الغزاليّ عن حكمة الزواج التي ذكرها الحديث الشريف: (وذلك أيضاً إشارةً إلى أنّ فضيلته لأجل التحرّز من المخالفة تحصّناً من الفساد، فكأنّ المفسد لدين المرء في الأغلب فرجه، وبطنه، وقد كفى بالتزويج أحدهما)، وقال ابن بطالٍ:( ندب النبي -عليه السلام- لأمته النكاح؛ ليكونوا على كمالٍ من أمر دينهم، وصيانةٍ لأنفسهم في غضّ أبصارهم، وحفظ فروجهم؛ لما يخشى على من زين الله في قلبه حبّ أعظم الشهوات)، ولقد كان من ترغيب الله -تعالى- للشباب أن يقبلوا على الزواج، ولا يكون القلق الماديّ سبباً في تأخّرهم، فقال الله سبحانه: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).[٥][٤]

صفات الزوجة الصالحة

إذا كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قد أمر أصحابه أن يصاحبوا المؤمنين على طول الدرب، بقوله: (لا تُصاحِبْ إلَّا مؤمناً)،[٦]
فإنّه من الأولى أيضاً أن تكون الزوجة التي ستقضي معه حياته، وتكون رفيقه دوماً، من أهل الإيمان كذلك، بأن تكون حسنة العبادة والطاعة لله تعالى، وتسعى دائماً للتقرّب منه، فهي كثيرة الصيام، والصلوات، والنوافل، ومن الأمور الأخرى التي ينظر فيها الرجل إن أقبل بالبحث عن زوجةٍ، أن يتوسّم الصلاح فيها، وذلك يشمل عدة جوانبٍ، من ذلك: أن تحفظ نفسها، وتصونها في حضوره وغيابه، وأن تتخلّق الخلق الحسن الرفيع، فلا يعرف عنها سوء الألفاظ، أو الخبث، أو كثرة الجدال والمراء، وما إلى ذلك، وعلى الخاطب أن يسأل عن طيبها، وصفائها، وحسن أخلاقها، وعشرتها، وتقبّلها للنصيحة، قبل أن يقدم على خطبتها، حيث قال أحدهم في وصف حال النساء: (خير النساء التي إذا أُعطيت شكرت، وإذا حُرمت صبرت، تسرُّك إذا نظرت، وتُطيعك إذا أمرت).[٧]

والزوجة الصالحة مربّيةً للأطفال، تعلّمهم القرآن الكريم، والأدب، والصلاة، وتزرع فيهم حبّ الله ورسوله، وحبّ الآخرين، وبذل الخير لهم، همّها في ذلك إعلاء مراتبهم في الآخرة عند ربّهم، فضلاً عن علوّ المراتب والعلم في الدنيا، حيث سئلت عائشة -رضي الله عنها- عن أفضل النساء، فأجابت: (التي لا تعرف عيب المقال، ولا تهتدي لمكر الرجال، فارغة القلب إلّا من الزينة لبعلها، والإبقاء في الصيانة على أهلها)، ويضاف إلى ما سبق أن تكون الزوجة جميلةً على القدر الذي يُرضي زوجها، فيسكن إليها إذا رآها، ويفرح بها، إذ تملأ عليه دنياه فرحاً وسروراً، حيث يقول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حين سُئل عن خير النساء: (خَيْرُ النساء التي تَسُرُّهُ إذا نظرَ، و تُطِيعُهُ إذا أمرَ، و لا تُخَالِفُهُ في نفسِهِا ولا مالِهِا بِما يَكْرَهُ).[٨][٧]

أهداف الزواج في الإسلام

اعتبر الله -تعالى- شريعة الزواج للناس منّةً من لدنه عليهم، فقد قال في كتابه العزيز: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[٩] فكان الزواج سبباً في جلب السكينة والرحمة، والودّ بين الزوجين، وفيما يأتي بيان بعض الأهداف الأخرى التي شرع الزواج لتحقيقها بين البشر:[١٠]

  • الزواج هو الطريق إلى إنجاب البنين والحفدة، حيث يقول الله تعالى: (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً).[١١]
  • الزواج سبيلٌ إلى نيل الرزق والبركة فيه، وذلك إخبارٌ من النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لمن أقبل يريد الزواج والتعفّف: (تزوجوا النساءَ فإنهنَّ يأتينَكُم بالمالِ).[١٢]
  • الزواج الوسيلة لكسب أفضل متاع الدنيا، وخير متاع الدنيا كما ورد في الحديث عن رسول الله هو الزوجة الصالحة، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (الدُّنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِ الدُّنيا المرأةُ الصَّالحةُ).[١٣]
  • الزواج طاعةٌ لأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم، واقتداءٌ به وبالأنبياء من قبله، وسيرٌ على خطى الصالحين كذلك، فإنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: (يا معشرَ الشبابِ، مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصومِ فإنه له وجاءٌ)،[١٤] ويقول الإمام أحمد رحمه الله: (ليست العزوبة من أمر الإسلام في شيءٍ، ومَن دعاك إلى غير الزواج، دعاك إلى غير الإسلام).
  • الزواج سبيلٌ لتحقيق عفّة الشباب، وحلٌّ لمشاكل الفتيات العوانس، والأرامل، والمطلقات، وفيه الحلّ لمشاكل الحبّ، والعشق، الذي قد يقع بين الشاب والفتاة، فيكون الحلّ الذي يُرضي الله بينهم أن يتزوّجا.
  • الزواج الوسيلة لتكثير الأمة، وزيادة هيبتها بين الأمم من حولها، وهو اكتفاءٌ بذاتها عمّن سواها، إذا صلحت التربية، ووُجهت الطاقات حيث أمر الشرع.

المراجع

  1. سورة الرعد، آية: 38.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5063، صحيح.
  3. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3/92، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  4. ^ أ ب “في الزواج مصالح عظيمة، ومقاصد شريفة”، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-15. بتصرّف.
  5. سورة النور، آية: 32.
  6. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 554، صحيح.
  7. ^ أ ب “مواصفات الزوجة الصالحة”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-15. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1838، إسناده حسن.
  9. سورة الروم، آية: 21.
  10. “الزواج نعمة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-16. بتصرّف.
  11. سورة النحل، آية: 72.
  12. رواه ابن الملقن، في تحفة المحتاج، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2/356، صحيح أو حسن.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1467، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5065، صحيح.