حق الطفل في الاسلام
اهتمام الإسلام بمرحلة الطفولة
خصّت الشريعة الإسلامية مرحلة الطفولة لدى الإنسان باهتمامٍ كبيرٍ، وذلك لما لهذه المرحلة من أهميةٍ كبيرةٍ في بناء شخصيته، بجميع جوانبها الإيجابية والسلبية، ويكون ذلك تبعاً لما يلاقيه فيها من أسلوب في التربية والاهتمام، وبناءً على ذلك فقد قرّر الإسلام للأطفال حقوقاً وواجبات لا يمكن التغافل عنها أو إهمالها، بل وكان سبّاقاً لفعل ذلك، فقبل أن تضع الدول الحديثة، والأمم البشرية جميعها شيئاً من مواثيق حقوق الطفل، والإنسان بأربعة عشر قرناً كان الإسلام قد بيّن ذلك وفصّل فيه، وأكثر من ذلك أنّ الإسلام شرع من حقوق الطفل ما يتقدّم على جميع هذه الانظمة، فبدأ بالاهتمام بحقوقه قبل ولادته ونشوئه، بل من لحظة اختيار الرجل لزوجته حتى تكون أماً لأطفاله، فقد اشترط الإسلام لها الصلاح حتى تكون أماً صالحةً لهم، ثمّ اهتمّ بالطفل، وهو في بطن أمه، وحفظ له حقّه في الحياة، فحرّم إجهاضه، وفرض الديّة على من يقتله، وأجاز لأمه الفطر في رمضان إذا كان صيامها قد يؤثّر عليه سلباً.[١]
والإسلام ينظر للأطفالِ على أنّهم زينة هذه الدنيا، وزهرة أيامها، وهم بهجة النفوس وسعادتها، وعليهم تعلّق الآمال بالغد الأفضل للأمة جمعاء، حيث تمتدّ مرحلة الطفولة من أول لحظةٍ يصل فيها الإنسان إلى الدنيا بولادته، إلى أن يبلغ سنّ الرشد، فيكتمل عقله، ويقوى جسمه، ويصبح مميزاً بشكلٍ تامٍ، وحينها يصبح مخاطباً بالتكاليف الشرعية، وقد أدركت الشريعة الإسلامية أنّ أول ما يكفل للطفل الحياة السليمة الهانئة هو الاسرة التي ينشأ فيها، والوالدين الذين يعيش معهما غالب حياته، لذلك فقد شرعت من الأحكام، والأوامر ما يضمن نشوء الأسرة بشكلٍ سليمٍ، وهي مكونةً من أبٍ صالحٍ تقيٍ، وأم صالحةٍ تقيةٍ أيضاً، كما أنّ قائمة حقوق الطفل التي كفلها الإسلام له تطول، وتشمل جوانب عديدة على مدار مراحل حياته كلّها من كونه جنيناً، ثمّ رضيعاً، ثمّ صبياً ويافعاً، وكلّ ذلك بهدف إخراج أفرادً أسوياءً قادرين على تحدّي، ومواجهة مصاعب الحياة، ومستحدثاتها.[١]
حقوق الطفل في الإسلام
كفل الإسلام للطفل حقوقاً كثيرةً متعددةً، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها:[٢]
- النسب الثابت الموثّق للطفل: وذلك من خلال جعل الزواج الطريقة الوحيدة المشروعة للإنجاب، واشترط لصحة الزواج الإشهاد عليه، وهكذا فإنّ الطفل يضمن حقّه في أن يكون له أبوين معلومين موثّقين.
- حضانة الطفل: فقد كفل الإسلام للطفل أن يعيش في كنف والديه ليعتنيا به صحياً، ونفسياً، واجتماعياً، ثمّ كلّفهما بحسن تربيته.
- حق الطفل في الحياة: حيث يبدأ ذلك من حين كونه جنيناً في رحم أمه، فيحرم قتله، وإجهاضه، كما توعّد الله قاتلي أطفالهم بالخلود في النار جزاءً ما فعلوا.
- المساواة بين جميع الأطفال: فالله -تعالى- ساوى بين الناس جميعاً، حيث أنكر الإسلام التمييز بين الذكر والأنثى، فالله وحده هو واهب الأبناء، يعطي من يشاء إناثاً، ومن يشاء ذكوراً، وأمر الوالدين بالعدل بينهم.
- تعليم الطفل وتثقيفه: وهذا حقٌّ رئيسي للأطفال في الإسلام، وواجب على الأبوين أن يحرصا على تعليم أبنائهم كلّ ما ينفعهم من أمور الدين والدنيا.
- اللعب المباح: فهو من أبرز حقوق الطفل المشروعة، فلا يجوز منعه من ذلك، بل إنّ من قواعد التربية الإسلامية أن يداعب الوالدان أبناءهما سبع سنواتٍ، ثمّ يعملّونهم سبع سنواتٍ، ثمّ يصاحبونهم سبع سنواتٍ.
- تربية الطفل على الإيمان والاخلاق الفاضلة: فالإيمان، والخُلق الكريم حقّ تميّزت به الشريعة الإسلامية، وتقع هذه المسؤولية على عاتق الوالدين بالدرجة الأولى، وأول ما يجب عليهم تعليمهم إياه خلق الصدق في القول والفعل.
- الرّضاعة الطبيعية: من أمّه، أو من مرضعةٍ غيرها، وكلّف الإسلام الأم بفعل ذلك، وأمر الأب بأن ينفق عليها وفق سعته وقدرته.
- حق الطفل بالإنفاق عليه: فقد ألزمت الشريعة الإسلامية الأب بالنفقة على أبنائه، وتشمل تلك النفقة كلّ الجوانب التي يحتاجونها، من مأكلٍ، ومشربٍ، وملبسٍ، ودراسةٍ، وتعليمٍ، ونحوه، ويستمر ذلك إلى أن يبلغ الطفل سناً تسمح له بالتكسّب، والإنفاق على نفسه.
- الحفاظ على ماله من الضياع: فقد أمر الإسلام بحفظ أموال الأطفال اليتامى، وعدم أكلها بالباطل.
- رعاية الأطفال الأيتام والاهتمام بهم: فقد أولت الشريعة الإسلامية الأيتام رعايةً خاصةً، وأمرت المسلمين بالاهتمام بهم.
الهدي النبوي في التعامل مع الأطفال
كان للرسول -صلّى الله عليه وسلّم- مواقفً كثيرةً مع الأطفال، تدلّ على رحمته بهم، وحبّه لهم، ومن تلك المواقف:[٣]
- كان النبي-صلّى الله عليه وسلّم- يُقبّل أحفاده الحسن والحسين، فلما رآه رجلٌ ذات مرّةٍ يفعل ذلك، تعجّب من فعله، وأخبره أنّ له عشرة أولادٍ، لا يُقبّل أحداً منهم، فأجابه الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مَن لا يَرحَمْ لا يُرحَمْ).[٤]
- صلّى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- مرّةً في الناس، وكان معه الحسن أو الحسين، فسجد سجدةً أطال فيها كثيراً، فلمّا أنهى الصلاة سأله الصحابة عن سبب طول سجدته، فأخبرهم أنّ حفيده كان قد صعد على ظهره أثناء السجود، فلم يشأ أن يقوم من سجوده حتى ينزل عنه، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (بني ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته).[٥]
- شرب الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- مرةً، ثمّ أراد أن يعطي من حوله من ذلك الشراب حتى يشربوا، فكان على يمينه غلام صغير، وعلى يساره أشياخ كبار، فقال الرسول -عليه السلام- للغلام: (أتأذنْ لي أن أعطيَ هؤلاء؟ فقال الغلامُ: لا واللهِ لا أُوثرُ بنصيبي منكَ أحداً، قال: فتَلَّه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في يدِه).[٦]
المراجع
- ^ أ ب “حقوق الطفل في الإسلام”، www.islamstory.com، 2008-7-14، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
- ↑ “حقوق الطِّفل في الإسلام “، www.ar.islamway.net، 2012-12-10، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
- ↑ “مواقف نبوية مع الأطفال “، www.ar.islamway.net، 2014-4-22، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5997، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن شداد بن الهاد الليثي، الصفحة أو الرقم: 1140، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 2030، صحيح.