بحث عن الأمانة
الأمانة
حثّ الله -تعالى- عباده على التحلّي بالأخلاق الكريمة الحسنة، ومن تلك الأخلاق الكريمة؛ خلق الأمانة، فإنّه خلقٌ ذو أهميّةٍ عظيمةٍ، أعلى الله -تعالى- من شأن ذلك الخلق، وأمر بحفظه، وذكره في عدّة مواضعٍ في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)،[١] فإن انتشر خلق الأمانة بين أفراد المجتمع، وعمّ بينهم، فإنّ ذلك سيؤدي إلى تماسك المجتمع وقوّته، وعلى عكس ذلك، فإن انتشرت الخيانة بين أفراد المجتمع، فإنّ ذلك يؤدي إلى هلاك المجتمع، وهلاك الأفراد، من خلال انتشار الجرائم بين الأفراد.[٢]
إنّ خلق الأمانة بمعناه الاصطلاحيّ: هو كلّ أمرٍ فرضه الله -تعالى- على عباده؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وزكاةٍ، وكلّ ما يؤمّن عليه العبد من قبل أيّ طرفٍ آخرٍ؛ كأن يودع الإنسان سرّاً لصاحبه، فكتمان السرّ أمانةٌ، ومن يودع عند طرفٍ آخر وديعةً، فإنّ حفظها أمانةٌ، فالله -تعالى- أمر بإرجاع الأمانات إلى أهلها، وحذرّ من الخيانة، وقد عدّ الله -تعالى- من يكون أميناً أنّه من المؤمنين والمفلحين، والناس بطبيعتهم يحبّون التعامل مع الإنسان الأمين، الذي يثقون به؛ لما عُرف عنه من أمانته، ومن لم يؤدّ أمانته، فإنّ ذلك يؤدي إلى ضياع الأمانة، وإن ضاعت الأمانة، فضياعها يعدّ من علامات الساعة، ويوم القيامة يظهر كلّ ما يفعله العبد، فإن كان مضيعاً للأمانة، فذلك يؤدي إلى خزي صاحبها يوم القيامة، ودليل ذلك قول الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَخونُوا اللَّهَ وَالرَّسولَ وَتَخونوا أَماناتِكُم وَأَنتُم تَعلَمونَ)،[٣] فليسأل الإنسان الله -تعالى- أن يكون أميناً دائماً، وأن يُعينه على ذلك.[٤][٥][٦]
أنواع الأمانة
إنّ مفهوم الأمانة مفهومٌ كبيرٌ، يغطّي مفاهيماً كثيرةً بداخله، فإنّ للأمانة أنواعٌ فهي لا تقتصر على نوعٍ معيّنٍ فقط، بل تشمل أنواعاً أخرى، وفيما يأتي بيان بعض أنواع الأمانة:[٧][٨]
- إنّ أعظم أنواع الأمانة، أمانة حفظ الدين، وتبليغه والتمسّك به، فكلّ إنسانٍ مؤمّن على حفظ دينه وتبليغه للناس.
- إنّ كلّ هبةٍ وهبها الله -تعالى- لعباده، هي أمانةٌ على العبد، فجوارح الإنسان من سمعٍ، وبصرٍ، ويدٍ، وقدمٍ، ولسانٍ، كلّها أماناتٌ على العبد الحفاظ عليها، واستخدامها فيما يُرضي الله تعالى، وعدم استخدامها في ارتكاب المعاصي والذنوب، والأموال التي رزقها الله -تعالى- لعبده، أمانةٌ يجب إنفاقها في الوجه الحقّ المشروع.
- إنّ عِرض الإنسان أمانةٌ، يجب الحفاظ عليها من الوقوع في الفاحشة، وما حرّم الله تعالى.
- إنّ الأبناء أمانةٌ، فعلى الوالدين حفظ أبنائهم، وتوجيههم، وإرشادهم إلى الصواب وبيانه لهم، وحسن ترتبيتهم، ورعايتهم.
- كلّ عملٍ يعمل به الإنسان، مهما كان صغيراً أم كبيراً، فهو أمانةٌ، على العبد الحفاظ على عمله وعدم تضييعه، وإتقانه لما وكلّ إليه.
- كتمان الأسرار التي تُودع بين الأفراد أمانةٌ، فعلى الإنسان عدم إفشاء السّر، والمحافظة عليه.
- الوادئع التي تحفظ عند العباد أمانةٌ، فيجب تسليمها كما أتت.
- إتقان الطالب في دراسته، وقيامه بحلّ واجباته المدرسيّة أمانةٌ، فعلى الطالب الجدّ والاجتهاد في طلبه للعلم.
- معاملات الإنسان في البيع والشراء أمانةٌ، فعليه عدم الغشّ أو الاحتكار في معاملاته.
فوائد الأمانة
إنّ للأمانة العديد من الفوائد التي تعود على الفرد نفسه وعلى المجتمع بأكلمه، وفيما يأتي بيان البعض منها:[٤][٩]
- سببٌ في حفظ الدين، والتمسّك به.
- انتشار الخير والمحبّة بين الأفراد في المجتمعات.
- سببٌ لحبّ لله -تعالى- لعبده، ومن أحبّه الله، أحبّه الناس، فهي أيضاً سببٌ في حبّ الناس للعبد.
- تؤدي إلى حفظ أموال الناس، وأعراضهم.
- يعمّ الخير في المجتمع، وتُقضى الحوائج، وتتيسّر المعاملات.
- تعمّ الثقة بين الأفراد.
- سببٌ في حفظ حقوق الأفراد.
أمور تساعد على التخلّق بالأمانة
توجد العديد من الأمور التي يجب على العبد فعلها كي يكون أميناً، وفيما يأتي بيان بعضها:[٩]
- التقوى: على المسلم الالتزام بتقوى الله تعالى، حتى يكون أميناً، فيلتزم بفعل ما أمر الله -تعالى- به، والبعد عمّا حرّم، فالإنسان الذي يُؤتمن على دينه ويحافظ عليه، ويؤدي حقّ الله تعالى، يكون مؤدياً لحقوق العباد، وعلى العكس من ذلك، فمن لم يؤتمن على دين الله تعالى، ولم يلتزم بحقوق الله تعالى، يسهُل عليه تضييع حقوق العباد.
- بذل الجهد المطلوب: على المسلم أن يبذل قصارى جهده فيما يوكلّ إليه، وأن يقوم بأداء المطلوب منه على أحسن وجهٍ، مهما كان حاله، وأن يستحضر أنّ كلّ ما يفعله في سبيل الله تعالى، وأنّ الإنسان لا ينتظر شكراً من الناس على ما قدّم، بل يكفيه أنّ الله -تعالى- عالمٌ بما يفعل العبد، وسيعطيه الله جزاءه الذي يستحقّه، إن أحسن أو أساء.
- حفظ الأموال: على المسلم المحافظة على الأموال قدر الإمكان، والابتعاد عن كلّ ما هو ليس له، وكلّ أمرٍ يحتمل أن يكون ليس للإنسان، فالمسلم الذي يترك كلّ ما ليس له حقّ فيه، يعوّضه الله -تعالى- بأحسن منه.
- أداء الحقوق: على المسلم أداء حقوق المسملين، والقيام عليها، والمحافظة عليها في وقتها المحدّد، وعدم ظلم الناس والبغي عليهم، وإرشادهم إلى الخير والصواب، والعدل بين الناس في حقوقهم.
- المعاملة الصحيحة: على المسلم أن يكون أميناً في معاملاته مع الموظفين في العمل، وأن يحسن التعامل معهم؛ بأن يكون هيّناً ليّناً، وبالمقابل يكون جديّاً قويّاً، وعليه ألّا يظلم أحداً منهم، بل أن يعدل بينهم، ويتعامل معهم بتقوى الله تعالى.
المراجع
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 8.
- ↑ الشيخ مواد اللحياني (26-4-2009)، “الأمانة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2018.بتصرف
- ↑ سورة الأنفال، آية: 27.
- ^ أ ب الشيخ أحمد أبو عيد (18-1-2016)، “خطبة عن فضل الأمانة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-208.بتصرف
- ↑ “الأمانة صفة الصفوة”، www.islamweb.net، 19-1-2017، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2018.بتصرف
- ↑ “الأمانة”، www.islamweb.net، 19-3-2002، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2018.بتصرف
- ↑ علي الراجحي، “الأمانة وأنواعها”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2018.بتصرف
- ↑ د.بدر هميسه، “الإسلام وحفظ الأمانة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2015.بتصرف
- ^ أ ب الشيخ محمد رباح (12-3-2013)، “أداء الأمانة مفتاح الرزق (خطبة)”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2018.بتصرف