كيف أتجنب الغيبة والنميمة
تعريف الغيبة والنميمة وحكمهما
يأتي تعريف الغيبة أنّه ذكر المسلم أخاه فيما يكره، حتى وإن كانت الصفة السيئة فيه فعلاً، وقد تكون الاستغابة بذكر صفةٍ لا يحبّها المُستغاب في دينه، أو شيء من أمور دنياه، أو صفاته الشخصية أيضاً؛ فإن قيل فلان قصير أو طويل أو أعمى أو أعرج، والمتكلّم يعلم أنّ المستغاب يكره ذلك النعت له كانت تلك استغابةً له، أمّا إن كان الشخص المتكلم يتكلّم بعموم وصفٍ للشخص المذكور في غيبته، أو أنّه لم يذكر اسمه حين وصفه، بحيث لم يعلم السامع الشخص المذكور بعينه فإنّ ذلك لا يعدّ استغابةً له، ولقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إذا أراد وصف صفةً أو عادةً سيّئةً في أحدٍ لينبّه الناس عليها، يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا، أو يقولون كذا وكذا، وذلك دون تسميتهم؛ فإنّ ذلك يخرج من كونه استغابة لصاحب الصفة المذكورة.[١][٢]
وتعرّف النميمة بأنّها نقل كلامٍ من شخصٍ إلى آخر بقصد الإيقاع بينهما؛ وغالباً ما تكون النميمة كذباً أو كلاماً مبالغاً فيه، ويكون النمّام حاسداً مبغضاً لهذين الشخصين المنقول بينهما الكلام، فيُقصد بذلك التفرقة وإيجاد البغض بينهما، وإذا كانت الغيبة والنميمة توقعان البغضاء والكره بين الناس، وتبنى على الكذب والحسد فإنّ تحريمهما جاء في الإسلام واضحاً قاطعاً، ففي تحريم الغيبة قرآن يُتلى، وهو قول الله تعالى: (وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)،[٣] وفي بيان سوء عاقبة النميمة قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (لا يدخل الجنة نمام)،[٤] فإنّ جزاء النمّام الحرمان من النعيم والاطمئنان يوم القيامة، جزاءً على سوء فعله، وإيقاعه بين المسلمين في الدنيا.[١][٢][٥]
كيفية تجنّب الغيبة والنميمة
إذا أدرك المرء حقيقة الغيبة والنميمة، وسوء عاقبتها؛ سعى لتجنّبهما ولا شكّ، وفيما يأتي ذكر بعض الخطوات العملية التي تُعين على تجنّب الغيبة والنميمة والنجاة منهما:[٦][٧]
- تقوى الله في السرّ والعلن.
- محاسبة النفس بتذكيرها بقبح هذا الفعل.
- التوجّه إلى إصلاح عيوب النفس، وتذكّر أن الانشغال بذلك أولى من تتبّع أخطاء الناس وعيوبهم.
- التوجّه إلى الله -تعالى- بصدق السؤال؛ أن ينجي المرء من العادة السيئة التي تغضبه.
- تعويد اللسان على ذكر الله سبحانه، والاستغفار؛ فإنّ في ذلك نجاة من الحديث الذي لا فائدة منه، كالغيبة والنميمة.
- البحث في دوافع الغيبة والنميمة، والعمل على إصلاحها في القلب، كالغيرة أو الحسد وغيرهما، فإذا عُولجت الأسباب القلبية، برأ اللسان من الحرام.
- العلم اليقيني بأنّ جزءاً من الغيبة والنميمة هو دخولٌ في أعراض الناس، وتلك حُرمة عظيمة يجب الانتهاء عنها، والذود كذلك عن الدخول في الأعراض، طمعاً في رضا الله سبحانه.
- إدراك خطر الغيبة والنميمة، والآثام المترتّبة على ذلك، ممّا يُعين على تركهما.
- تجنّب المجالس التي يتوقّع أن يكون فيها ذكرٌ لغيبة أناسٍ أو نمٍّ على أحدهم، وفي ذلك استباقٌ من المسلم لينأى بنفسه عن الوقوع في الحرام.
- العلم بأنّ الغيبة والنميمة يُعدّان جزءاً من حقوق المسلمين، فإذا رغب المسلم في التوبة عن ذلك الحرام فعليه أن يردّ الحقوق لأصحابها، وذلك بطلب المسامحة والصفح منهم.
التوبة من الغيبة والنميمة
إذا كان من صفات الإنسان أنّه خطّاءً، وكثيراً ما يأتي الذنوب والمعاصي، فإنّ عليه أن يكثر التوبة كذلك، حتى يلقى الله -تعالى- وهو عنه راضٍ، وقد فتح الله -تعالى- لعباده باب التوبة في كلّ حينٍ، وحثّهم عليها في كثيرٍ من المواضع حتى يُقبل المسلم مطمئناً أنّ ربّه سيغفر الذنب ويقبل التوب، قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: (يا بنَ آدمَ إنَّك ما دعوتَني ورجوتَني غفرتُ لك على ما كان منك، ولا أُبالي، يا بنَ آدمَ لو بلغتْ ذنوبُك عنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لك، يا بنَ آدمَ لو أتيتَني بقِرابِ الأرضِ خطايا، ثمَّ لَقِيتَني لا تُشرِكُ بي شيئًا لأتيتُك بقِرابِها مغفرةً)،[٨] فالله -تعالى- يحبّ توبة عبده، بل وينتظرها منه، لكنّ هناك شروطاً معينةً يجب على التائب أن يحقّقها حتى تقبل توبته كاملةً عند الله سبحانه، وفيما يأتي ذكرٌ لشروط التوبة التي ذكرها العلماء:[٩]
- الإقلاع عن الذنب وتركه نهائياً.
- عقد العزم بألّا يعود المرء لذنبه أبداً.
- ندم الإنسان على ما أتى من حرامٍ، وبغضه لذلك، وانزعاجه الدائم حين تذكّره له.
- ردّ الحقوق لأصحابها في حال ارتبط مع الذنب حقوقاً للعباد، كالغيبة والنميمة، فحينها يجب على التائب ردّها، أو الطلب من أصحابها الصفح والمسامحة.
حالات تُستثنى من الغيبة
ذكر العلماء بعض الحالات التي يضطر فيها الإنسان أن يصف عيوب شخصٍ ما، ولا يترتّب على ذلك الإثم والحرام، فيما يأتي ذكرٌ لبعض هذه الحالات:[٧]
- في علم جرح وتعديل الرجال.
- في رفع المظالم إلى القضاء؛ فإذا رفع إنسانٌ مظلمته إلى محكمة مشتكياً على إنسان، فإنّه يجوز له أن يذكر سيئاته أو صنعه القبيح معه، ولا شيء عليه، قال الله -تعالى- في ذلك: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ).[١٠]
- الاستفسار عن شيءٍ من أحكام شرعية أمام عالم أو فقيه، ويصعب السؤال دون وصفٍ دقيقٍ للحال، كما وصفت إحدى الصحابيات زوجها للنبي -عليه السلام- بالبخل حين استفسرت عن حكم الأخذ من ماله دون علمه.
- السؤال الدقيق عن صفات وأخلاق شخصٍ ما، وذلك للموافقة على تزويجه أو لا، فإذا سئل شخص عن آخر لهذه الغاية، وجب عليه أن يكون صادقاً في توصيفه للسائل، ولو اضطر إلى ذكر شيءٍ من عيوبه.
المراجع
- ^ أ ب “تعريف الغيبة وحُكْمُها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-8-19. بتصرّف.
- ^ أ ب “تعريف الغيبة والنميمة”، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-8-25.
- ↑ سورة الحجرات، آية: 12.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 105، صحيح.
- ↑ “النميمة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-8-26. بتصرّف.
- ↑ “كيفية التخلص من خلق الغيبة وسوء الظن”، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-8-19. بتصرّف.
- ^ أ ب “خطورة الغيبة على الفرد والمجتمع”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-8-28. بتصرّف.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 4/214، إسناده حسن أو صحيح او ما قاربهما.
- ↑ “التوبة إلى الله تعالى وشروطها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-8-28. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 148.