تعبير كيف أحافظ على حقوق الجار

الجار هو الذي يجاورك في العمل، أو في السكن، سواء كان جواره مؤقتاً أم دائماً، وسواء أكان الجار مسلماً أم غير مسلم، وله حقوق عظيمة تفرضها الجيرة، ومتطلَّباتها وضروراتها، فهو صفة إنسانيّة عظيمة تعبرُ عن درجات متقدمّة في الرقي الإنساني، فالحياة من غير جوار لا تستقيم، ذلك أنَّ الإنسان لن تستقيم أموره في الحياة وحده، فيحتاج إلى غيره دوماً ولحاجته إلى جاره هي أشد.

إنّ للجيران بين بعضهم حقوقاً انتصبت أركانها، فكانت بحسن علاقتهم ببعض راسخة قوية، فأضحوا بذلك لحمة واحدة، فمن حقوق الجار على جاره أن يعينه في نوائب الدهر النازلة، ويقف معه في وجه المحن والشدائد المتعددة، ويصطف إلى جانبه في كلّ المناسبات
المفرحة والمحزنة، يشاركه في الأفراح فيفرح لفرحه ويقف معه في الأحزان ويبدي حزنه معه، ويكفَّ عنه كلّ ما من شانه إزعاجه، فلا يزعج نومه ولا يبدد راحته بصوت صاخب، أو ألعاب مزعجة، ويتحسس أحواله، ويغترف من طعامه وشرابه له، ويبدي له النصح الصائب
والصادق، والمشورة الصائبة الصحيحة يبادله الرأي، ويأخذ بنصحه ورأيه إن بدى له به صلاحه، وبانت من خلاله مصالحه، ويصبر على زلاته وأذاه أحياناً، ويحفظ سره ويستر عيبه ويخفي عوره.

بهذا النوع من العلاقات بين الجار وجاره تتعمق الأخوّة الحقيقيَّة، وتختفي بها فوارق اللون أو الجنس أو الدين، فالجار الذي يجاورك حفظ حقوقه واجب، وبهذا الحفظ حفظ لكرامة الإنسان، وارتفاع بقيمة العلاقات الإنسانيّة تحقيق جيد للمصالح الدنيويّة، خير اصطفاف في مواجهة الشدائد، وشعور متزايد بالسعادة، وحدة وترابط وتآزر، هزم للمحن والشدائد، وتبديد للهموم وتخفيف للأحزان.

إنّ تعميق الوعي بحقوق الجار واجب في الأسرة ابتداءً بتعليم الأطفال ومتابعتهم بذلك جيداً، والأخذ على أيديهم إن انتهكوا للجوار حقوقه، وفي المدرسة بتوعية الطلبة وتثقيفهم بهذه الحقوق، وتدريبهم عليها بزيارات عمليّة وميدانيّة بين الطلاب أنفسهم، وبين هيئة المدرسة والطلّاب المجاورين لها في مناسبات، سواء كانت مفرحة أم محزنة، وفي المساجد، حقوق للجار على منابرها هي وجبة التنبيه بها، ولإمام المسجد دور عملي في هذا الاتجاه، فتجده زائراً لجيران المسجد متفقداً لأحوالهم، ومهتماً بهم قدر المستطاع، فيقف معهم في بعض الأفراح، ويقف إلى جانبهم في الأحزان، وفي الإعلام أيضاً متسع لتسليط الضوء على حقوق الجوار، بندوات وبرامج إعلاميّة متنوِّعة ومتعددة.

هو الجار إذاً وهو الجوار فمتى اهتم كلُّ جار بحقوق جاره، وقام بينهما اهتمام متبادل بهذه الحقوق، سيغدو مجتمعنا بهذا النمط من العلاقات
الإنسانيَّة، قوياً مترابطاً ومتماسكاً، يعمُّه الأمن والاستقرار، وتسوده المحبّة والأخوَّة والسعادة.