هل الأخلاق لدى الإنسان فطرية أم مكتسبة

الأخلاق

يرتقي الإنسان في سلم الحضارة والقيم عندما تميزه الأخلاق والفضائل عن غيره من الناس، واستمد الناس خلال مراحل التاريخ المختلفة أخلاقهم من فطرتهم السوية، وجبلتهم الطاهرة التي جبلهم الله عليها، بينما اكتسب الإنسان أخلاقاً أخرى كثيرة نتيجة العلم والتعلم والإدراك لفائدة الأخلاق ونفعها للناس، كما جاءت الشرائع السماوية لتكمل الأخلاق التي يعرفها الناس، وتضيف عليها، وترتقي بها، وتضعها في مكانها الصحيح وفق منهجٍ واضح، وضوابط مدروسة محكمة تبعدها عن أهواء الناس وأمزجتهم المتقلبة التي قد تبيح ما لا يجوز من الأفعال، أو تحرم ما أباحه الله من الطيبات، فالأخلاق إذن هي محصلة ونتيجة للفطرة السوية، والاكتساب السليم للفضائل والقيم من الشرائع والحياة والتجارب.

مكونات ومصادر الخلق الإنساني

  • الجانب الفطري: وهو الذي يتمثل في ما جبل الله عليه الناس من تقبيح للحرام والمنكر، أو تحسين للحلال والطيب من القول أو العمل، ودلت الكثير من نصوص الكتاب والسنة النبوية المطهرة على فطرة الإنسان التي خلقه الله عليها، والتي تحثه على التمسك بالأخلاق في الحياة، والتحلي بها في تعامله مع الناس، ومن هذه النصوص:
    • نصوص القرآن الكريم، ومنها قوله تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) [البلد: 10]، أي خلقنا الإنسان وفق فطرة سليمة مدركة لطريق الشر وطريق الخير.
    • حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي يقول فيه: (الناسُ معادنُ، خيارهم في الجاهليةِ خيارهم في الإسلامِ، إذا فَقِهُوا) [صحيح البخاري]، والحديث الآخر الذي يشير إلى أنّ الله تعالى خلق الناس جميعاً حنفاء موحدين حتى جاءت الشياطين فحرفتهم عن فطرتهم السليمة.

  • الجانب الفكري والعقلي: أنعم الله بالعقل على الإنسان، فالإنسان بعقله السليم وإدراكه للأشياء من حوله يستطيع اكتساب الأخلاق الحميدة، والصفات الحسنة، وذلك من خلال التمييز بينها وبين الأخلاق السيئة والصفات الذميمة، كما عبر الأعرابي البسيط عن ذلك حينما قال: ما رأيت من شيءٍ أمر به الإسلام فقال العقل لِمَ لم ينهى عنه، أو شيء نهى عنه الإسلام فقال العقل لِمَ لم يأمر به.

  • شرائع الله تعالى: جاءت الشرائع من عند الله عز وجل لتكميل الأخلاق وضبطها، فلا يكفي العقل والفكرة لوجود الأخلاق واكتسابها، إذ لا بد من وجود الشرائع التي تكمل تلك الأخلاق وتتوجها.

وبالتالي فإن الأخلاق هي فطرية ومكتسبة في آنٍ واحد، فالفطرة هي المعدن والجوهر بالنسبة لبنية الأخلاق الإنسانية، بينما الاكتساب هو ما يدعم هذا المعدن، ويزيده قوة وصلابة ، ويجعله متألقاً يشع نوراً بين الناس.