مقالة عن حسن الخلق
حسن الخلق
حثّ الإسلام على الأخلاق الحسنة، وجعل ذلك من أهداف البعثة المحمديّة، فهناك منزلة عظيمة لحسن الحلق في الإسلام، وهناك عدة ميادين يشملها الخلق الحسن، وهناك أهميّة أيضاً للأخلاق الحسنة في المجتمع، وأضرار تترتب على ضياع الأخلاق ونقصانها، وسبل لإعادة تعزيزها.
الإسلام وحسن الخلق
اهتم الإسلام بالأخلاق الحسنة، فنجد القرآن الكريم قد تناول قسم كبير منها، بما يشمل معظم مجالات التعامل اليومي في المجتمع، فحث القرآن الكريم على الصدق، وحذر من الكذب، وحث كذلك على الأمانة والإيفاء بالعهد، وتجنب الغش في البيع أو الشراء، وكذلك نجد أنّ الله سبحانه في القرآن الكريم مدح رسوله -صلى الله عليه وسلم- بما هو عليه من حسن الخلق، فقال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم) [القلم: 4]، كما حث القرآن الكريم على العفو، والصفح، وعدم مقابلة السيئة بالحسنة وذلك في قوله تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فُصِّلَت: 3].
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سيرته اليوميّة نموذجاً تطبيقياً عملياً للخلق الحسن، ويظهر ذلك في اعتراف كفار قريش بصدقه وأمانته رغم ما هم عليه من الكفر، وظهر ذلك في عدة مواطن في سيرته، فكانوا يؤمّنوه على أموالهم، ويرتضوه حكماً في بعض الأمور المشكلة كما حصل في بناء الكعبة وإعادة الحجر الأسود إلى مكانه، فنزلوا على تحكيم الرسول بينهم في كيفيّة اشتراكهم في إعادة الحجر الأسود إلى موضعه.
فضل الأخلاق في الإسلام
للأخلاق فضل ومكانة عظيمة في الإسلام، فلها أجر عظيم عند الله سبحانه، وهي من مقاصد بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم-، كما أنّها جزء عظيم من الإيمان، ولا يصح الإيمان بدونها، وهي كذلك مرتبطة بجميع أنواع العبادات، كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، فاجتمعت كلّها على تحقيق جوانب عظيمة في الأخلاق، فالصلاة يجب أن تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، والصائم يجب أن يحفظ صيامه بتجنب الفحشاء والمنكر، والحج كذلك، ولمحافظة المسلم على الأخلاق سبب له في دخول الجنّة وتبوئه منزلة عظيمة فيها، يحظى بها بالقرب من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومن منهج الرسول في حثه على الخلق الحسن ما جاء في قوله: (ليسَ المؤمِنُ بالطعانِ، ولَا اللعانَ، ولا الفاحِشَ، ولا البذيءَ) [صحيح].
مجالات حسن الخلق
إنّ للأخلاق الحسنة في الإسلام مجالات وميادين متنوعة تشمل جميع الناس المسلم وغير المسلم، فهناك أخلاق يجب على المسلمين التزامها في تعاملهم اليومي مع بعضهم، وهناك أخلاق يجب التزامها في تعاملهم مع غير المسلمين، كالصدق، والأمانة، وإتقان العمل، وتجنب الغش، وإيفاء الكيل، وعدم التطفيف في البيع والشراء، ومع الأعداء في حالة الحروب كذلك بعدم قتل النساء، والشيوخ، والأطفال، وعدم التمثيل بالجثث، وعدم إحراق الأشجار، وغير ذلك.
هناك أخلاق مع الحيوانات يتعين على المسلم التزامها بعدم إيذاء الحيوان، وعدم قتله لغير مصلحة، والرفق به في العمل والنقل، وإحسان الذبح للشاة بعدم تعذيبها وغير ذلك، وفي مجال البيئة لا بدّ أن تظهر أخلاق المسلم في التعامل معها، بالحرص على تشجيرها وعدم تلويثها.
تعزيز مفهوم الأخلاق في المجتمع
لتعزيز مفهوم الأخلاق في المجتمع بشكل واقعي ومحسوس لا بدّ من تضافر الجهود في ذلك، والتي تبدأ أولاً من الأسرة المسلمة، بتربية الجيل على الأخلاق الحسنة والقيم الفاضلة، وكذلك من خلال المدارس بتوجيه الطلبة نحو الاتجاهات السلوكيّة الإيجابيّة والأخلاق الحسنة، وعبر المساجد، ووسائل الإعلام المختلفة، فهي مسؤوليّة عامة يجب على الكل التزامها؛ ذلك أنّ في ضياع الأخلاق ضياع للأسر، وضياع للمجتمعات، وضياع للأمّة بأسرها، وقد عبر عن ذلك الشاعر عندما قال:
وإنِّما الأُمَمُ الأخلاقُ ما بَقِيَتْ
- فَـإنْ هُمُ ذَهَبَـتْ أَخــلاقُهُمْ