أبناء أدم عليه السلام
آدم عليه السلام
يُلقّب سيّدنا آدم عليه السلام أبو البشريّة، فهو أول خلق الله تعالى، خلقهُ بيده من قبضة من طين، ثم أوحى فيه من روحه، ثمّ خلق الله السيّدة حواء لسيدنا آدم عليه السلام، وأسكنهما الجنّة وسمح لهما بالاستمتاع في كل شيء إلاّ الاقتراب من شجرة مُعيّنة، ولكنّ إبليس وسوس لهما بأنّ هذه الشجرة هي شجرة الخلد، فنسي سيدنا آدم والسيدة حواء أمر الله، وأكلا من الشجرة، فكان الأمر الإلهي بالهبوط على الأرض، وبداية الحياة هناك.
أوكل الله عزّ وجل لسيدنا آدم مقاليد الاستخلاف على الأرض، وعلّمه الأسماء والرموز والمسميّات كلها (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) سورة البقرة، آية (31)، وأمر الملائكة بالسجود له، وكان سجود تكريم، وليس سجود عبادة.(1)
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ*وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ*قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ*قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ*وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ*وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ*فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ*فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ*قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
أبناء آدم عليه السلام
هبط سيدنا آدم والسيدة حواء على الأرض بأمرٍ من الله، ودبّت الحياة البشرية هناك، ورُزقا بالأبناء. لم يذكر القرآن الكريم والسنة الكثير عن أبناء سيدنا آدم وحواء بل اقتصر القرآن على ذكر قابيل وهابيل، ولكن نُقل عن العلماء أنّ لآدم عليه السلام أولاداً كثيرين، ومنهم بدأ التناسل والتكاثر بدليل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء آية (1).
كما اختلف العلماء في تحديد عدد أبناء سيّدنا آدم عليه السلام، فقال ابن جرير الطبري رحمه الله :(ذُكر أنّ حواء ولدت لآدم عليه السلام عشرين ومائة بطن، أولهم قابيل وتوأمته قليما، وآخرهم عبد المغيث وتوأمته أمه المغيث، أمّا ابن إسحاق فذُكر عنه أنّ جميع ما ولدته حواء لآدم لصلبه أربعون من ذكر وأنثى في عشرين بطناً، وقال: قد بلغنا أسماء بعضهم ولم يبلغنا بعض).
ذكر وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (وقد ذكر العلماء أنّ آدم عليه السلام لم يمت حتى رأى من ذريته وأحفاده، وأولاد أحفاده، وأولادهم، وأولادهم أربعمائة ألف نسمة، والله أعلم”. كما قال ابن جرير الطبري رحمه الله (وإلى شيث أنساب بني آدم كلهم اليوم، وذلك أن نسل سائر ولد آدم غير نسل شيث انقرضوا وبادوا، فلم يبق منهم أحد، فأنساب الناس كلهم اليوم إلى شيث عليه السلام). (2)
قصة قابيل وهابيل
كانت السيّدة حواء تلد في كل مرة توأماً، ولد وبنت، وقد أُحلّ لهما الزواج -ابن البطن الأول من بنت البطن الثاني- لحكمة مُعيّنة، وكان قابيل يرغب بزوجة هابيل التي تتمتع بالجمال، فطلب سيدنا آدم منها التقدم بقربان إلى الله عز وجل، ومن يتقبل قربانه الله يتزوج هذه الفتاة، فقدّم قابيل الذي كان يعمل بالزراعة قربان زرع رديء، بينما قّدم هابيل الذي كان يعمل في المرعى جذعاً سمينة هنيئة، فنزلت نار والتهمت قربان هابيل دلالةً على قبول الله للقربان، بينما رُفض قربان قابيل، فتولّد الحقد في قلب قابيل، وتوعدّ بقتل هابيل حتى لا يتزوج شقيقته، فردّ عليه هابيل إنّ الله تقبل قربان المتقين، ولئن هممت بقتلي فلن أرد عليك بالمثل وأحاول قتلك، وأنت سوف تكسب إثم قتلي وتخسر الدنيا والآخرة.
في ذات ليلة، بينما كان هابيل نائماً قام قابيل بقتل أخيه، وكانت هذه أول حادثة قتل على الأرض، وبهذا يكون قد سنّ القتل في الأرض وسوف يكسب قابيل خطيئة إلى يوم الدين على أيّ شخص يُقتل ظُلماً، فقد قال الرسول عليه السلام (لا تقتل نفس ظلماً إلاّ كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سنّ القتل)، الألباني.
كان هابيل أوّل إنسان يموت على الأرض، بالتالي لم تكن طريقة دفن الموتى واردةً عند الخلق، جلس قابيل أمام هابيل بعد قتله معانقه حتّى تغيرت رائحته، وبدأ بالندم والحزن يسري في عروقه، واعترف في قرارة نفسه أنّه هو الأسوأ والأضعف، ثم حمل جُثة أخيه يمشي بها، ولم يعلم كيف يُواري جثة أخيه، حتّى رأى غرابان يقتتلان أمام قابيل فقتل أحدهما الآخر، فقام الغراب الحي يحفر الأرض بمنقاره، ثم ألقى بالغراب الميت في حفرة، وهال عليه التُراب حتى واراه، فقال عندها قابيل كما ورد في القرآن الكريم: (يَا وَيْلَتَي أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي) (سورة المائدة/31)، ثم اقتدى قابيل بفعل الغراب، فحَفَر قبر أخيه بيديْه، ودفنه. (3)
قال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ ءَادَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ*لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ*إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ*فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ*فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتي أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) (سورة المائدة) (27-31)
عندما علم سيدنا آدم بالقصة حزن حزناً شديداً، وأدرك أنّه من من كيد الشيطان، فخسر ولديْه الاثنين، واستمر بدعوة البشريّة إلى الله، وتحذيرهم من الشيطان، وكان يتلو عليهم قصصه حتى تكون عظة للناس.
المراجع
(1) بتصرف عن مقال سيدنا آدم.islamguiden.com
(2) منقول عن سؤال كيف استمر نسل البشر بعد موت هابيل؟ islamqa.info
(3) بتصرف عن قصة هابيل وقابيل، موقع أهل السنة والجماعة. sunna.info