العمل الصالح في الإسلام

الأديان والأعمال الصالحة

لم تجئ الدّيانات إلا رحمةً للعالمين من البطش والظلم الواقع على رؤوس الناس نتيجة للأنا، والأطماع، وسيطرة الشهوات، والغرائز على الإنسان؛ فالأديان هي التي تولت ولا زالتْ تتولى زمامَ مُكافحة مثل هذه الشرور، إذ إنّها تقف كسدٍّ منيعٍ يَحول دون فُقدان الإنسان إنسانيتهِ التي تعتبر رأسَ ماله الأول والأخير.

دعت الدّيانة الإسلامية إلى الصلاح والتقوى، فأمرت أتباعها بالإكثار من الأعمال الصالحة، والنقية، والخيرة، التي بالمداومة عليها تُعمر الأرض، وتمتلئ بالخيرات، ويَتَضاءل الظلم إلى حدوده ومستوياته الدنيا؛ فالإسلام دينُ العدل، والرّحمة، والحب، والتسامح وكل هذه القيم مستمدة من الله – جلَّ في علاه -، الذي يرجع إليه الأمر كله.

العمل الصالح في الإسلام له العديد من التفصيلات، وقد تناولته النصوص المقدسة، سواءً في الكتاب الأعز، أو في الأحاديث النبوية الشريفة بتفصيلٍ شديد، وفيما يلي بيان ذلك.

العمل الصالح في الإسلام

يعرف العمل الصالح في الإسلام على أنه كل عمل يرضي الله تعالى. قال تعالى في كتابه الكريم: (فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا).

مجالات العمل الصالح واسعة لا يمكن حصرها في نطاقٍ ضيق فقط، فأينما يمَّم الإنسان وجهه، وسعى في هذه الأرض سيجد فرصة للقيام بعمل صالح، يترك بصمة إيجابية، ويحدث تغييراً ولو كان ضئيلاً جداً، وغير مرئي، غير أن المسلم يجب عليه أن يتوخَّى أمرين في كل عمل يقوم به، أولهما: إخلاص النية لوجه الله تعالى، وثانيهما: موافقة العمل لقواعد الشرع الشريف، والسير على هدي الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-.

الإيمان والعمل الصالح

قد يَعتقد البعض أنَّ مُجرّد النطق بالشهادتين، والإقرار بوجود الله تعالى يُعطي أفضلية للإنسان على من سواه، فهذه الفئة لا تعلم أنَّ الدين الإسلامي يقوم على مبدأ تصديقِ الأفعال للأقوال، فلا يجوز ولا بأيِ حالٍ من الأحوالِ أنْ يَدَّعي شخص ما أنّه مسلمٌ مؤمنٌ بالله في الوقت الذي تَصدُرُ عنه أفعالٌ منافيةٌ لأدنى قواعدِ الإنسانية، والأخلاق، والمسلم يجب أنْ يَعكس صورةً حسنةً عن مُعتقده، وأنْ يَظهره بأفضل صورة، إذ إنَّ الاعتقاد الإسلامي أمانة يجب صيانتها، وحفظها، وأخذها بحقها، وحقها القيام بالأعمال الصالحة.

ثقافة الأعمال الصالحة

المجتمعات المسلمةُ بشكلٍ عامٍ يَجب أنْ تُربي فَلَذاتِ أكبادِها على ثقافةِ القيامِ بالأعمال الصالحةِ في كلّ وقتٍ وحين، وهذا لا يكون إلا من خلال الأجواء التعليمية التربوية الآمنة التي تعمل على بث القيم الحسنة في نفوسِ الأطفال، مما يَدفعهم إلى عكسِ هذه القيم على أرض الواقع، ومع كافة الأشخاص سواءً كانوا موافقين لنا في المُعتقد أو الرّأي، أم غير موافقين.

قد كانت حياة النبي – صلى الله عليه وسلم -، وباقي الأنبياء – عليهم السلام – مدارسَ حية يُمكنُ لأيِّ شخصٍ مهما كان عُمُره أنْ يَتعلم منها، كما أنّ حياة الصحابة الكرام مليئةٌ بالنماذج التي تصلح للاقتداء بها، وهذا ما ينبغي التركيز عليه بشكلٍ كبيرٍ عند التعامل مع الأجيالِ الصاعدة.