تعريف الزهد

تشتمل المكتبة الإسلاميّة على كثيرٍ من الكتب التي تضمّنت مواضيع مختلفة ومتنوّعة، ومن بين تلك المواضيع قصص الصّالحين والأولياء والزّاهدين، الّتي سمّيت بالرّقائق لأنّها ترقّق القلوب وتزيدها خشية وخضوعًا لله، فكما نعلم بأنّ الإيمان يزيد وينقص، وبلا شّك فإنّ قراءة موعظة أو قصّة مؤثّرة لأحد النسّاك والزّاهدين من شأنها أن تحدث الأثر الإيجابي في القلب وتزيد إيمان المرء، فما هو معنى مصطلح الزّهد ؟ وما هي أبرز مظاهر الزّهد في حياتنا ؟

الزّهد لغةً و اصطلاحاً

يرجع أصل كلمة الزّهد إلى فعل زهِد ومعناه أعرض أو تخلّص من التّعلق بشيءٍ معين، فيقال زهد فلان في الأمر أي أعرض عنه فلم يعد يشغل باله، كما يأتي معنى الزّهد بأنّه الشّيء القليل، فيقال مبلغ زهيد أي قليل.

أمّا بالمعنى الإصطلاحي فالزّهد هو العزوف عن الدّنيا ومتاعها وملذّاتها باعتبارها أمراً زائلاً، والرّضا بالقليل منها والقناعة بدون تكلّف، فيُقال الرّجل زاهد أي ورع، وصغرت الدّنيا في نظره فهانت عليه فلم يكترث لها، وعظمت الآخرة في نظره وفكره واعتقاده، فأعطاها جلّ اهتمامه وعزيمته.

الصّحابة أزهد النّاس

كان الصّحابة رضوان الله عليهم مثالًا في الزّهد؛ لذلك كانوا خير القرون بشهادة النّبي عليه الصّلاة والسّلام، فقد كانت الدّنيا وزينتها آخر ما تشتغل به قلوبهم ونفوسهم، وقد كان بعضهم يبيت الليالي والأيّام بدون أن يسدّ جوعه ورمقه.

جوانب الزّهد في الحياة

إنّ جوانب الزّهد في الحياة كثيرة ومتنوّعة، ومنها نذكر:

  • أن يزهد الإنسان فيما بين أيدي النّاس، بمعنى أن لا ينظر الإنسان إلى ما بيد أخيه من النّعم والمتاع الزّائل بل يرضى بما كتبه الله تعالى له من النّعم ويقنع بها، فالمسلم الزّاهد يقلّل من شأن تلك الأمور ويستصغرها في نفسه فيكون أغنى النّاس بذلك.
  • أن يزهد الإنسان بما عند الحكام والمسؤولين، فقد روي عن أحد الصّالحين أنّه أتاه يوماً حاكم من الحكّام يوعز له أن يطلب شيئاً من أمور الدّنيا، فكان ردّ الرّجل الصّالح أنّه ما طلب الدّنيا ممّن ملكها فكيف يطلبها ممّن لا يملكها، فقال له الحاكم: أنت رجل زاهد، فقال له: أنت أزهد منّي يا أمير المؤمنين، أنا زهدت بالدّنيا وهي شيءٌ قليل زائل، وأنت زهدت بالآخرة وهي شيءٌ كثيرٌ عظيم، فالزّهد بما عند الحكام من مكاسب وغنائم هو من أعظم أنواع الزّهد وأجلّها.
  • أن يعيش الإنسان في حياته عيشة النّفس الرّاضية القانعة بما كتبه الله لها من الرّزق والحلال الطّيب، فلا يلهث وراء تحصيل الأموال والمغانم والمتاع، وإنّما يسعى لرضا الله تعالى من خلال العمل الصّالح والاستزادة من الحسنات.