كيف تكون عبداً صالحاً

مقدمة

استخلف الله الإنسان في الدنيا من أجل إعمار الأرض، وقد أخبر الله الملائكة أنه يريد أن يخلق البشر في الأرض، فاستنكرت الملائكة الأمر قائلة، ولماذا يا رب العالمين، فنحن ها هنا نسبح بحمدك ونعبدك ولا نقصر في عبادتك شيئاً، ولكن الله تعالى يعلم ما لا يستطيع أحد أن يعلمه.

كانت بداية خلق البشر، خلق سيدنا آدم عليه السلام، فقد خلق الله سيدنا آدم من طين، ومن ثم علمه جميع الأسماء، وعرضه على الملائكة، وقد طلب منهم أن يسجدوا له، فسجدت الملائكة جميعاً ما عدا الشيطان الذي رفض أن يسجد لآدم، الأمر الذي جعل الله يصب غضبه على إبليس وقام بطرده من الجنة، وكانت نتيجة هذا الأمر أن إبليس توعد بالانتقام من بني آدم.

ومنذ ذلك الحين أصبح إبليس يقعد للإنسان عند كل أمر، من أجل أن يأمره بفعل المنكرات، كما أنّ ّ الشيطان يحاول دوماً أن يرغب الإنسان في فعل المعصية، وهذا الأمر لا شك فيه، فقد توعد أمام الله أنه سوف يوسوس للناس من أجل ارتكاب المعاصي، ولكن الله تعالى لم يردعه بل قال له أنه سوف يملاً جهنم ممن يتبعون الشيطان، وقد جاء الرسول من أجل أن يحذر الناس من إطاعة الشيطان، كما أنّ  من يقوم بإطاعة الشيطان لن يكون مصيره سوى النار خالداً فيها لا يخرج منها. 

لماذا خلق الله سبحانه وتعالى البشر

كانت الوظيفة الأساسية لخلق البشر هي العبادة، بأن يعبد البشر الله سبحانه وتعالى في السر والعلن، أي أمام الناس وبين الإنسان وبين نفسه، وأن يقوم الإنسان بتأمل خلق الله سبحانه وتعالى من أجل كسب رضا الله وإطاعته.

والأمر ليس صعباً، ومن الممكن أن نذكر مثال بسيط على هذا الأمر، بأن نعتبر الحياة هي آلة جديدة اشتريناها، والقرآن الكريم هو الكتالوج الذي سوف يسيِر هذه الآلة، فيقوم الإنسان باتباع جميع التعليمات المذكورة في القرآن الكريم من أجل الحصول على تشغيل أفضل للجهاز، ومن أجل الحصول على استعمال صحيح لهذه الآلة.

أي أن الإنسان يجب أن يتبع القرآن الكريم وتفسيره من أجل الحصول على حياة أفضل.

كيف يستطيع الإنسان أن يكون عبداً صالحاً

الصلاح في الحياة هو انتصار الإنسان على الشهوات التي تسيطر عليه وتأسره، وفي حال استطاع الإنسان أن يسيطر على نفسه سوف يتمكن من الحصول على الصلاح في حياته، فيكمن سر النجاح في الصلاح على مدى رغبة الإنسان وإرادته من أجل الوصول إلى الصلاح، ومدى تطبيق الإنسان للشرائع التي أحلها الله أو حرمها.

وقد قسم علماء السنة والفقه الصلاح إلى قسمين، الصلاح السلبي، وهو الصلاح الذي يتمثل في الابتعاد عن الأمور التي حرمها الله، مثل ألا يسرق الإنسان، أو ألا يزني… إلخ، والنوع الآخر من أنواع الصلاح، وهو الصلاح الإيجابي، والذي يتمثل في أن يكون الإنسان نقياً وطاهراً، كما أنّ يتحلى الإنسان بالأمانة، وهي أمور معنوية أي أنه لا يؤثم تاركها، والمطلوب من الإنسان أن يتمتع بالنوعين الصلاح الإيجابي والصلاح السلبي.

كما أنّ الإنسان الذي يعود نفسه على أن يتصف بنوعي الصلاح، قد يصل به الحال إلى أن يصبح غير قادر على أن يتلفظ أي لفظ خاطئ أو نابي، وهنا يكون الإنسان قد وصل إلى قمة الصلاح في حياته، وبالتالي الوصول إلى أقصى درجات الإيمان والراحة.

يواجه البعض مشكلة في مسألة الصلاح، وهي التهاون مع الأمور البسيطة، فيسيطر على الإنسان شعور بأن الأمر عادي، الأمر الذي يدفع بالإنسان إلى أن يصل إلى مرحلة أن يقوم بأي شيء مع الشعور بأن الأمر عادي.

وتكون أولى مراحل الإنسان في الصلاح، أو تكون بداية الصلاح متمثلة في اللحظات التي يشعر بها الإنسان بتأنيب الضمير بعد ارتكاب أي ذنب حتى لو كان بسيطاً، فيدخل الإنسان في صراع مع ضميره بسبب ارتكاب هذا الذنب، كما أنّ ه قد لا ينام طوال الليل بسبب الإحساس بالذنب مما ارتكبه.

ويجب أن يتبع الإحساس بالذنب قرار ألا يرتكب الإنسان مثل هذا الذنب بعد الآن، وألا يسئ التصرف مرة أخرى، وهذا يتبع الخطوة الثانية على خطوات الصلاح.
فلو تخيل الإنسان ما يحدث له بعد ارتكابه للمعصية لوجد أن الملائكة تنفر منه، كما أنّ الله سبحانه وتعالى يغضب عليه، ولكن جعل الله الفرصة للتوبة موجودة، كما أنّ الملائكة لا تكتب الخطيئة فوراً لعل الإنسان يستغفر الله فيغفر له.

ارتكاب الخطايا هو معصية الله، والقيام بعمل أشياء غير مرغوبة أبداً، فيجب أن يخاف الإنسان من غضب الله الذي سوف يحل عليه بعد ارتكابه للمعصية، وبهذا الأمر يجب أن يسارع الإنسان إلى طلب المغفرة من الله عز وجل بعد أن يرتكب المعاصي.

ولأن الله كان بعباده رؤوفاً ورحيماً فقد أرسل إليهم الرسل لتدلهم على الطريق إلى الله سبحانه وتعالى، فلم يتوقف الله عن إرسال الرسل إلى البشر منذ بداية الخلق، ولكن البشر استنكروا الأمر، وكانت عاقبة من استنكر أمر عبادة الله أن خسف الله بهم الأرض، وعذب منهم الكثير.

شروط العبادة التي يكون فيها الإنسان عبداً صالحاً

من أهم الشروط التي يجب أن تتوافر في العبادة لتكون دليل على أن الإنسان صالحاً هي أن تكون العبادة خالصة لوجه الله تعالى، فلا يشرك الإنسان بعبادة ربه أي أحد، كما أنّ الشرك بالله واحداً من أكبر الخطايا التي لا يغفرها الله أبداً.
كما أنّ الشرط الآخر هو تطبيق جميع أركان الإيمان، وألا يقصر الإنسان في أي ركن من هذه الأركان، حيث إنّ أي قصور في أي ركن من أركان الإيمان يعتبر قصور في الإيمان نفسه.

ومن أهم الشروط أيضاً، الصلاة الصحيحة، حيث إنّ الصلاة هي اللحظة التي يلتقي بها العبد مع ربه، وتكون خمس مرات في اليوم والليلة، وبهذا فإنه من الضروري أن يحسن الإنسان صلاته، وإحسان الصلاة يكون بأن يتوضأ الإنسان ويحسن الوضوء، ومن ثم يقف متجهاً القبلة وأن يكون على طهارة تامّة، وإن يبدأ في الصلاة، فلا تكون الصلاة سريعة، ولا يترك أي ركن من أركان الصلاة.

أن يقوم الشخص المسلم بالإنفاق مما رزقه الله سبحانه وتعالى، فلا يبخل على نفسه أو على أولاده، كما أنّ الله أمر أن ينفق الإنسان في سبيل الله، أي أن يقوم بإخراج الصدقات والتبرعات على أمواله، حيث إنّ الله نهى الإنسان عن البخل والشح.

الابتعاد عن الخطايا وعن ارتكابها، وفي حال ارتكب أي من الخطايا على سبيل الخطأ أو السهو، أن يسارع الإنسان في التوبة والاستغفار إلى الله، وطلب المغفرة والعون من الله، كما أنّ الله يحب أن يكف المسلم أذاه عن باقي المسلمين، وأن يحاول تطبيق الدين الإسلامي كما جاء بلا تحريف أو نفاق.

ويبقى الإيمان بالله هو أحد أسرار النجاح في الحياة، حيث إنّ الله يمد يد العون لكل من يلجأ إلى طريق الخير ويمشي فيه، كما أنّ الإنسان يديم سؤال الله عن أي أمر يريده، فالله يحب أن يلح العبد في السؤال، كما أنّ ه يحب أن يبتلي الإنسان من أجل أن يستمع إلى نداؤه ورجاؤه لله، فيجب ألا يكون الإنسان عجولاً في اتخاذ قراراته.

كما أنّ ّ الايمان بالله يزيد من ثقة الانسان بنفسه، حيث إنّ الانسان الذي يؤمن بالله يكون على يقين أن الله دائماً معه، وأنه لن يتخلى عنه مهما كانت ظروفه، والتقرب من الله يجعل الحياة تتجه نحو الأفضل.