ما هو موت الفجأة

تعريف موت الفجأة

يُراد بموت الفجأة؛ الموت الذي يأتي بغتةً على حين غفلةٍ، ووقوعه بلا سببٍ سابقٍ مؤدي له؛ كمرضٍ وغيره،[١] ودون حدوث معاناةٍ أو مشقّةٍ؛ من مقدّماته أو سَكَراته،[٢] كما يُعرف موت الفجأة بموت الفوات، أو موت السكتة؛ أي أنّه يأخذ الإنسان من حياته الدنيا على غفلةٍ.[٣]

علاقة موت الفجأة بالخاتمة

لا يصحّ القول بأنّ موت الفجأة دلالةٌ على سوء الخاتمة، فقد يكون شخصٌ ما طيباً، طائعاً لأوامر الله، مجتنباً نواهيه طوال حياته، إلّا أنّه مات فجأةً، وقد يقع عكس ذلك، أي أنّه لا يُحكم على صلاح الإنسان أم لا بحالته حين موته،[٤] وتجدر الإشارة إلى أنّ الإنسان يُبعث يوم القيامة على حالته التي توفي فيها، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ علَى ما ماتَ عليه)،[٥]

وموت الفجأة رفقٌ ورحمةٌ بالمؤمنين من الله -سبحانه-؛[٦] فالموت قد يكون خيراً لصاحبه إن كان من الصالحين، والملتزمين بأداء الطاعات والصالحات التي تقرّبه من الله -سبحانه-، سواءً مات بشكلٍ مفاجئٍ أو لسببٍ ما؛ ويكون ذلك رحمةً به من الله -تعالى-، ومغفرةً له، فلا يشعر بألمٍ أو شدّةٍ قبل موته، وإن شعر بشدةٍ ما قبل موته، وصبر عليها؛ فيكون صبرة سببٌ لرفع منزلته ومكانته عند الله، وتكفيراً لسيئاته وذنوبه، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما يتعلّق بما سبق: (العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِن نَصَبِ الدُّنْيَا وأَذَاهَا إلى رَحْمَةِ اللَّهِ)،[٧] ولذلك كان جديراً بالعبد المسارعة إلى ربه دائماً بالتوبة، والإقبال إلى أعمال البرّ والخير.[٢]

دعاء موت الفجأة

لم يرد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أي دعاءٍ بخصوص موت الفجأة، ولم يثبت أيٍ منها في كتب السنة النبوية، ويجدر بالمسلم أن يدعو بما ورد وصحّ عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- من أدعيةٍ، منها: ما رواه الإمام مسلم عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ)،[٨][٢] أما ما ورد من استعاذة النبي -عليه الصلاة والسلام- من موت الفجأة، فقد بيّن العلماء أنّ في إسناد ذلك الحديث ضعفٌ ولا يصحّ.[٩]

كيفية الاستعداد للموت

يستعدّ العبد للقاء ربه بالعديد من الطاعات والعبادات، التي ينال بها القرب من ربه ورضاه، يُذكر منها:[١٠]

  • الالتزام بالفرائض: يتوجّب على كل مسلمٍ أداء ما افترضه الله عليه من الأوامر والواجبات والفرائض، وعدم التقصير بأيٍ منها؛ كالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، كما أمر الله -سبحانه- باتّباع أوامر النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال الله -تعالى-: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).[١١]
  • تذكير النفس بالموت: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أكثِروا ذِكْرَ هاذمِ اللَّذاتِ الموتِ)،[١٢] فالإكثار من تذكّر الموت؛ يُعين العبد على الإكثار من التوبة إلى الله دائماً، وأداء العبادات والطاعات دون فتورٍ أو مللٍ.
  • التوبة الصادقة: فعلى المسلم أن يكون دائم التوبة عن ذنوبه، والإنابة إلى ربه، ويكون ذلك بالإقلاع التام عن المعصية، وعدم العودة إليها أبداً، والندم على ارتكابها، وأداء حقّ غيره من المال وغيره؛ إن كان الحق متعلّقاً بشخصٍ ما، وتُعرف صحّة التوبة بأن يكون حال التائب بعد التوبة أفضل من حاله قبلها، وأن يبقى خوفه من الله -سبحانه- ملازماً له، مع إكثاره من الاستغفار والدعاء.
  • حُسْن الظن بالله -عزّ وجلّ-: ويكون ذلك بأن يعلم العبد أنّ الله -سبحانه- سيغفر له ذنوبه، ويتجاوز عنها، قال رسول الله فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: (أنا عندَ ظنِّ عبدي بي فلْيظُنَّ بي ما شاء).[١٣]

المراجع

  1. حسن أبو الأشبال، شرح صحيح مسلم، صفحة 9، جزء 45. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت “هل ثمة دعاء خاص يحفظ من موت الفجأة ؟”، islamqa.info، 9-7-2009، اطّلع عليه بتاريخ 16-1-2020. بتصرّف.
  3. “تعريف ومعنى فوات (موت الفجأة) في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-1-2019. بتصرّف.
  4. عبد المحسن العباد، شرح الأربعين النووية، صفحة 26، جزء 11. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2878، صحيح.
  6. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1478، جزء 2. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 6512، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2739، صحيح.
  9. “ضعف إسناد حديث الاستعاذة من موت الفجأة”، www.islamweb.net، 10-6-2012، اطّلع عليه بتاريخ 16-1-2020. بتصرّف.
  10. صلاح نجيب الدق (28-2-2016)، “الاستعداد للموت”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-1-2020. بتصرّف.
  11. سورة الحشر، آية: 7.
  12. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2992، صحيح.
  13. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن واثلة بن الأسقع، الصفحة أو الرقم: 635، صحيح.