تعريف الشريعة الإسلامية

الشريعة الإسلاميّة

يُعدّ التشريع الإسلامي تَشريعاً عالميّاً؛ حيث أشار القرآن الكريم، وبيّنت السنّة النبويّة ذلك؛ قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)،[١] وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُعطيتُ خمسًا لم يُعطَهنَّ أحدٌ منَ الأنبياءِ قَبلي: نُصِرتُ بالرُّعبِ مَسيرةَ شهرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا، وأيُّما رجلٍ من أُمَّتي أدرَكَتْه الصلاةُ فلْيُصلِّ، وأُحِلَّتْ لي الغَنائمُ، وكان النبيُّ يُبعَثُ إلى قومِه خاصةً، وبُعِثتُ إلى الناسِ كافةً، وأُعطيتُ الشفاعة) [٢]

معنى الشريعة الإسلامية

الشريعة في اللغة

الشريعة في اللغة: هي مصدر شرع، وتُطلق على معنيين:[٣]

  • الطريق المستقيمة، ومنه قول الله عزّ وجلّ: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)[٤] أي جعلناك على طريقة مستقيمة.
  • مورد الماء الجاري الذي يُقصد للشرب، يُقال: شرعت الإبل إذا قَصدت مَورد الماء للشرب.

الشريعة في الاصطلاح

تُعرّف الشريعة في الاصطلاح بأنّها: ما شرعه الله سُبحانه لعِباده من الأحكامِ التي جاء بها نبيٌّ من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، سواءً كانت هذه الأحكام أحكاماً اعتقاديّةً أو أحكاماً عمليّةً ليُؤمنوا بها فتكون سعادتهم في الدنيا والآخرة، وبِإضافة لفظ الإسلام إلى الشريعة كان مَعنى الشريعة الإسلاميّة: ما نَزل به الوَحي على مُحمّد صلى الله عليه وسلّم من الأحكام التي تُصلِح أحوال الناس في الدنيا والآخرة سواءً في ذلك الأحكام العقائديّة، أو الأحكام العمليّة، أو الأخلاق.[٥]

خصائص الشريعة الإسلامية

تتميز الشريعة الإسلامية بعددٍ من الخَصائص منها:[٦]

  • إلهية ربانية: أي إنّ مصدرها من الله سبحانه وتعالى، الخالق المعبود، صاحب السلطان الذي له حقّ التشريع، بالإضافة إلى أنّها تقوم على أساس من العقيدة الإسلامية ممّا يَجعل حياة المسلم مُترابطةً ومنسجمةً لا تَعارض ولا تناقض فيها.
  • معصومة؛ فالله سبحانه وتعالى تكفّل بحفظها إلى قيام الساعة.
  • مستقلة؛ فهي نظامٌ مستقل بفكرته ومتفرّد بوَسائله عن النُظم القانونيّة والتشريعيّة التي وَضعها البشر.
  • شريعة لها قدسيّتها؛ فالإنسان المُسلم يعتقد أنّ هذه الشريعة من عند الله سبحانه وتعالى الخالق المعبود، فيكون لها في نفسه شأنٌ عظيم واحترامٌ وهيبة.
  • عالمية؛ فقد جاءت للناس كافّةً على اختلاف ألوانهم وأجناسهم.
  • نشأتُها فريدة تُميّزها عن الشرائع البشرية؛ فقَد أنزلها الله تعالى على نبيّه مُحمّد صلى الله عليه وسلم، ولم يَكن للعرب ولا للمسلمين دورٌ في وضع أحكامها ونُصوصها.
  • نصوصها مُصاغة بشكلٍ تُخاطب فيه العقل والقلب معاً؛ فأسلوبها سهل ميسّر يجمع بين التّرغيب والترهيب، وبين الأمر والنهي.
  • واسعة وكاملة؛ فهي تسع حياة الإنسان من جميع جوانبها وأطرافها، وتُعنى بإصلاح روح العبد، وإصلاح عقلِهِ وفِكرِه وقولِه وعمله، كما أنّها تُعنى بالفَرد والمُجتَمع.
  • شريعة دائمة ومُستمرّة ومُستقرّة.
  • شريعة تتّصف بالمُرونة، لتُناسب جميع الأمَم في مُختلف الأماكن والأزمنة.
  • شريعة تتميّز أحكامها باليُسر ورفع الحرج.
  • حفظ مَصالح العباد الضروريّة والتحسينيّة.
  • عادلة.

أحكام الشريعة الإسلامية

تنقسم الأحكامُ التي جاءت بها الشريعة الإسلامية إلى الآتي:[٧]

  • الأحكام الاعتقادية: هي الأحكام المُتعلّقة بذات الله عزّ وجلّ وأسمائه وصفاته، ويُطلق عليها الإلهيات، وكذلك الأحكام المُتعلّقة بالإيمان بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ويُطلق عليها النبوّات، والأحكام المُتعلّقة بالإيمان بالملائكة، وبالكتب السماويّة، وباليوم الآخر، والحساب والبعث، والجنّة والنار، إلى غير ذلك من الأمور الغيبيّة.
  • الأحكام الخُلقية: هي الأحكام التي تتعلّق بتهذيب النفس وتزكيتها، والتي يتوجّب على الإنسان التحلّي بها مثل: الصدق، والأمانة، والوفاء بالعهد، والعفو، والصبر، والتواضع، إلى غَير ذلك من الأخلاق والفَضائل، وأن يبتعد عن الرّذائل مثل: الكذب، والخيانة، والتكبّر.
  • الأحكام العمليّة أو ما يُسمّى بعلم الفقه: هي الأحكامُ العَمليّةُ التي تُنظّم علاقة الإنسان بِربّه مثل: العبادات، والأحكام التي تُنظّم علاقة الإنسان بغيره من الأفراد والجماعات، والأحكام التي تُنظّم عَلاقة الدولة بِغيرها من الدول.

الفرق بين الشريعة والفقه

هناك مجموعة من الفروق بين الشريعة والفقه تتمثّل بالآتي:[٧]

  • لفظ الشريعة أعمّ وأشمل من لفظ الفقه؛ فالشريعة تشمل جميع الأحكام التي هي: الأحكام العقائديّة، والأحكام الأخلاقيّة، والأحكام العمليّة، أمّا لفظ الفقه فهو يَشمل الأحكام العمليّة فقط.
  • تُعدّ الشريعة هي الأحكام التي أنزلها الله سبحانه عزّ وجلّ على رسوله محمّد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم أو في السنّة النبوية؛ أي إنّ الشريعة الإسلامية قائمةٌ على الوحي، أمّا الفقه فأحكامه تنقسم لقسمين:
    • أحكام مستفادة من النص دون بحث مثل: قول الله سبحانه: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)[٨] فالآية واضحةٌ وصريحةٌ في المُحرّمات من النساء فلا يُحتاج إلى بحثٍ واجتهادٍ في مَعرفتهنّ.
    • أحكام مُستفادة من النص يَستنبطها ويَستخرجها الباحث من خلال استقرائِه للنّصوص الشرعية، وهذا القسم من الأحكام أكثر من القسم الأوّل، وذلك بحُكم كَثرة الحوادِث والمُستجدّات.

المراجع

  1. سورة سبأ، آية: 28.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 438، صحيح.
  3. جمال الدين، محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي الكجراتي (1967)، مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار (الطبعة الثالثة)، بيروت: مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، صفحة 203، جزء 3. بتصرّف.
  4. سورة الجاثية ، آية: 18.
  5. إسحاق بن عبد الله السعدي (2013)، دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (الطبعة الأولى)، قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، صفحة 304، جزء 1. بتصرّف.
  6. عمر سليمان الأشقر (1982)، خصائص الشريعة الإسلامية (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة الفلاح، صفحة 35-96. بتصرّف.
  7. ^ أ ب عبد الله محمد الصالح (2007)، المدخل إلى دراسة الفقه الإسلامي، صفحة 18-20. بتصرّف.
  8. سورة النساء، آية: 23.