شرح نواقض الإسلام
الإسلام
يُعرّف الإسلام لغةً على أنه الإقرار بالتوحيد، والتصديق والعمل بشريعة الله تعالى، ويمكن القول أنه الدين الذي بعث الله -تعالى- به محمد صلى الله عليه وسلم،[١] أما اصطلاحاً فيُعرّف الإسلام على أنه الاستسلام لله بالتوحيد، والخضوع له بالطاعات، والبراءة من الشرك وأهله، ومن الجدير بالذكر أن الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله -تعالى- لعباده، حيث قال: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)،[٢] وقال عز وجل: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).[٣][٤]
وقد تكفّل الله -تعالى- بحفظ الإسلام ونصره وإظهاره على الأديان جميعاً، إذ إن مصدر التشريع الإسلامي من كلام الله -تعالى- المنزل في القرآن الكريم، بالإضافة إلى السنة النبوية المطهرة، وقد تكفّل الله -تعالى- بحفظ القرآن الكريم حيث قال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)،[٥] ومن أهم خصائص الإسلام أنه دين شامل، حيث شرع الله -تعالى- أحكامه وتشريعاته للعالمين في كل مكان وزمان، فهو عقيدة، وعبادة، ودين، ودولة، وقضاء، وحكم، قانون، وشريعة، وعلم، وأخلاق، ودعوة، وجهاد، ومصحف، وسيف.[٤]
شرح نواقض الإسلام
بعث الله -تعالى- محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، وارتضى الإسلام للناس جميعاً، وحذّرهم من ارتكاب ما يناقضه، وقد بيّن العلماء رحمهم الله العديد من النواقض التي يعدّ مرتكبها مرتداً خارجاً عن ملّة الإسلام، وقالوا بأن أخطر النواقض وأكثرها انتشاراً عشرة نواقض، ويمكن بيانها فيما يأتي:[٦]
الشرك بالله
يُعدّ الشرك في عبادة الله -تعالى- أعظم أنواع الردّة عن الإسلام، وقد يقع الإنسان في الشرك من خلال صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله تعالى، كالسجود لغير الله تعالى، أو النذر لغير الله، أو الذبح لغير الله، أو الاستغاثة بالقبور أو بالموتى، أو الطواف بالأضرحة وغيرها، ومما يدل على أن الشرك من أخطر الذنوب، قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا)،[٧]، وقوله عز وجل: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ).[٨][٩]
اتخاذ واسطة بين العبد وربه
إن اتّخاذ الإنسان واسطة بينه وبين الله -تعالى- نوع من أنواع الشرك، فالشرك عام، وهذا النوع من الشرك خاص بمن يجعل بينه وبين الله واسطة، كالذي يقول يا محمد اشفع لي عند ربي، أو يقول يا محمد أغثني، أو يتخذ أحد الملائكة -عليهم السلام- أو جنيّاً أو قبراً واسطة بينه وبين الله، ويزعم أنهم يُقرّبونه إلى الله تعالى، وقد بيّن العلماء أن هذا العمل كفر بإجماع الأمّة، وبيّن الله -تعالى- ذلك في القرآن الكريم، حيث قال: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ).[١٠][١١]
عدم تكفير المشركين أو الشك في كفرهم
إن كلمة التوحيد لا إله إلا الله، توجب أمرين؛ وهما الإيمان بالله، والكفر بالطاغوت، والمقصود بالكفر بالطاغوت إنكار عبادة غير الله -تعالى- ونفيها، والبراءة منها ومن أهلها، ومعاداتهم، وبناءً على ذلك فإن الاعتقاد بعدم كفر المشركين؛ كاليهود، والمجوس، والنصارى، والوثنيين، والشيوعيين وغيرهم، ناقض من نواقض الإسلام، بل حتى الشك في كفر المشركين يعتبر ناقضاً من نواقض الإسلام، كالذي يقول: لا أعلم قد يكون أصحاب الديانات الأخرى على حق، أو يقول: يجوز التديّن بالنصرانية، أو اليهودية، أو الإسلام فكلها ديانات سماوية.[١١]
تفضيل أي حكم على حكم وهدي رسول الله
الاعتقاد بأن أي هدي غير هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، يُعد خروجاً عن ملّة الإسلام، ويشمل هذا الناقض الاعتقاد بأن الشريعة الإسلامية لا تصلح للتطبيق في القرن الواحد والعشرين، أو أنها سبب في تخلّف المسلمين، أو الدعوة إلى حصرها فيما بين العبد وربه وعدم تدخّلها في شوؤن الحياة، أو تفضيل الأنظمة والقوانين التي يضعها البشر على النظام الإسلامي، أو القول بجواز الحكم بغير شريعة الله -تعالى- في المعاملات والحدود، حتى وإن لم يعتقد أفضليّتها على حكم الله.[١٢]
بغض شيء مما جاء به رسول الله
الأصل في الإسلام القبول التام المطلق لكل ما شرعه الله -تعالى- على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وبناءاً على ذلك فإن بُغض أي شعيرة من شعائر الإسلام كالحجاب، أو بعض المظاهر الدينية، أو الحدود الشرعية يُعد نقضاً للإسلام، وكفراً مخرج من الملّة، ودليلاً على النفاق، مصداقاً لقول الله تعالى: (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ).[١٣][١٤]
الاستهزاء بشيء من الدين
يعدّ الاستهزاء بأي شعيرة من شعائر الإسلام كالزكاة، أو الصلاة، أو الجنة، أو النار، أو الاستخفاف بالمصلّين بسبب تأديتهم للصلاة، أو الحُجّاج بسبب طوافهم، يُعد ناقضاً من نواقض الدين، وكفر مخرج من الملّة، فقد رُوي أن جماعة من المنافقين استهزؤوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك، وقالوا: (ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أتجبن عند اللقاء)، يقصدون بكلامهم النبي -عليه الصلاة والسلام والصحابة رضي الله عنهم، فأنزل الله -تعالى- فيهم آيات تتلى إلى قيام الساعة، وهي قوله تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ).[١٥][١١]
السحر
يُعد تعلم السحر والعمل به ناقضاً من نواقض الإسلام، لا سيّما أن تعلمه يستلزم الكفر بالله تعالى، مصداقاً لقول الله عز وجل: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ)،[١٦] ويمكن تعريف السحر لغةً على أنه ما لَطُف مأخذه ودق، أما اصطلاحاً فيُعرّف السحر على أنه طلاسم وقراءات يستخدمها الساحر للتأثير على عقل المسحور، وجسده، وإرادته، ومن الجدير بالذكر أن للسحر نوعان؛ نوع حقيقي وله تأثير، ونوع خيالي.[١٧]
مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المؤمنين
أمر الله -تعالى- عباده المؤمنين بالولاء له، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وحثّهم على الحب في الله والبغض لله، ولذلك فإن موالاة المشركين ومعاونتهم على المؤمنين تُعد ناقضاً من نواقض الإسلام، مصداقاً لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)،[١٨] ومن الجدير بالذكر أن لموالاة المشركين صور عديدة منها: القتال تحت رايتهم، والتحالف معهم ضد المسلمين، والتجسّس لصالحهم، ومشاركتهم بأعيادهم ومناسباتهم، وتهنئتهم فيها، والاشتراك في منظّماتهم الدولية.[١٤]
الاعتقاد بإمكانية خروج بعض الناس عن الإسلام
إن الاعتقاد بجواز الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، والتعبّد لله -تعالى- بغير شريعته؛ كالفلسفة، أو التصوف، أو الصابئة، يُعد ناقضاً للإسلام، ولا يصح الاستدلال بقصة الخضر مع موسى عليه السلام، لأن شريعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عامة للعالمين، وهي خاتمة الشرائع كلها، بينما شريعة موسى عليه السلام خاصة ببني إسرائيل، والخضر لم يكن منهم، بالإضافة إلى كون الخضر نبي يوحى إليه.[١١]
الإعراض عن دين الله
يشمل الإعراض عن دين الله -تعالى- الإعراض عن تعلم العلم الشرعي اللازم لأداء الواجبات بشكل صحيح، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقد قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ).[١٩][١٤]
المراجع
- ↑ “تعريف و معنى الإسلام في قاموس المعجم الوسيط، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 19.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 85.
- ^ أ ب د. إبراهيم بن حماد بن سلطان الريس (22/12/2007 ميلادي – 14/12/1428 هجري)، “الخصائص العامة للإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجر، آية: 9.
- ↑ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ( 1410هـ)، نواقض الإسلام (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 1،2. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 48.
- ↑ سورة المائدة، آية: 72.
- ↑ محمد بن عبد الوهاب (2006م)، شرح نواقض الإسلام (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الإمام أحمد، صفحة 12-13. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية: 3.
- ^ أ ب ت ث الشيخ عبد العزيز الراجحي، “شرح نواقض الإسلام”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2019. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، العقيدة الصحيحة وما يضادها ونواقض الإسلام، السعودية: وزارة الأوقاف السعودية، صفحة 37-40. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية: 9.
- ^ أ ب ت “نواقض كلمة التوحيد”، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 66،65.
- ↑ سورة البقرة، آية: 102.
- ↑ الشيخ خالد بن علي المشيقح، “شرح نواقض الإسلام [8 “]، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية: 51.
- ↑ سورة الأحقاف، آية: 3.