ما هو عذاب البرزخ
البرزح لغةً كما عرّفها ابن منظور في كتابه لسان العرب بأنّها ما بين كلّ شيئين، وتعني أيضاً الحاجز بين شيئين، وأمّا عالم البرزخ فهو الحاجز والفاصل بين عالم الحياة الدّنيا وعالم الحياة الآخرة، ونرى كلمة البرزخ قد وردت في عدّة مواطن من القرآن الكريم وكذلك في السنّة النبويّة المطهّرة، وفي كلّ مرّة يكون لها معنىً خاص يتضّح لنا من خلال السياق القرآني للآية الكريمة أو الحديث النبويّ الشريف، وسيكون محور حديثنا في هذا المقال عن المعنى الخاصّ بعالم البرزخ وهو الفترة أوالزمن الإنتقاليّ بين الحياة الدنيا وعالم الحياة الآخرة.
وعالم البرزخ هو الذي يكون بعد وفاة الإنسان وخروج الروح من جسده إلى حيث أراد الله لها أن تخرج، وتكون هذهِ الحياة في القبر، فعالم البرزخ هو حياة الإنسان في القبر التي بين الموت والنشور، لأنَّ الرّوح لا بُدَّ وأن تعود إلى جسد صاحبها حين ينتشر إلى الحساب يوم النشور حينَ يقوم النّاسُ لِربّ العالمين، وهذهِ الحياة الإنتقاليّة قد يكون الإنسانُ فيها مُنعّماً بأصناف النعيم الذي أرادهُ الله لعباده المتقين المؤمنين أو أن تكون مليئة بالعذاب والعياذ بالله.
وقد ذكرَت الآيات الكريمة الدلائل القاطعة على وجود عذاب في البرزخ يسبق عذاب الآخرة وهو عذاب القبر كما قال الله سُبحانهُ وتعالى عن فرعون وآله : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)، ويعني ذلك أنّ آل فرعون يتعذّبون في البرزخ بسبب أعمالهم وإجرامهم وأنَّ هذا العذاب الذي ألمَّ بهم هو عذاب مٌختصٌّ بما قبلَ يومِ القيامة لأنَّ الله ذكرَ بعدَ هذا العذاب : ويم تقوم الساعة – أي يوم القيامة بعد البرزخ- أدخلوا آل فرعون أشدَّ العذاب.
وقد وَرَد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّهُ كان يتعوّذُ بالله من عذاب القبر ومن أهواله، وهذا البرزخ ورَد صراحةً في القرآن الكريم حيث يقول الله عزَّ ووجلّ عن عذابهِ وطولِ أمده 🙁 حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون، لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)، ويدلّ المعنى من هذهِ الآية أنَّ الكافرين يُريدون العودة إلى الحياة الدّنيا ليبدأو حياةً فيها الإيمان والعمل الصالح ولكن الله يُجيبهم بأنَّ الزمان قد أزِف وظُلمة القبر لمن كفر بالله قد أُزلفت وبأنَّ البرزخ بعذابه وطول أمده بانتظارهم جزاءاً بما كفروا بالله وأشركوا معه، ويتبيّن من الآية الكريمة أنَّ البرزخ هو كما قُلنا بعد الموت وقبلَ البعث.